تقرير: ضعف الموقف الفلسطيني يُصعّب تطبيق قرارات "المجلس المركزي"
تاريخ النشر : 2018-01-16 15:23

أمد/ رام الله: استبعد خبراء سياسيون فلسطينيون، تطبيق قرارات المجلس المركزي الفلسطيني التابع لمنظمة الحرير الفلسطينية، في المرحلة القريبة، مرجعين ذلك إلى ضعف الموقف الفلسطيني، والضغوط التي يتعرض لها من أطراف إقليمية ودولية.

وأوضح الخبراء في أحاديث منفصلة، لوكالة "الأناضول"، أن القرارات بحاجة إلى "قوة دفع فلسطينية ودراسة جدية وعميقة لتطبيقها".

وأمس، قرر المجلس المركزي التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، تكليف "اللجنة التنفيذية" للمنظمة، بـ"تعليق الاعتراف بإسرائيل"، ردا على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.

كما قرر المجلس "وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ووقف العلاقات الاقتصادية معها، بما في ذلك اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة عام 1994".

واعتبر أن الفترة الانتقالية التي نتجت عن اتفاقية أوسلو للسلام (1993)، "لم تعد قائمة".

وقال المحلل السياسي الفلسطيني سميح شبيب، إن القرارات تركت الباب مفتوحا أمام العودة للمفاوضات مع إسرائيل، ولكنها أوضحت بشكل كامل أن مرجعية أي عملية سلام لم تعد "الرباعية الدولية ولا الولايات المتحدة الأمريكية، فهناك سعي فلسطيني جدي أن يكون هناك مرجعية دولية".

وأضاف: " من ناحية أخرى، أيضا ترك المجلس الباب مفتوحا أمام مراجعات نقدية لما تم الاتفاق عليه مع إسرائيل، أي أن هناك نوع من الانفتاح الفلسطيني للاستماع وبلورة تصورات مستقبلية".

وأشار "شبيب" إلى أن هذه القرارات "أقصى ما يمكن أن يتم اتخاذه من قبل السلطة الفلسطينية".

وعن وقف التنسيق الأمني، قال الخبير الفلسطيني: " هذه توصيات عامة، أي هناك جوانب من التنسيق الأمني لا يمكن اغفالها ولا يمكن شطبها، وتمس حياة المواطن والمسؤول وهناك تشابك اقتصادي معقد بين الفلسطينيين والإسرائيليين".

واستبعد "شبيب" وقف التنسيق الأمني، مرجعا ذلك إلى أن الظروف "غير مهيأة بعد".

وعن سحب الاعتراف بإسرائيل، قال: " تم تكليف اللجنة التنفيذية لاتخاذ القرار في الوقت المناسب، وهذا يعني مزيدا من الدراسة والمشاورات، ولا أظن أن ذلك سيطبق قريبا".

وقال: " بعد توصيات المجلس المركزي، أعتقد أن الفلسطينيين بحاجة إلى تفاعل ودراسة جديدة لما سبق أن تجاوزته إسرائيل".

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت (قرب رام الله)، جهاد حرب، إن "القرارات تحتاج إلى وقت وجهد لتنفيذها، وتحتاج لتطوير العلاقات أو فهم الوضع الإقليمي والدولي الذي لا يساعد الفلسطينيين على تنفيذ هذه القرارات".

وأضاف: " الظروف الموضوعية غير مهيأة، والظروف الذاتية غير ناضجة بعد".

وتابع: " قوة الدفع الذاتية الفلسطينية المتمثلة في المقاومة الشعبية الفلسطينية المساند للقرارات السياسية بحاجة إلى تنظيم وتطوير ووضع برنامج سياسي ميداني للتعاطي معها.

وقال: " التوجه إلى الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية مسارات مهمة، تحتاج قوة دفع فلسطينية تعزز القيادة في اتخاذ إجراءاتها دون ذلك تبقى حبرا على ورق".

وأضاف: " الحديث عن وقف التنسيق الأمني يعني إلغاء اتفاق أوسلو بمجمله، والقيادة الفلسطينية تتحدث عن التزامها بتعهداتها، فلا يمكنها وقفه".

وقال: " وقف التنسيق الأمني يعني اتخاذ قرار إسرائيلي موازي، يتمثل في وقف تحويل أموال الضرائب التي تجبيها إسرائيل عن الفلسطينيين (المقاصّة)، وهو ما سيتسبب في أزمة مالية كبيرة للحكومة الفلسطينية.

ويقصد بأموال المقاصة، هي تلك الأموال التي تجبيها إسرائيل، نيابة عن الفلسطينيين، عن السلع والخدمات الصادرة والواردة من وإلى فلسطين، عبر الحدود الدولية، والبالغ متوسط قيمتها الشهرية نحو 140 مليون دولار.

وسبق لإسرائيل أن أوقفت تحويل أموال "المقاصة"، كإجراءات عقابية للسلطة، وهو ما تسبب في أزمات مالية للحكومة الفلسطينية، وتسببت في تأخير دفع رواتب الموظفين الحكوميين.

وأشار حرب إلى أن القيادة الفلسطينية، يمكنها استخدام ورقة "وقف التنسيق الأمني"، في مراحل محددة وأوقات زمنية محددة، تقدره اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

وأشار الخبير الفلسطيني إلى أن "الاستقرار في المنطقة وتحديدا في فلسطين عامل أساسي لتوفير الدعم الدولي للفلسطينيين، ووقف التنسيق يعني حالة من عدم الاستقرار ستنعكس سلبا على الفلسطينيين".

بدوره، قال سليمان بشارات، الباحث في مركز الدراسات المعاصرة، إن توصيات المجلس المركزي "بعيدة عن الجانب التطبيقي في الوقت الحالي"، بسبب ضعف الدعم الإقليمي والدولي للفلسطينيين.

وأضاف: " في العام ٢٠١٥ أصدر ذات المجلس قرار بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، وتحديد العلاقة السياسية معها، ولم يرَ النور بعد".

واستبعد "بشارات" تطبيق قرار وقف التنسيق الأمني، لما له من تبعات على الحياة اليومية الفلسطينية، من تنقلات ومعاملات تجارية، وغيرها.

وأشار "بشارات" إلى غياب "الآليات"، التي يمكن أن يلجأ لها الفلسطينيون خلال المرحلة المقبلة سواء في تعزيز مفهوم الدولة الفلسطينية، أو آليات التعامل مع التطورات على الأرض وما قد تفرضه إسرائيل.

وقال: " الخيارات الفلسطينية ضيّقة، فقد أكد المجلس على خيار المفاوضات برعاية دولية، وهو الأمر غير الممكن حاليا، مما يعني الانتظار لأي تطورات إقليمية أو دولية قد تعمل على تحريك ملف عملية السلام".

وتابع بشارات: " يتضح من البيان الختامي أن هناك قرارا فلسطينيا اتخذ برفض صفقة القرن (الخطة الأمريكية المرتقبة للتسوية السياسية بالمنطقة)، أو على الأقل رفض ما عرض عليهم منها في الوقت الحاضر، وهو ما يعني إمكانية حدوث حالة من التصادم ما بين السلطة الفلسطينية وعدد من الأطراف العربية والإقليمية سيما الدول التي يعتقد أنها جزء من الصفقة".

ويطلق مصطلح "صفقة القرن"، على خطة تعمل الإدارة الأمريكية على صياغتها لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكنها لم تطرحها رسميا حتى الآن.