عملية ميونخ والإرهاب المزعوم
تاريخ النشر : 2018-01-12 16:44

يوم أمس أطل علينا الإعلامي المصري إبراهيم عيسى عبر نافذة برنامجه "حوش عيسى" و تطرق في سياق حديثه عن الإرهاب لعملية ميونخ 1972 الفدائية واصفًا إياها بالإرهابية و منفذيها بالإرهابيين.

ردنا الموضوعي على ما صدر من ابراهيم عيسى من تجن على الحقائق و تجاهل سافر لسائر ما أرسته قواعد الشرعية الدولية بخصوص حق الشعوب في تقرير مصيرها، وذلك راجع إما لسبب اضمحلاله المعرفي في هذا الملف أو سوء نيتة المتعمدة هو الآتي :-

كونك إعلامي له حضوره في الساحة الإعلامية والشعبية لا يعني بأي صورة ملكيتك لجوامع الكلم و العلوم و المعارف بما يخولك صلاحية الإدلاء برأيك في كل شاردة و واردة فهذا سلوك أقل ما يوصف أنه غاية في الجهالة، موضوع شائك كالإرهاب اقتحامه ليس هيناً وبسيطاً، لذا وصف أي عمل أو تصرف بأنه إرهابي من عدمه ايضاً سيكون بحاجة لبحث وتمحيص في ظروف هذا العمل ودوافعه وايضاً الاحتكام لمعيار موضوعي محض وذلك باعتبار أن كلاً من الإرهاب الدولي و الأعمال المسلحة التي التي تمارسها حركات التحرر تتفقان في أن كل منهما قائم على القوة والعنف ولكن هناك حد فاصل قاطع يفصل الالتباس الحاصل بينها أولا وهو مدى شرعية استخدام القوة ، وهذا الفصل ليس مرده أهواء البشر المتغيرة والمتقلبة باعتبار أن ما بنظرك ارهاباً سيكون في نظرك غيرك ليس كذلك، باعتبار أن أي يعمل ينطوي على مظاهر القوة ستصفه تلقائياً بنظرة قاصرة للشكل"بالارهابي" ، ولكن من يرغب في الوصول للحقيقة المجردة عليه بداية أن ينحي اهواءه الشخصية جانباً و أن يهتدي بنور شعلة الموضوعية التي ستعينه على السير في طريق الظلمات، و عليه فإن المعيار الموضوعي الذي يحتكم له في وصم العمل بالارهابي من عدمه هو المواثيق الدولية وقرارت الشرعية الدولية.

ما خلصت إليه الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص عملية ميونخ 1972م هو "استحالة إدانة أعمال العنف التي تمارس بهدف الوصول إلى ممارسة الحق في تقرير المصير دون إدانة أعمال القوة والتسلط التي تمارس بهدف بهدف قهر إرادة الشعوب في تطلعها للحرية"، و أكدت مراراً وتكراراً على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بكافة الأشكال ولم تقيده بممارسة شكل بعينه.

ثم إن الاحتلال العسكري الناتج عن استخدام القوة يقابله على طول الخط حق للشعب المحتل في تقرير المصير والتحرر ايضاً باستعمال القوة ولكن الفرق هنا أن القوة ستكون هنا مصدرها الشرعية الدولية .

وكما قالوا اذا حضر التخصص حضر كلام العلماء فأن خير ما نستدل به هنا ونقتبسه ما قاله د.عبدالعزيز عبدالهادي "اللجوء للعنف الذي تستخدمه حركات التحرر الوطني التي تسعى لحصول أوطانها على الاستقلال وحق تقرير المصير هو استعمال مشروع للقوة بهدف تحقيق غايات مشروعة ومقبولة دولياً".

في نهاية الكلام إن عملية ميونخ 1972م تعتبر أحد الأساليب المشروعة في ممارسة الحق في تقرير المصير باعتبار أن الاختطاف لم يكن غاية في ذاته وإنما كان وسيلة الهدف منها الإفراج عن بعض المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي وإجباره على الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره هذا من ناحية ، وجذب انتباه الرأي العام العالمي للقضية العادلة التي يدافع عنها الخاطفين فهكذا عمليات لها القدرة على اثارة إعصار داخل الإعلام الغربي وترغمه عن التحدث عن القضية الفلسطينية ،التي القي بها في غياهب النسيان فاقتصار نطاق النضال على داخل الأرض المحتلة جعل من القضية الفلسطينية شبه معزولة عن العالم ،علاوة على انها تحمل في طياتها محاولة لاجبار المجتمع الدولي على الاهتمام بها على المستوى السياسي.