مسؤولية لجنة الحوار مع حماس
تاريخ النشر : 2014-04-07 16:33

مسؤولية وطنية جمة تقع على عاتق اللجنة الوطنية الفلسطينية للحوار مع حركة حماس، والتي أقر تشكيلها الرئيس، محمود عباس، الأسبوع الماضي، لمواجهة مأزق فشل المفاوضات مع إسرائيل، وعدم إفراج الأخيرة عن دفعة رابعة من الأسرى. ومن المقرر أن تصل اللجنة إلى غزة الأسبوع الجاري، من أجل العمل على إنهاء الانقسام الجغرافي والسياسي، وإنجاز المصالحة بين "فتح" و"حماس".

في التحدي الذي يواجه عباس، بعدما اشتد الخناق عليه في المفاوضات المستعصية مع إسرائيل والضغوط الأميركية، وفي الحصار الطويل المفروض على غزة، يصير مطلوباً، وملحاً، العمل مع الجميع الفلسطيني، ضمن شراكةٍ وطنيةٍ في إطار واحد، ودولةٍ واحدة، وإنهاء الاستفراد بالحكم بين قطاعي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتأكيد أن الوحدة الوطنية هي ضمانة إنجاز المشروع الوطني الفلسطيني.

تضم اللجنة التي شكلها عباس، وهو رئيس حركة فتح، أمين حزب الشعب الفلسطيني بسام الصالحي، والأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية جميل شحادة، الأمين العام ورئيس تجمع الشخصيات المستقلة منيب المصري، والأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، بالإضافة إلى عضو مركزية فتح عزام الأحمد. وتقع على عاتق هذه اللجنة مسؤولية وطنية، يجب إنجاحها هذه المرة، ولا يكون ذلك إلا إذا تحدثت باسم الشعب الفلسطيني، ورغبته بإنهاء الانقسام من دون شروط. بل يجب أن تلعب دور الوسيط في حث الطرفين الفتحاوي والحمساوي على تقديم تنازلات من أجل الوصول إلى نقطة التقاء تنهي أزمة الانقسام، ولتصل إلى حلٍّ وسط، ينهي سبع سنوات دامية، في عمر القضية الفلسطينية، ومن رصيد شعبها.

المصالحة في هذه المرحلة من تاريخ القضية الفلسطينية ضرورة، تتمثل في رص الصفوف في مواجهة التحديات الكبرى أمام المشروع الوطني الفلسطيني، وإذا ما استمر حال الانقسام أكثر، فإن عواصف عاتية ستهب على كل فلسطين، وسيكون الثمن على حساب القضية الفلسطينية، ولن يكون هناك رابح، لا حركة فتح ولا حركة حماس، والرابح فقط هو الاحتلال. وهذا هو الرئيس عباس في موقف لا يُحسد عليه، والضغوط المحيطة به وعليه كثيرة، وتعاني "حماس" تحت الحصار منذ سنوات، وفي وضع لا تُحسد عليه.

لتبادر اللجنة الوطنية للحوار، وهي تضم شخصيات لها اعتبارها وقبولها داخل أوساط حركة حماس، إلى الدور المطلوب منها بكفاءة وشجاعة، ولتتحدث باسم الوطن، ولتضغط على الطرفين من أجل تطبيق بنود الاتفاق الذي وقعت عليه، في القاهرة، كل الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركتا فتح وحماس قبل عامين. لتشحن العزيمة والإرادة، وليس بالقول فقط، لإنهاء الانقسام، ولو حتى بالإكراه، بل على هذه الشخصيات، والتي تُمثل تنظيمات فلسطينية، وتجمع شخصيات مستقلة، إطلاق نداء إلى كل الشعب في الضفة والقطاع، للخروج معاً لترديد عبارات إسقاط الانقسام، لإجبار الإخوة المتخاصمين على المصالحة.

في البعد الوطني، نتجاوز كل المصالح التنظيمية والحزبية، بل نأتي على جراحنا نصرة للوطن. وفي ما يخص القضية الفلسطينية تسقط كل الحسابات، وتشحن الهمم، لمواجهة كل التحديات بلحمة أبنائها وتكاتفهم، وتوحيد هدفهم، وهو نصرة فلسطين.

الرئيس عباس في محنة كبيرة، ويحتاج إلى التفاف الشعب الفلسطيني حوله، وتقويته أمام التعنت الإسرائيلي والضغط الأميركي، وما ينتظره أكبر من عقوبات إسرائيلية، باسم القضية والشعب الفلسطيني، على خلفية انهيار المفاوضات. وتتطلب الشهامة الوطنية منا جميعاً الالتفاف لنصرته بكل أطياف الشعب الفلسطيني، من دون أية اعتبارات وحسابات، وحماس، أيضاً، في محنة، ولا يجوز تركها، وكأن غزة ليست جزءاً من الوطن.

آن الاوان لنضع المساومات والمناكفات والشروط جانباً، ونبدأ بتسوية الأمر الأهم، أي إنهاء الانقسام، ولتبدأ حركتا فتح وحماس في تنفيذ الاتفاقيات وبنودها. وتغليب الحس الوطني، ووضع القضية في مقدمة المصالح الحزبية والتنظيمية، حتماً سيُمكن الشعب الفلسطيني من اجتياز هذه المحنة، وهو الأمر الملح. الشعب الفلسطيني واجه الاحتلال على مدار ستة عقود ونيف، وكان له بالمرصاد، كما تعود دائماً ولم يمل، لكنه لا يحتمل شرخ البيت الفلسطيني أكثر من سبع سنوات، فقد دفع ثمن ذلك ما يكفي من عزيمته وقوته وصموده.

وإذا كان عباس قد أعلن عن رغبته بالعودة إلى حضن البيت الفلسطيني، فقد تجاوبت حماس بإعلان التزامها بكل بنود اتفاق المصالحة، الموقع في القاهرة وبتفاصيله كلها، وهنا، يتوجب على اللجنة الوطنية والفصائل الفلسطينية مراقبة التطبيق، ولتكون هذه بداية إنهاء الانقسام. وبإنجاز المصالحة، نقف سداً منيعاً أمام التعنت الإسرائيلي، ولا نسمح باستفراد الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل بالرئيس عباس، ونحسن من شروط التفاوض مع الاحتلال، ونزيد من سقف المطالب الفلسطينية. ولا يجوز لأي سبب ترك عباس وحيداً في مواجهةٍ مع الاحتلال، مهما كانت المآخذ عليه من معارضيه، كما لا نسمح للاحتلال بالاستفراد بغزة، فلذه كبد فلسطين، منبع المقاومة والتضحات والنضال.

على اللجنة الوطنية التي تحظى بقبول الجانبين، "فتح" و"حماس"، أن تسلح نفسها بمطالب الشعب وبمصلحة الوطن، وأن تفرض حضورها عليهما، وأن تضع شروطها على غزة ورام الله، لتنهي كابوساً طال أمده، ودفع ثمنه كل الشعب الفلسطيني، بل أخذ ما يكفيه من الوقت.