قراءة في خطاب الرئيس
تاريخ النشر : 2018-01-15 13:37

هل جاء خطاب الرئيس محمود عباس في المجلس المركزي مساء يوم الأحد 14\1\2018 على قدر التحدي المتمثل بقرار  "ترمب" اعتبار القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، وما تبعها من خطوات بقرار الليكود بضم الضفة الغربية، وقانون القدس موحدة، وقرار "غالانت" وزير إسكان الاحتلال، ببناء مليون وحدة استيطانية جديدة في مختلف مناطق الضفة!؟

من يؤيد الرئيس سيصب كل جهوده على تبيان محاسن الخطاب، لكن من يعارض الرئيس سيصب جهوده على نقاط الضعف في الخطاب، والقول أنه لم يواكب التحديات الجسام، ولم يكن على قدر اللحظة التاريخية الفارقة، لكن التحليل العلمي الهادئ والمتزن للخطاب، يوضح ويضع الأمور في نصابها الصحيح، وهو ما يصب في مصلحة الشعب الفلسطيني.

لوحظ أن الخطاب ركز كثيرا على انجازات السلطة على الصعيد الدبلوماسي والسياسي، وان هذا النهج سيبقى متواصلا، ولم يتطرق إلى الإخفاقات على الأرض مثل تداعيات الاستيطان الخطرة، وهذا الأسلوب بالمجمل العام، تستخدمه كل الأحزاب والقوى والحكومات من ناحية سياسية كونه يرفع من رصيدها لدى الجماهير، ويظهرها بمظهر الناجح .

تحدث الرئيس عن المصالحة وقال بأنها لا هي واقفة ولا هي ماشية، وهذا يشير إلى عدم القدرة لاحقا،  أو في القريب العاجل على اختراق كبير في ملف المصالحة، وهو ما يعني إحباط مؤقت في غزة تحديدا.

قراءة الرئيس للأسلوب الذي سيتم استخدامه في مقاومة الاحتلال مستقبلا والإصرار على هذا الأسلوب، وهو المقاومة الشعبية السلمية وقوله؛ إننا لا نخجل منها، تجعل من ينادي بالمقاومة المسلحة يدافع عن أسلوبه، والقول انه نجح في جنوب لبنان وفي غزة ولو بشكل أقل، فلماذا لا ينجح في الضفة!؟ وهو ما يوجد ويولد حالة من الجدال والصراع الفكري.

ركز الرئيس في بداية خطابه على غياب حماس من المشاركة في الاجتماع، مع أن حماس ليست عضوا ولا يحق لها المشاركة في اتخاذ القرارات، وتركيز الرئيس  على حماس كونها ذات وزن وثقل في الشارع، ولو حضرت لكان الأمر مختلف من ناحية مصداقية قرارات المجلس والهالة المحيطة به، ودعم كبير له، وعدم إفراغه من محتواه.

ركز الرئيس في خطابة على عدم قبول أمريكا كوسيط نزيه بعد قرار  ترمب، والبحث  عن وسطاء جدد، وهذا يشير إلى محدودية الخيارات المتاحة أمام السلطة، وهنا قد يسأل احدهم: 24 عاما من التفاوض حولت الضفة لدولة مستوطنين، فكيف بالوسيط الجديد، وكم من الوقت سيأخذ من التفاوض، وعندها لن يبقى ارض للتفاوض عليها بفعل نهم وشراهة المستوطنين الذين لا يشبعون.

قول الرئيس أن الاحتلال أنهى "اوسلو"، يشير إلى أن المجلس لن يتخذ قرار بإنهاء "اوسلو "وما ترتب عليه، فقرار إنهاء "اوسلو" يترتب عليه أمور كثيرة، وعلى ما يبدو انه لم تنضج هذه الفكرة لتبعاتها العديدة والمكلفة للبعض.

في كل الأحوال، من المفترض أن تصدر اليوم القرارات من المجلس المركزي، والتي يجب أن تكون بقدر حجم المخاطر والتحديات، وذات طابع استراتيجي ومصيري تنفذ رأسا ولا تكون كسابقتها عام 2015 حيث لم يجري تنفيذ وقف التنسيق الأمني، وإلا سيتهم المجلس المركزي  بأنه عقد لأجل العودة الى ما ثبت فشله سابقا من مفاوضات والعودة للمربع الأول؛ حول الضفة إلى دولة للمستوطنين بدل دولة فلسطينية بفعل كثافة الاستيطان.

ما لم تكن هناك نقلة نوعية، فما الجدوى من الاجتماع!؟ والنقلة النوعية تتطلب قرارات نوعية وليست عادية وروتينية، قرارت ترقى لمستوى الحدث وتواكبه، وتوظف قدرات وطاقات الشعب نحو التحرير وكنس الاحتلال على المدى القريب والبعيد.

لا شك أن أزمة النظام السياسي الفلسطيني أزمة خانقة، والطبقة التي تشكلت خلال 24 عاما من التفاوض ضمن اتفاق "اوسلو" والذي قال عنه الرئيس أن الاحتلال أنهاه بممارساته، هذه الطبقة تشكل حاجز ومانع لاتخاذ أية قرارات ذات بعد استراتيجي، وهو ما تجعلنا نتوقع أن قرارات المجلس المركزي ستكون عادية لا ترقى للمرحلة.

تحت وصف العقلانية والواقعية السياسية على ما يبدو أن المجلس المركزي يتجه ويسير نحو   التريث وعدم اتخاذا قرارات مصيرية ومفصلية نوعية وهامة، وسيتخذ قرارات مثل: دولة تحت الاحتلال، والذهاب للانضمام إلى 22 هيئة ومؤسسة دولية، وإحالة ملفات الجرائم إلى محكمة الجنايات الدولية...