وحوش مُركّبة
تاريخ النشر : 2018-01-08 11:54

صدر عن دار طباق للنشر والتوزيع في فلسطين كتاب جديد للكاتب والشاعر المتوكل طه بعنوان "وحوش مُركّبة" ، ويضم إحدى وثلاثين قصة قصيرة ، يجمعها الهمّ الفلسطيني ، والأمل الذي ينفتق بسخونة من الجرح الذي لم يتخثّر دمه بعد. 

وقصص الكتاب انغمست كلياً في الشأن الفلسطيني ، قديمه وحديثه ، بدءاً من النكبة وما قبلها ، مروراً بمرحلة البحث عن الذات ، وصولاً إلى ما تتعرض إليه الجموع الفلسطينية ، في غير مكان ، من إجحاف وصلف وقمع وترويض ، لكنها ، أي القصص ، تنحاز إلى الكامن القوي في الفلسطيني ، وتُعلي من شأن القيم الراسخة التي تشكّل نسغاً قادراً على التصدي والبقاء . 

ويذهب الكاتب في قصصه إلى إثارة المفارقات الحارقة في حياة شعبنا ، مثلما يكثّف المواقف التي ما زال الفلسطينون يواجهونها ، وتمثّل مجمل الأسئلة الواقعية والوجودية التي تعترض مسيرتهم نحو الخلاص . 

ونرى القصص تنتمي إلى أرضها وناسها وثقافتها وحلمها ، دون ادعاء أو صناعة أو تقنيع . كما أن الحكايات الواردة في تضاعيف النصوص القصصية تحاول ، بجمالية باذخة وسلاسة ورهافة ، أن تستعيد الفضاءات الأولى التي عاشها الفلسطيني على أرضه ، قبل أن يتم اقتلاعه كرهاً من وطنه ، بفعل المجازر والمذابح والسياسات الاحتلالية الحاسمة والعنيفة .. وكأن الكاتب يحاول أن يستحضر الواقع الذي ما زال يتراءى للفلسطيني على طريق إرجاعه ، عبر هذه النوستالجيا ، التي ضمّت العروق الذهبية الفلكلورية والتراثية لشعب عريق  سيبقى في موطنه إلى أبد الداهرين . 

وبالرغم من انشغال المجموعة القصصية بالحمولة الوطنية والقضايا السياسية .. إلا أنه يذهب عميقاً في استعراض وتفكيك العديد من الظواهر الفكرية والاجتماعية التي يرى ضرورة التصدي لها ومحاكمتها ، بهدف الانتصار للإيجابي في مكوّناتنا الحضارية ، لمواجهة كل ما هو معيق ومقيت من أفكار وسلوك سائد قديم ، ونرى ذلك جلياً في العديد من القصص التي تتناول ما يتعلق بحياة المرأة الفلسطينية في الأرياف . 

والكتاب الذي جاء في أكثر من مئتي وخمس عشرة صفحة من القطع المتوسط قد صمم غلافه الفنان أيمن حرب ، وهو الكتاب الخمسون الذي يصدر للكاتب الفلسطيني المتوكل طه .

 و" وحوش مُركّبة " هو فاتحة إصدارات دار طباق للنشر والتوزيع في مدينة البيرة ، وهي مؤسسة ناهضة تسعى لتأسيس فضاء مختلف ومتميز لطباعة كلّ ما هو حداثي ولافت ، مثلما وضعت رؤية منفتحة وحصيفة ستكون معها رافعةً للقراءة وتعميم الإبداع في الداخل والخارج .