في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني كيف نجعله زاعما قضيتنا التحررية؟؟
تاريخ النشر : 2017-11-29 10:19

 

كثيرون هم حول العالم الذين يدركون عدالة قضيتنا الفلسطينية و يؤمنون بنضالنا الوطني التحرري و يرون فيه مسيرة عظيمة يجب بل من الضرورة تتويجها بالحرية و الاستقلال الوطني ، يعرفون الحقيقة التي أرادت حكومات " اسرائيل " المتعاقبة تزييفها و طمس الحقائق فيها عبر المخادعة و استبدال الرواية الحقيقية باستغلال الكثير من الثغرات على المستويات المختلفة ، و قد تطورت هذه المعرفة و الادراك لحالة من التضامن و التأييد للفلسطينيين في مقارعتهم للاحتلال ، حالة شهدت مداً في مرات كثيرة و جزراً في مرات أخرى بفعل المتغيرات السياسية و تقلُّب الموازين و اختلالها ، و لا أحد يستطيع أن ينكر ما حققه هذا التضامن و التأييد العديد من الانجازات و مساهمته الفعالة في منع المخاطر أن تقترب أكثر من قضيتنا الوطنية خاصة في العديد من المراحل الدقيقة .
فقد شكّل هذا التضامن نقطة ارتكاز لقضيتنا كي تحافظ على طابعها بأنها قضية تحرر وطني و نضال مشروع للخلاص من الاحتلال و ليست كما تحاول اسرائيل تمرير ما تسميها بأنها " قضية اغاثية لتحسين ظروف الحياة لسكان " المناطق " على حد وصفها المزعوم .
و لابد من الاشارة الى أن التضامن و التأييد العالمي يأخذ في مضمونه شكلين مختلفين واحد يمثل الحالة الاممية تجسد بإصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29-11-1947 لقرار أممي يتضمن تأييد تقسيم فلسطين و انهاء الانتداب البريطاني عن اراضيها بما يتيح المجال لإقامة دولة عربية على ما مساحته 42.3% من مساحة ارض فلسطين و الذي واجه هذا القرار في حينه معارضة عربية على رديف ، و حظي بتأييد فلسطيني محدود على الرديف الاخر ، و الشكل الاخر يتمثل في التأييد الشعبي من كثير من الفئات التي تنتمي للشعوب الصديقة لشعبنا الفلسطيني المحبة للعدل و السلام و الحرية التي دأبت في تنظيم و اعداد الاشكال المختلفة لتوفير الدعم و الاسناد للقضية الفلسطينية التي تطورت لتصبح معروفة في الاوساط السياسية محليا و عالميا ب " حركة التضامن الدولية " التي برزت بإسهاماتها عبر الضغط على حكومات بلادها في رفض ما تقوم به " اسرائيل " و جيشها المحتل من قمع و بطش و تنكيل و تمييز عنصري و كان لهذا الضغط أثرا واضحا في اصدار الهيئات الاممية العديد من القرارات التي تدين و ترفض سياسات الاحتلال العنصرية و العدوانية و الاستيطانية بالإضافة الى مساهمتها في كشف الكثير من الحقائق التي حاولت اسرائيل اخفاؤها لاسيما في جرائمها التي ارتكبتها سواء في القتل أو الاعتقال التعسفي أو الطرد و الحرمان من أبسط الحقوق الانسانية و كان من هؤلاء المتضامنين شهودا فعليين على تلك الجرائم و هنا في فلسطين فان عدد منهم دفع حياته ثمنا لكشفها .
و اليوم فلا يمكن اعادة الاعتبار للتضامن الدولي و تفعليه أكثر الا بتوفير عوامل رئيسية يقف على رأس الاولوية فيها تقديم شعبنا الفلسطيني لخطابه السياسي الموحد و تحديد أركانه الواقعية التي بموجبها تحدد المسافة بينه و بين الاحتلال ، و ارساء قواعد متينة لتوحيد استراتيجيتنا السياسية و لتوحيد خطابنا الاعلامي الذي يبدع في اعادة الرواية الفلسطينية لحقيقتها المغيبة في زحام ما ينشغل به العالم ، خطاب خلاّق يجلب و يجذب الانظار لاكتشاف العمق الاسود و الخفي الذي يعبر عنه نظام التمييز العنصري الذي تجسده اسرائيل بسياستها المعادية لشعبنا الفلسطيني ، خطاب يعيد زخم التضامن الشعبي للشوارع في العواصم العالمية و يساهم في تجديد الوعي لمن غاب عن وعيهم ان الشعب الفلسطيني باق متشبث بأرضه ووطنه و مستمر بنضاله التحرري لاقتلاع احتلاله و اجتثاث جذور الاستيطان منه .
ان الشعب الفلسطيني الذي سئم 100 عام على الوعد المشؤوم و 70 عام على نكبته و 50 عام على احتلال أراضيه في الضفة و غزة يتطلع لتضامن عالمي يجسد المعنى الحقيقي لانهاء معاناته اليومية ، تضامن ينصب في مناصرته على محتليه و يترجم القرارات لافعال ناجزة تحاكم من تسبب في الامه و عذاباته ، تضامن يُحدث كسرا لقيد السجون و يمكن مناضلينا الاحرار أسرى الحرية من التمتع بحريتهم مع ذويهم لا أن يبقوا رهائن في زنازين العزل الانفرادي و معتقلات الذل و الهوان و يمزق كل القرارات التعسفية بحقهم ، تضامن يعيد الوحدة الجغرافية لاراضينا التي نهبها التغول الاستيطاني و يزيل جدران العزل و التقطيع لاوصالنا و ينهي حقبة سوداء من الحصار و المنع القسري لحركة تنقلنا من و الى اراضينا الفلسطينية .
فلا يمكن المراهنة على تحقيق التضامن الدولي و نحن منقسمون سياسيا و جغرافيا و لن نحظى باحترام و تقدير هذا التضامن لنا الا بتقديمنا لانفسنا موحدين منسجمين في تطلعنا المستقبلي لكيفية تسخير كل المقدرات الممكنة لخدمة الانسان و حمايته في كنف دولة مستقلة تصون حقوقه و تحمي كرامته الانسانية و الوطنية .