اختاروا ... لا تحتاروا ... حتى لا تنهاروا !!!
تاريخ النشر : 2017-11-29 11:28

 

قد يستغرب البعض من اختياري مثل هذا العنوان ... لكنني قد اخترت عنواني بمقالتي ... لأنني ارسم خارطة تاريخ مضى ... وواقع قائم ... ومستقبل مجهول .
ارى في نفسي وبحكم عمري وخبرتي ... أن الامور ليست على ما يرام ... ولا استطيع ان اقول بأنه ليس بالامكان احسن مما كان ... ولكنني بامكاني ان اقول ان المقدمات الصحيحة ... تؤدي الي نتائج صحيحة ... وان العكس صحيح .
الاختيار ليست موضوعا سهلا ... ومتاحا بكافة الاوقات ... وبكافة الازمنة ... والامكنة ... بل ليس سهلا بكافة المحطات والمنعطفات ... الاختيار نتاج تجربة طويلة وغنية ومتراكمة ... نتاج فكر مستمر ومتواصل نتاج حالة انسانية وطنية ثقافية عبر سنوات طويلة ... تولد فكرا ناضجا ... قادرا على الاختيار ... تجربتنا الانسانية والوطنية تؤكد ان الاختيار ليس مسألة سهلة ... وأن التسرع فيها يوقعنا بأخطاء جسيمة وبنتائج وخيمة ... ولأجل ذلك يجب ان يكون الاختيار دقيقا ... ووفق حسابات أدق ... وفي اطار فكر متوازن ... وايمان عميق ... نجمع فيه كافة الطاقات ومقومات القوة التي نمتلكها ... حتى يمكن لنا أن نصل الى مرحلة الاختيار .
الاختيار حالة فكرية ... ثقافية ... وطنية ... سياسية ... حالة نضوج وقدرة وتراكمات تجربة ... واستخلاصات مرحلة .... نستطيع من خلالها ان نحدد خياراتنا ... وعدم العبث بأحوالنا ... وحتى نمتلك قدرة الاختيار وبطبيعه الحال المتاح والمناسب والملائم ... وفق المناخ والبيئة وعوامل القوة وحالات الضعف .... وحتى نكون قادرين على تنفيذ هذا الاختيار وتعزيز مقومات قوته ... وقدرته على أن يكون أمرا واقعا .
وكما يقال من يمتلك فهم وقدرة السؤال ... يكون بامكانه امتلاك صحة الجواب ... لكن الواقع وقد أكد ان هناك جهلا كبيرا بعدم قدرة امتلاك السؤال ... وما سوف ينتج عنه من غياب الجواب ... ربما يعتقد البعض بأن هذا اسلوبا فلسفيا فكريا ... لا يؤدي الى نتيجة عمليه تتناسب مع واقع غير فلسفي ... لفكر او لافكار لا علاقة لها بالفلسفة وعلم المنطق ... وحتى علم النفس ... وبالتالي يكون البعض غير قادر على الاختيار ... وربما يرى البعض في الطرح بساطه متناهية وبمتناول فكر الجميع ... وأيدي الكثيرين ... الا ان المسألة اصعب مما يتصور الكثيرين ... لان هناك من الاختيارات التي فشلت بمهدها .... وربما فشلت بعد سنوات وعقود ... كما ان هناك من الاختيارات التي لا زالت تطاحن الزمن .... وتعاند الواقع ... وتجري بعكس التيار خوفا من رياح عاتية ... وعواصف قادمه ... قد تأكل الاخضر واليابس ... وعندها لن يكون بامكاننا الاختيار ... ولا حتى مجرد التفكير ... بل سنكون تحت ضغط الواقع وافرازاته ... وتحت ضغط الحالة ونتائجها .
ليبقى السؤال نختار... ام نبقى دون اختيار ؟! 
أن نختار بطبيعة الحال أفضل بكثير من ان نكون دون اختيار... لكن المسالة ليست مرتبطة بالاختيار فقط ... بل مرتبطة بالاساس بمدى العمل .... والتخطيط ... وتسخير الطاقات ... واستنهاض الامكانيات من اجل ان يكون الاختيار أمرا واقعا ... وتجربة يمكن البناء عليها وتنامي قدراتها ... والاستفادة من نتائجها .
الواقع أن هناك بعض من الاختيارات التي لا نجيدها ... بل يعتريها القصور الواضح ... وعدم الاهتمام البين ... مما أدخلنا بحالة خلاف يمنع بيننا وبين الوصول حتى الى نقطة الاختيار الصائب ... لاننا لم نصل بعد الى حالة الاجتماع والتوافق والانسجام حول أي اختيار ... فاذا كنا لا نجمع على الاختيار ... فكيف يمكن لنا ان نحققه ؟! 
يغلب علينا الحيرة ... وحالة التردد ... وما يحيطنا ويتداخلنا من شكوك ... وحالة عدم اليقين ... نحتار بحالنا ... ولا نعرف من أين نبدأ ... والى اين الانتهاء ؟! .
حالة من التردد .... والحيرة ... والتي تزيد من الضعف ... ولا تعزز القوة ... تزيد من الارباك ... ولا توفر التوازن ... تزيد من التخبط وعدم المقدرة على الثبات ... بل عدم القدرة على التأثير والانجاز .
الشعوب عبر التاريخ والتي عاشت مراحل الحيرة والتردد ... بعد ان فشلت باختياراتها ... اصيبت بالتراجع ... وبالفشل ... وبعثرات الزمن ... وتنازلت الى حد الاستسلام ... لما اصابها من ضعف ووهن .
لذا يجب علينا ان نحسن الاختيار ... وان لا نرضى لانفسنا بحالة التردد وعدم التوازن ... لاننا اذا لم نمتلك قدرة الاختيار الصحيح ... وأبقينا على حالة الحيرة والتردد ... ستكون النتائج بالنسبة لنا وخيمة ... وأكثر صعوبة ... مما نتصور بل اقولها وبصراحة ... وبطبيعة الحال لا اتمنى أننا سنكون بعالم الماضي ... ولن نكون بعالم الحاضر .. وبالتالي سيكون المستقبل بعيدا عن متناول ايدينا .
سندخل الى مرحلة أخيرة ... ونهائية ... وبطبيعة الحال لا نتمناها ولا نسعى اليها ... ونقف ضد كل من يريد ان يوصلنا اليها ... حالة التهاوي ... والانهيار ... بمنظومة حياتنا وبمستقبل اجيالنا ... وبحال السياسة في بلادنا ... والوطنية بفكرنا ... وهذه اصعب المراحل واخطرها على واقعنا كما على تاريخنا ... وبالتاكيد على مستقبلنا .
نحن امام مفترق طرق ... ولم يعد امامنا الكثير من الخيارات ... بل تزداد الامور صعوبة وتعقيدا ... واصبحنا أمام العدد الاقل ... من تلك الاختيارات ... لكننا امام العدد الاكبر والمساحة الاوسع من الحيرة والتردد ... حتى اصبحنا على وشك الاقتراب من حفرة الانهيار... والتي لا سمح الله ... لو وصلنا اليها ... لن يكون بعدها حديث ... ولن يكون بعدها حوار ... ولن يكون بعدها مؤتمرات صحفية ... ولا تصريحات عنترية .. ولا فزلكات كلامية ولا حتى مانشتات صحفية ... ولا فلسفات فكرية ... سنكون اقرب من الجثة الهامده ... الذي اصابها المرض (لا سمح الله) ونكون قد فقدنا الكثير من مقومات القوة التي ستبقى علينا ... ودخلنا بدهاليز الضعف ... الذي سيقضي علينا .... وعلينا الاختيار .