ذكرى استشهاد القادة الثلاثة (أبو يوسف النجار والكمالين)
تاريخ النشر : 2014-04-09 00:17

لقد مضى القادة الثلاثة في موكب الخلود ، جيل من القادة الذين عز نظيرهم وباستشهادهم قدمت فتح والثورة الفلسطينية أروع صفحات الفخر والغار، حيث مضوا في ركب الشهادة وفي صفوفها الأولى.
ففتح لم تكن في يوم من الأيام طرفاً في نزاع ديني أو عقائدي أو سياسي لأي جهة كانت، ولكنها كانت حركة الشعب العربي الفلسطيني كله مجتمعاً، للنضال من أجل حريته واستقلال وطنه، هكذا كانت فتح وستبقى.
ففي العاشر من شهر إبريل ليلة الحادي عشر عام 1973م توجهت مجموعة من القوات الخاصة الإسرائيلية إلى بيروت وتمكنت من اغتيال ثلاثة من كبار قادة المقاومة الفلسطينية وهم القائد/ محمد يوسف النجار (أبو يوسف) عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الدائرة السياسية فيها ورئيس اللجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان.
القائد/كمال عدوان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والمسئول عن العمل في الوطن المحتل (القطاع العربي)
القائد/ كمال ناصر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والناطق الرسمي باسم الثورة الفلسطينية ورئيس دائرة الإعلام والتوجيه القومي فيها، ورئيس تحرير مجلة فلسطين الثورة.
حيث بدأ الهجوم فجر الثلاثاء الحادي عشر من نيسان 1973م لتنفيذ عملية الاغتيال بحق هؤلاء القادة، حيث شاركت في هذه العملية وحدات عسكرية إسرائيلية منتقاة من النخبة من قوات الكوماندوز البحري وقوات المظلات، وزعت هذه القوات إلى ثلاث مجموعات حسب الهدف المقرر لها وهو مساكن القادة الثلاثة في شارع فردان في العاصمة اللبنانية، وبعض المؤسسات الفلسطينية الأخرى، هاجمت هذه المجموعات منازل القادة الثلاثة بعد إطلاق نار كثيف عليهم في منازلهم بعد قتل حراساتهم، هكذا سقط الشهداء الثلاثة، أبو يوسف النجار، وكمال عدوان، وكمال ناصر، بالإضافة غلى استشهاد أربعة عشر شخصاً .
جاءت هذه العملية من حيث التوقيت بعد قيام أفراد من منظمة أيلول الأسود ليل الخامس من سبتمبر-أيلول- عام 1972 بمهاجمة الفريق الرياضي الإسرائيلي المشارك في الألعاب الأولمبية في ميونخ بألمانيا، حيث هددت رئيسة الوزراء الإسرائيلي آنذاك (غولدامائير) قيادة فتح و(م.ت.ف) بالانتقام، الأمر الذي ترك ظلالاً ثقيلة في لبنان.
فمن هم الشهداء القادة الثلاثة:
أولا: الشهيد القائد/ محمد يوسف النجار (أبو يوسف)
من مواليد قرية يبنا قضاء الرملة عام 1930، وعندما حلت نكبة عام 1948م لجأ مع أسرته إلى قطاع غزة واستقر به المطاف في مخيم رفح للاجئين حيث عمل موظفاً في مركز الخدمات الاجتماعية بوكالة غوث اللاجئين، ثم مدرساً حتى عام 1955م، عرف عن أبو يوسف بمواقفه الوطنية حيث قاد إحدى المظاهرات عام 1954م وطالب فيها بالتجنيد الاجباري للشبان الفلسطينيين، لذلك تم اعتقاله لمدة أربعة أشهر، واعتقل مرة ثانية في مارس عام 1955م لقيادته إحدى المظاهرات احتجاجاً على مشروع التوطين في شمال سيناء، وأودع سجن القناطر الخيرية حتى مارس عام 1957 لينتقل بعدها إلى قطر للعمل في دائرة المعارف حيث تعرف هناك على كل من كمال عدوان ومحمود عباس وغالب الوزير ورفيق النتشه وعبدالله الدنان، وبدأ في إنشاء تنظيم فلسطيني هدفه تحرير فلسطين.
كان أبو يوسف النجار عضواً في لجنة دولة قطر إلى الأقطار العربية لاختيار المدرسين للعمل في قطر، واستخدم أبو يوسف هذا الموقع في العمل السياسي والتنظيمي وبخاصة أثناء زياراته لمدن الضفة الغربية وقطاع غزة، وبذلك يكون أبو يوسف من الرواد الأوائل لحركة فتح في قطر منذ أوائل عام 1960م
اختير عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح منذ العام 1963م واستمر فيها حتى استشهاده عام 1973م وقد شغل منصب المفوض المالي وأسندت إليه القيادة العامة لقوات العاصفة وقيادة عملية الانطلاقة في 1/1/1965م
تفرغ أبو يوسف النجار في صيف عام 1967م وأشرف لفترة قصيرة على الجهاز المالي لحركة فتح، وانتخب في الدورة الخامسة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني (القاهرة 1-4-1969) عضوا في اللجنة التنفيذية عن حركة فتح ورئيسا للدائرة السياسية فيها واستمر في هذا المنصب حتى تاريخ استشهاده في 10/4/1973م في عملية فردان في بيروت.
كان كذلك رئيساً للجنة السياسية العليا للفلسطينيين في لبنان.
شارك أبو يوسف في الكثير من المؤتمرات والندوات الدولية والعربية وكان آخرها مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية في بنغازي (24-26/3/1973م) حيث كان رئيساً لوفد فلسطين.
استشهد وزوجته أم يوسف في عملية فردان والتي راح ضحيتها أيضاً كمال عدوان، وكمال ناصر.
ثانيا: الشهيد القائد/ أحمد كمال عبد الحفيظ عدوان/ أبو رامي.
من مواليد قرية بربرة عام 1935م وكان والده مقاولاً ومن وجهاء القرية حيث لجأت العائلة إلى قطاع غزة أثناء نكبة عام 1948م حيث أكمل دراسته الإعدادية والثانوية في مدارسها ومن ثم التحق كمال عدوان بجامعة القاهرة عام 1954م في كلية الهندسة تخصص (بترول ومعادن) لقد نشأت فكرة الكفاح المسلح عند كمال عدوان منذ ذلك الوقت حيث تعرف في تلك الفترة على كل من خليل الوزير وحمد العايدي وعبدالله صيام .
شارك كمال عدوان في المؤتمر التحضيري الأول لمؤسسي فتح في آذار عام 1956م بالقاهرة والذي تقرر فيه تأجيل الإعلان عن التنظيم إلى عام قادم، وبعد عودة الإدارة المصرية إلى قطاع غزة عام 1957م وجلاء الاحتلال الإسرائيلي عنها، التقت نواة فتح في مؤتمر تحضيري ثاني بغزة، وفي نفس العام سافر إلى قطر قبل أن ينهي دراسته الجامعية، حيث تعرف هناك على كل من محمود عباس، عبدالله الرنان، محمد يوسف النجار.
في عام 1958م عمل في حقل البترول مع شركة أرامكو كمتدرب، وأثناء ذلك شارك بوضع ميثاق فتح في أيلول/سبتمبر عام 1958م مع كل من عبد الفتاح حمود، وياسر عرفات، وخليل الوزير، وسعيد المسحال وعادل ياسين ومحمود عباس وكان له دور طليعي في إرساء مبادئ حركة فتح.
في العام 1961م، انتقل إلى قطر للعمل كمهندس بترول بعد أن كان قد تخرج من الجامعة وشارك في دورة المجلس الوطني الفلسطيني الأولى التي عقدت في القدس بتاريخ(28/5-2/6/1964م).
في شهر أيلول عام 1968م ترك عمله في قطر وتفرغ للعمل في حركة فتح كمسؤولاً للإعلام، واتخذ من مدينة عمان مقراً له واستطاع أن يقيم جهازاً إعلامياً متطوراً ، له صحيفته، وعلاقاته على الصعيدين الاعلامي العربي والدولي، كما شارك في تأسيس وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
انتخب عضواً في اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمرها الثالث الذي عقد في سوريا في شهر أيلول/ سبتمبر عام 1971م، وأوكلت إليه مسئولية قطاع الأرض المحتلة (القطاع العربي) والأشراف على النضال والعمل العسكري في الداخل.
اختير عضواً في اللجنة التحضيرية لاختيار أعضاء المؤتمر الشعبي الفلسطيني الذي عقد في القاهرة في شهر مارس عام 1972م
استشهد بتاريخ 10/4/1973م في منزله الكائن في منطقة فردان في بيروات حيث تم اغتياله على يد قوة إسرائيلية واستشهد كذلك كل من أبو يوسف النجار، وكمال ناصر.
ثالثا: القائد الشهيد/ كمال بطرس إبراهيم يعقوب ناصر.
مناضل سياسي وشاعر فلسطيني ولد في بيرزيت قضاء القدس عام 1924م، وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في كليتها، وفي عام 1945م نال شهادة البكالوريوس في الادب والعلوم من الجامعة الأمريكية ببيروت، وعاد إلى فلسطين حيث عمل مدرساً للأدب العربي في مدرسة صهيون بالقدس، ثم درس الحقوق في معهد الحقوق الفلسطيني وعين عام 1947م أستاذاً للأدب العربي في الكلية الأهلية برام الله .
أصدر مع زملاءه بعد النكبة عام 1948م جريدة البعث في رام الله وفي عام 1949م أصدر مجلة الجيل الجديد في القدس.
انتسب كمال ناصر إلى حزب البعث العربي الاشتراكي عام 1952م وبعد فترة قصيرة غادر الأردن إلى الكويت، ثم عاد إلى القدس عام 1956م، وخاض الانتخابات النيابية ممثلاً لحزب البعث عن رام الله، فنجح فيها وأصبح عضواً في مجلس النواب الأردني، غادر الأردن إلى سوريا إثر حل البرلمان الأردني واستقالة حكومة سليمان النابلسي.
حضر كمال ناصر مؤتمر السلم العالمي الذي عقد في موسكو عام 1961م وفي عام 1956م زار باريس ضمن وفد سياسي عربي لشرح أبعاد القضية الفلسطينية للرأي العام الفرنسي.
بعد سقوط القدس عام 1967م في يد قوات الاحتلال الإسرائيلي آخذ كمال ناصر يناضل ضد الاحتلال فاعتقلته السلطات العسكرية الإسرائيلية وأودع سجن رام الله ثم نفته خارج الوطن.
انتخب عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شباط عام 1969م وتولى رئاسة دائرة الإعلام والتوجيه القومي فيها، وأصبح الناطق الرسمي باسمها.
استشهد كمال ناصر في 10/4/1973م مع رفيقيه كمال عدوان وأبو يوسف النجار اثر الغارة الاسرائيلية على منازلهم في منطقة فردان في بيروت.
ترك كمال ناصر مجموعة كبيرة من الكتابات والأعمال الشعرية وأهم مآثره النثرية افتتاحيات مجلة (فلسطين الثورة) المجلة الرسمية الناطقة باسم منظمة التحرير الفلسطينية، كما تولى رئاسة تحريرها منذ إصدارها في حزيران عام 1972م حتى تاريخ استشهاده.
تبنى كمال ناصر شعار الوحدة الوطنية الفلسطينية ووحدة القوى الثورية الفلسطينية ومارسه قولاً وفعلاً أثناء رئاسته لدائرة الإعلام والتوجيه القومي في منظمة التحرير الفلسطينية.
كان يؤمن إيماناً قاطعاً بأن القضية الفلسطينية هي محور التاريخ العربي المعاصر، كما كان يؤمن باستمرار الثورة الفلسطينية ويقدس مقاتليها حملة السلاح.
واليوم وبعد مرور إحدى وأربعون عاماً على استشهاد أولئك القادة الثلاثة، وبعد كل ذلك تبقى هذه المسيرة الخاصة بأولئك الشهداء القادة جزءاً لا ينفصم من مسيرة ثورتنا الفلسطينية العظيمة.
فأن هؤلاء الرواد الأوائل هم الذين أعطوا حياتهم كي يرتفع بنيان الثورة، وهم الذين شقوا الطريق الثوري بدمائهم الزكية، فلهم الرحمة الواسعة من عند الله تعالى ، ونحتسبهم شهداء بإذن الله تعالى.
رحم الله الشهداء وأسكنهم فسيح جناته
المصادر :
1. الموسوعة الفلسطينية – المجلد الثالث – الطبعة الأولى 1984م
2. د. عصام عدوان – حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح- (1958-1968)
وزارة الإعلام- الكتاب الأول – 2005.
3. موسوعة المصطلحات والمفاهيم الفلسطينية – تحرير د. محمد اشتية-المركز الفلسطيني للدراسات الإقليمية رام الله-2009م بقلم توفيق أبو بكر(عملية فردان)
4. د. محمد حمزة – أبو جهاد – أسرار بداياته وأسباب اغتياله- المؤسسة العربية للناشرين– صفاقس – تونس – 1989م