مستشار رئيس "حماس" النونو: ضغوط خارجية تُعرقل تطبيق المصالحة الفلسطينية..وسلمنا جميع أوراقنا إلى القاهرة
تاريخ النشر : 2018-01-18 00:01

أمد/ القاهرة: رأى طاهر النونو، مستشار رئيس حركة  «حماس»، أن الجهود المخلصة لمصر هى كلمة السر وراء الزخم الذى تحظى به المصالحة الفلسطينية خلال الفترة الأخيرة، معتبرا أن غياب الإرادة السياسية، والتشكيك فى النوايا، وبعض الضغوط الخارجية، تعوق تنفيذ بنود الاتفاق على الأرض.

وشدد، فى حواره مع «الدستور» المصرية، على ضرورة بذل الفصائل أكبر جهد ممكن من أجل استكمال المصالحة الوطنية الشاملة، وتوحيد الصف الفلسطينى، فى ظل تزايد المخاطر بعد قرار الرئيس الأمريكى بشأن القدس، معتبرًا أن: «الولايات المتحدة وإسرائيل ستدفعان قريبا ثمن القرار الأحمق، الهادف إلى حصول ترامب على دعم اللوبى الصهيونى فى مواجهة الضغوط الداخلية على إدارته».

■ البعض يتهم «حماس» بعرقلة المصالحة الفلسطينية.. فما تعليقك على ذلك؟

- المصالحة قرار استراتيجى بالنسبة لحركة «حماس»، ومنذ بدء الانقسام تجاوبنا مع كل الجهود الرامية لتحقيقها، وذهبنا إلى كل مكان من أجل التوصل لحل الأزمة، بل نفذنا خطوات عملية، خاصة منذ «اتفاق الشاطئ» فى ٢٠١٤، الذى تنازلنا فيه عن الحكومة بالكامل لصالح حكومة وفاق وطنى، ثم «اتفاق القاهرة» الأخير، الذى عقد فى أكتوبر الماضى، وتضمن خطوات عملية لتطبيق الاتفاق الأساسى للمصالحة، الذى وقع أيضا فى القاهرة عام ٢٠١١، وبناء على ذلك تسلمت حكومة الوفاق أعمالها فى القطاع، وتسلمت المعابر بالكامل.

■ فى تقديرك.. هل تحظى المصالحة هذه المرة بالزخم المطلوب لاستمرارها؟

- هذا صحيح، والدور المصرى هو كلمة السر لاستئناف مسار المصالحة، خاصة أننا لمسنا جدية مصرية حقيقية فى إتمامه، ورغبة صادقة فى إنهاء الانقسام وتداعياته، لذا بادرنا بالاندفاع القوى فى هذا الاتجاه، وبشكل مواز لاندفاعنا فى تقوية العلاقة مع القاهرة.

وعلى سبيل المثال، لم يكن إعلاننا عن حل «اللجنة الإدارية» فى القطاع، وفق اتفاق ثنائى مع السلطة، وإنما بالاتفاق أولا مع القاهرة، فى إطار استئناف خطواتها من أجل تحقيق المصالحة، لذا قررنا أن نعطى مصر الفرصة، وسلمناها جميع أوراقنا لإنهاء الانقسام، وبدأنا خطواتنا الأولى نحو إتمام المصالحة أثناء الحوارات مع المسئولين المصريين، وقبل بدء أى حوار مع حركة «فتح».

■ فى رأيك.. هل تجاوبت السلطة مع هذه الجهود المبذولة من جانبكم؟

- للأسف لا، وحتى الآن قيادة حركة «فتح»، وتحديدا رئيس السلطة الأخ أبومازن لم يتخذ أى خطوة فى سبيل التقدم نحو المصالحة، رغم كل ما قدمناه من إجراءات سعينا من خلالها لتحقيق نقلة نوعية نحو الشراكة السياسية، التى تعتبر مرحلة أعلى من مجرد تحقيق مصالحة سياسية.

■ هل هناك مخاوف لدى السلطة تعيق تحقيق المصالحة الشاملة؟

- المصالحة بالأساس هى لإزالة المخاوف الموجودة لدى الجميع، ولا شك أن هناك حالة من عدم الثقة بين الأطراف لا تزال موجودة، بالإضافة إلى الترقب الحذر، ومن جانبنا، حاولنا مرارا إزالة المخاوف الموجودة لدى الأخ أبومازن، والتى ندركها جيدا، ونقلنا مواقفنا منها بشكل واضح إلى مبعوثيه، وخلال اللقاءات مع «فتح»، لكن كل هذا لم يغير شيئا، وهو ما يثير شكوكنا حول جدية النوايا، والرغبة الحقيقية فى الذهاب إلى الخطوة الأخيرة من الاتفاقات الموقعة، خاصة أن اللقاءات تجرى بسلاسة كبيرة، فى ظل اقتناع الجميع بضرورة التقدم على مختلف المسارات، لكن التطبيق على الأرض يختلف تماما.

■ فى ٢١ نوفمبر الماضى التقت الفصائل فى القاهرة ودارت شائعات كثيرة حول وجود خلافات كبيرة فى الرؤية بينكم و«فتح».. فما حقيقة ذلك؟

- هذا اللقاء كان مهما جدا، وكان كاشفا لحقيقة النوايا والتوجهات، وبرزت خلاله رؤيتان للمسار القائم، إحداهما هى رؤية حركة «حماس» ومعها غالبية الفصائل، وتتمحور حول الاندفاع لتطبيق ما تبقى من بنود فى اتفاقات المصالحة، خاصة المسائل ذات البعد السياسى، من أجل إعادة صياغة المؤسسة القيادية الوطنية على قاعدة الشراكة، وتجاوز القضايا الإدارية للحكومة، وتسليمها للجان الفنية، ثم الانطلاق فى خطوات جادة نحو الانتخابات وإعادة بناء المجلس الوطنى، ومنظمة التحرير، والمصالحة المجتمعية، وهى الملفات المؤجلة من اللقاءات الثنائية السابقة.

فى المقابل، برزت رؤية مغايرة لـ«فتح»، ترى أن ما يجرى هو (استعادة غزة)، وليس اتفاقا للشراكة، وكان الهدف هو الإقصاء لا العمل المشترك، وحال هذا الموقف دون استكمال الجهود لحل باقى القضايا العالقة، لكن فى النهاية، وبعد جهود مضنية من الجميع، خاصة الأشقاء فى مصر، الذين نكن لهم كل تقدير لما بذلوه، تم إصدار بيان ختامى، تضمن حديثا واضحا عن مختلف القضايا المطلوبة، وهو إنجاز كبير، حتى وإن لم يتم تحديد جداول زمنية نهائية للتنفيذ.

■ هل تم تطبيق بنود هذا الاتفاق؟

- من جهتنا، جاء وفد حكومى إلى غزة، بالتزامن مع زيارة الوفد الأمنى المصرى إلى القطاع، عقب اجتماع الفصائل، وسارت الأمور بشكل جيد إلى حد ما، غير أن بعض القرارات التى اتخذت إثر وصول الوزراء، تضمنت استدعاء الموظفين السابقين بشكل كامل، وهو أمر غير منطقى، ويخالف الاتفاقات الموقعة، التى نصت على أن دمج الموظفين من اختصاص اللجنة الإدارية القانونية، لا الوزراء.

■ حدد الاتفاق تاريخ الأول من فبراير لحل أزمة الموظفين بشكل نهائى.. فهل سيتم ذلك؟

- نأمل أن تنتهى اللجنة الإدارية المعنية فى الوقت المحدد، لكن المؤشرات لا تدل على ذلك، فى ظل عدم التزام الحكومة بدفع رواتب الموظفين عن شهرى نوفمبر وديسمبر، حتى الآن.

■ ألا تعقد قيادات الحركتين اجتماعات دورية لتجاوز هذه العقبات؟

- آخر اجتماع حدث بين قادة «فتح» و«حماس» كان بعد يوم واحد من قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن القدس، وحضر فيه عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لـ«فتح» إلى غزة، وصرح فيه بأنه تم تمكين الحكومة بالفعل من ممارسة مهامها فى القطاع، كما أجرى رئيس الحركة إسماعيل هنية اتصالا بالرئيس عباس، وأخبره فيه أنه يجب المضى قدما فى ملف المصالحة، لأن قضية القدس لا تتحمل وجود أى انقسامات، وتضمن الاتصال توافقا فى قراءة المرحلة، وسبل مواجهتها.

■ لماذا لم يتطور الموقف إلى لقاء مباشر على مستوى القيادة بين عباس وهنية؟

- اللقاء على هذا المستوى مهم ومطلوب، لكن الأهم منه هو مخرجاته، فى ظل ارتفاع حجم التوقعات الشعبية منه، ونحن الآن فى مرحلة حساسة، تتعرض فيها القضية لخطورة حقيقية خاصة بعد قرار ترامب، لذا نحتاج إلى توافق كبير للوقوف فى وجه التحديات، وإعادة ترتيب البيت الفلسطينى، وأرى أن عقد لقاء كهذا قد يحل كثيرا من القضايا، ويؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الداخلية، كما نحتاج أيضا إلى عقد اجتماعات تضم الإطار القيادى الوطنى، وجميع أمناء الفصائل.

■ بالعودة إلى المصالحة.. ما أبرز المعوقات التى تحول دون استكمال المسار على الأرض؟

- أهمها الإرادة السياسية التى تحول دون تنفيذ الخطوات على الأرض، ونخشى أن تكون غير متوافرة حاليا، أو أن هناك ضغوطا خارجية تؤثر على المواقف، ومع ذلك لا ينبغى أن نتوقف أو نتراجع عن المسار، لأن مصلحة شعبنا تتطلب الوحدة الحقيقية، والشراكة بين الجميع، وبذل الجهود، من أجل تحقيق الأهداف، ومواجهة التحديات الخطيرة، وكلنا ثقة فى أن الجهود المصرية المخلصة لن تتوقف، وأن القاهرة ستبذل ما فى وسعها من أجل إزالة العقبات التى تعترض طريق المصالحة.

■ ما آخر التطورات فى مسألة رفع العقوبات وأزمة الكهرباء؟

- كانت الوعود من قيادة السلطة أنها سترفع العقوبات فور حل اللجنة الإدارية، لكن هذا لم يتم، ثم قمنا من جانبنا بتسليم المعابر بالكامل من أجل خلق أجواء من الثقة، لكن للأسف العقوبات والمواقف لم تتغير أيضا، بالإضافة إلى ذلك، فهناك خلاف حول عقد الانتخابات، التى يجب أن تتم بشكل ينهى الازدواجية، والانفراد بالقرار الوطنى، ونحتاج إليها حاليا لإعادة بناء القيادة على أسس ديمقراطية، تحقق مواقف فلسطينية موحدة.

■ هل هناك جديد فيما يخص قضية توحيد السلاح؟

- أولا يجب أن نفرق بين سلاح المقاومة، وهو أمر غير مطروح للنقاش طالما هناك احتلال، أما الأجهزة الأمنية وسلاحها ودورها وعملها، فهذا أمر مختلف، تحدثت عنه «اتفاقية القاهرة» بشكل شامل ومفصل، ومن المفترض تشكيل لجنة مشتركة لإعادة بناء هذه الأجهزة، وفق المنطق المهنى، لا على أسس حزبية.

■ هل هناك دور مصرى فى هذه النقطة بالتحديد؟

- مصر ستشرف على اللجنة المسئولة عن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية ودمجها، ونحن دوما نسعى إلى علاقة قوية ومتينة مع مصر، التى كان لها على مدار جميع الأنظمة أدوار مهمة، بل شديدة الأهمية، سواء فى ملف المصالحة، أو صفقة شاليط، أو دعم القضية، فمصر بذلت الدماء من أجل فلسطين، ونحن اليوم نواصل العمل من أجل تطوير هذه العلاقة، التى نعتبرها علاقة استراتيجية يجب أن تنمو باستمرار.

■ ما موقفكم من فكرة «الوطن البديل» والخطة الأمريكية لـ «توطين الفلسطينيين فى سيناء»؟

- لم يحدث قط أن ألمح أى من رؤساء مصر إلى مسألة إعادة التوطين فى سيناء، ونحن ومعنا مصر نرفض هذا الأمر رفضا تاما، كما نرفض أيضا ما يطلق عليه «الحل الأردنى»، ففلسطين هى أرض فلسطين وفقط، ولا يوجد شىء اسمه «وطن بديل».

■ ما موقف الحركة من استغلال الأنفاق فى تنفيذ العمليات الإرهابية فى سيناء؟

- نحن أدنا وندين كل أشكال الإرهاب والإجرام التى تتم، سواء تفجير مسجد الروضة أو ما قبله، وما بعده، وقلنا بوضوح إننا لن نسمح أن تكون غزة مأوى أو منطلقا لأى إنسان يحاول الإضرار بمصر وأمنها، فأمن مصر من أمننا، واستقرارها مصلحة لفلسطين وللأمة، فإذا كانت مصر قوية تكون الأمة قوية، وما أقوله ليس شعارات، وإنما جهود لقوات الأمن فى غزة، أسفرت عن سقوط شهداء، ارتقوا نتيجة محاولاتهم منع التسلل إلى مصر، واستطاعوا إحباط عدد من العمليات ضدها.

■ ألا تؤثر علاقتكم بطهران على علاقاتكم مع القاهرة؟

- نحن حريصون عل علاقة قوية ومتينة مع جميع دول المنطقة، ولا نبنى أى علاقة على حساب الأخرى، وعلاقتنا مع إيران ليست على حساب العلاقة مع مصر، فقضية فلسطين بحاجة إلى جهود الجميع، ونحن بحاجة إلى وقوف الجميع معنا، لذلك لن نكون جزءا من المحاور فى المنطقة، وكل جهودنا تصب فى مواجهة عدو واحد هو الاحتلال، لذا نسعى إلى تطوير علاقتنا مع الجميع، ونقول هذا بمنتهى الوضوح، نحن لسنا جزءا من أى خلاف بين دول الأمة، أو بين أى أطراف داخل أى دولة، بل نتمنى أن تزول كل الخلافات.

■ هل طلبت منكم القاهرة عدم التواصل مع إيران فى أى مرحلة؟

- لم تتدخل مصر إطلاقا فى علاقة «حماس» مع أى طرف عربى أو إسلامى، وهى تؤدى دورها وواجبها الوطنى والقومى تجاه القضية الفلسطينية، وتسهم فى ملفات مهمة جدا فى هذا المجال، لكنها لم تحاول مطلقا فرض رؤية أو توجهات سياسية من أى نوع، بل تساعد فقط فى إطار القضية الوطنية العامة، وقيامها بجهود معينة فى هذا الإطار لا يعنى مطلقا أنها تمارس أى ضغوط علينا.

■ لماذا غادر عدد من قادة «حماس» الدوحة عقب اندلاع الأزمة الخليجية؟

- عملية انتقال القادة والعناصر القيادية مرتبطة برؤية الحركة ومصالحها، والعلاقة مع قطر مستقرة، ولا يزال عدد كبير من قادة الحركة موجودين بها، وبغيرها من دول المنطقة، وتنقلنا من أى دولة لا يعنى أنها طالبتنا بالمغادرة، بل نحن ننسحب عندما نرى الضغوط على أى دولة كى لا نكون طرفًا فى أى نزاع، وكى لا نسبب حرجا لأحد.

■ أخيرًا.. كيف تنظر «حماس» إلى قرار ترامب بشأن القدس؟

- ترامب يحاول المحافظة على وجوده فى الحكم، وقراره جاء لاسترضاء اللوبى الصهيونى، ومواجهة أى إجراءات محتملة لعزله، لذا فهو يعمل من أجل مصلحته الخاصة، حتى لو أضر بالولايات المتحدة أبلغ الضرر، وشعبنا قال كلمته، وهذا القرار لن يمر تحت أى ظرف، فالقدس أكبر من أن يحدد ترامب أو غيره مصيرها، فدونها الرقاب والدماء، وسنثبت للعالم أن عهد الإملاءات والتبعية لأمريكا قد ولى، ونحن من سينتصر فى صراع الإرادات، وأمريكا ستدفع قريبا ثمن هذه الحماقة، أما الثمن الأكبر فسيكون من نصيب إسرائيل.