اغتيال الانتفاضة بالعمل المسلح
تاريخ النشر : 2017-12-31 14:08

م تتردد عميرة هيس الكاتبة الصحفية الاسرائيلية، صديقة الشعب الفلسطيني بلا تردد، والمعارضة القوية بلا خوف للصهيونية وللاحتلال ولسياسات حكومات المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلية، لم تتردد من موقع صداقتها تحذير مناضلي الشعب الفلسطيني من الوقوع في فخ العمل المسلح الذي يقوم به بعض الفلسطينيين، باندفاع ضد الاحتلال ومؤسساته ومظاهره، وهم لا يدرون أنهم يذهبون الى فخ أعدائهم بقوة الاخلاص والرغبة للتخلص من الاحتلال وظلمه وجرائمه، وأنهم مثل اللاعب المستجد الذي يصعد الى الحلبة لمنافسة لاعب متفوق لتحديه ومنازلته، فتكون النتيجة محسومة لصالح المتفوق وهزيمة بائنة فاقعة للاعب المستجد.
المشروع الاستعماري التوسعي الاسرائيلي يملك قدرات تفوقه العسكري والتكنولوجي والاستخباري عبر التقنية المتقدمة السايبر، وها هو أخيراً توصل الى امتلاك قدرات لجعل الصواريخ المنطلقة من غزة باتجاه مناطق 48 فاقدة لقيمتها عبر رصدها وتفجير 90 بالمائة منها قبل أن تصل لأهدافها بواسطة “ القبة الحديدية “، وهي حصيلة تعاون تقني وتكنولوجي أمريكي مع تل ابيب، كما حقق تقنية استشعارات متقدمة تكشف عمليات العمل في باطن الأرض لحفر الأنفاق، ما يدلل على أن مقارعة العدو بواسطة العمل المسلح وأدواته لا فائدة مرجوة منها، ما يفرض البحث عن أدوات أخرى أكثر نجاعة وتأثيراً على العدو من العمل المسلح، فالعمل المسلح ليس عنواناً أو قضية مبدئية تحتاج للنقاش حول أهميتها من عدمه؛ لأن النقاش يجب أن ينصب عن مدى فائدة هذا العمل، وهل يحقق النتائج المطلوبة لجعل كلفة الاحتلال باهظة، وكلفة التضحيات الفلسطينية أقل كلفة من خسائر العدو، وليس العكس، فاذا كانت خسائر المناضلين باهظة بشرياً ومادياً، يستوجب على قادة فصائل المقاومة البحث عن أدوات ناجعة أفضل وأقل كلفة، وأن تهدف الى جعل الاحتلال مكلفاً ومحاصراً وذليلاً ومعزولاً، ويُسهم في تراجع التعاون والتضامن والتعاطف الدولي عن مشروعه الاستعماري، بل البحث عن أدوات عمل تجعل من التعاطف العالمي والاسناد الأممي لقضية الشعب الفلسطيني العادلة أكثر انحيازاً ودعماً، من خلال عدم تورط مناضليها بأي عمل يحمل شبهة التطرف أو الارهاب، وأن تكون نتيجته مفيدة ضد الاحتلال، بينما تتسع دائرته لجعل كل الشعب بكافة شرائحه وطبقاته وتنوعاته تنصهر في العمل المنظم المنهجي كلا حسب طاقته وقدرته في أتون ثورة النضال المجتمعي الشعبي الفلسطيني برمته في مواجهة الاحتلال. 
تقول عميرة هيس في مقالتها المعنونة “ الملوحون بالكلاشينكوف “ والمنشورة يوم 12/12/2017، على صفحات هآرتس العبرية تقول “ الحرب يمكنها أن تُفيد السياسيين والجنرالات الاسرائيليين، والصناعات العسكرية الاسرائيلية، وليس الفلسطينيين أو وطنهم “، وتستخلص عميرة هيس التي تسكن مع الفلسطينيين في رام الله، وكانت تقيم في غزة سابقاً تعبيراً عن تضامنها وانحيازها للشعب الفلسطيني، لتكتب عن تفاصيل معاناتهم، لا يتفوق عليها أحد سوى زميلها ورفيقها جدعون ليفي المطارد بتهمة خيانة اسرائيل لوقوفه وتضامنه مع الشعب الفلسطيني، تستخلص عميرة هيس “ الحروب الاسرائيلية دائماً تفيد من يؤيدون الترحيل، سواء الصغار منهم أو الكبار، هناك مشكلات لنتنياهو يمكن للحرب أن تقوم بدفنها “ ولذلك يفكرون بـ “ عملية واسعة في غزة، أو فصل الجيوب الفلسطينية عن بعضها في الضفة، باعتبارها وصفات ممتازة لتسهيل الاستيطان وخدمة للبيت اليهودي “ . 
وتدلل عميرة هيس اعتماداً على شواهد حسية من العمل المسلح قامت به بعض فصائل المقاومة بعد العام 1994 بقولها “ الخيار العسكري المسلح التي تم اختيارها في فترات مختلفة من بعض الفلسطينيين منذ العام 1994، ساعدت اسرائيل على تطبيق برامجها لتقسيم المنطقة الفلسطينية، وهذا يمثل عدم مسؤولية وطنية “ وتتابع قولها “ الحلم بنضال ناجح للفلسطينيين من خلال سلاح بدائي، من دون قيادة موحدة، وخطة سياسية واحدة، في مواجهة دولة عسكرية منظمة وجاهزة متفوقة “ نضال انتحاري بلا نتائج، وبلا انتصار، ولذلك تنصح الشعب الفلسطيني وقياداته وفصائله قولها “ محظور اعطاء ائتلاف اليمين الاسرائيلي متعة حرب أخرى “ ضد الشعب الفلسطيني كما حصل في حروبهم العدوانية على غزة لثلاث مرات 2008 و 2012 و 2014 . 
عميرة هيس تريد أن تقول لفلسطينيي الضفة والقدس والقطاع محظور عليكم مناطحة الثور بقرونه، محظور أن تصعدوا الى الحلبة أمام خصم متفوق، محظور أن تنافسوه في التفوق، بل عليكم بالنضال الشعبي، من قبل كل الشعب، عبر عمل شعبي منظم تقوده فصائل العمل الكفاحي فتح وحماس والشعبية والجهاد والديمقراطية وباقي الفصائل والأحزاب والتنظيمات، على قاعدة برنامج سياسي مشترك من قبل الجميع، ومؤسسة تمثيلية موحدة بمشاركة الجميع، وعبر استعمال أدوات كفاحية مناسبة يتم اختيارها من قبل الفصائل تتفق وقدراتهم، والفرص المتاحة أمامهم، ولجعل الاحتلال منبوذاً متطرفاً يُوصم بالعار والعداء للانسان، كي تدفع المجتمع الدولي بأسره أن يقف مع الشعب الفلسطيني، ومع قضيته العادلة، ونضاله المشروع لاستعادة كامل حقوقه غير المنقوصة على أرض وطنه. 
عميرة هيس تقول هذا الكلام من موقع معرفتها الأكيدة لمنطق ومصلحة وسياسات الاحتلال وحكوماته المتعاقبة وخاصة حكومة نتنياهو الأكثر عنصرية وتطرفاً وعدائية للشعب الفلسطيني، مثلما تقول هذا الكلام من موقع انحيازها لنضال الشعب الفلسطيني ودعمها له ورهانها عليه في صنع مستقبل خيّر يقوم على المساواة والندية والكرامة لكلا الشعبين على الأرض الواحدة.