أكمل..كي لا تكون خطوة "احتجاجية" وكفى!
تاريخ النشر : 2014-04-02 09:56

كتب حسن عصفور/ ما كان لأي كان، مهما كان حاله السياسي، أن يقبل كمية الاهانة السياسية التي وجهتها حكومة دولة الاحتلال الى الرئاسة االفلسطينية ووفدها التفاوضي الخاص، ليس في "ليلة هروب كيري من لقاء عباس خجلا وحرجا"، التي لم تقدم له خطوة يمكن لها أن تستعر عري المفاوضات البائسة المعيبة، بل انها وواصلت فعلها الاهاني للطرف الفلسطيني المفاوض بكل ما أمكنها فعل ذلك، ووضعت شروطا فوق كل الشروط لتزيد من حجم الاهانة والاذلال، جاء بعضها في بعض بنود ما اسموها "صفقة تمديد التفاوض"، وقبلها في تصريحات لأحد أهم الوزراء في الحكومة الاحتلالية ضد الرئيس عباس، حملت من المهانة، كان لها وحدها، أن تغلق كل "الطرق المؤدية الى تل أبيب"..

 لذا كان منطقيا جدا أن يكون هناك "رد فعل" فلسطيني على ما حدث، وبالقطع فالغاء جون كيري للقاء كان مقررا مع الرئيس عباس والاكتفاء بارسال "وفد مهني" ليسمع تطورات الموقف، ويطلب مهلة الى صباح اليوم التالي، عله ينجح فيما لم ينجح به، ونتنياهو يتصرف دون أن يحسب حسابا لأن تلجأ الرئاسة الفلسطينية وحركة فتح، الى "حالة صدام سياسي كبير"، فتجاهل كل اشكال "الغضب الكلامي" التي انتشرت بين المتحدثين، وراهن على أن واشنطن لن تذهب بعيدا في تخليها عن محاولة "احتواء الغضب والنرفزة السياسية الفلسطينية"، لذلك وفي خطوة تم الاعداد الاعلامي لها تلفزيونيا، اعلن الرئيس محمود عباس أنه سيوقع قرارا بالانضمام الى 12 اتفاقية ومعاهدة ثم عدلها – على الهواء - الى 15 في ثوان قصيرة، ليكشف أن القرار كان ملتبسا وغير واضح تماما، وبعد التوقيع طالب بالتصويت على خطوته، فكان بالاجماع، تصفقيا ووقوفا..

ولا شك أن تلك الخطوة الاحتجاجية خطوة سياسية هامة، وجاءت "الفرحة للقيادة المجتمعة" بالتصفيق على خطوة تمثل ردة فعل على مسار اهانة طويل، ولعل المشهد بذاته يشكل رسالة اولية للرئيس محمود عباس، وقيادة فتح، أن المواجهة السياسية والخروج من "داومة التيه السياسي" هي الرد المطلوب وطنيا، ولو عاد الرئيس وفريقه الخاص للتفاوض وقرأ جيدا حركة التصفيق وقوفا لأدرك أن المواجهة، ولا غيرها، هي ما يجب أن يكون فعلا قبل أن تصبح خطواتهم كردة فعل، وعلها تكون حكاية يمكنها أن تمنح صاحب القرار اختيار السلوك بمسار ونهج غير المفروض قهرا وعنادا على الشعب الفلسطيني، بلا طائل يرجى، ولن يحميه أو يغطي عورته اطلاق سراح عشرات من الاسرى ، فنيل حريتهم لا يجب ان يكون على حساب "مصادرة الروح الفلسطينية الكفاحية"..

ولكي لا تكون تلك القرارات "خطوة احتجاجية" وحسب، يجب اعادة النظر في الموقف العام من المسألة التفاوضية أولا، وان يكون الاساس لها لاحقا، تلك "المحددات الوطنية" التي سبق اقرارها في اجتماعات "القيادة" في زمن سابق، قبل أن يتم ضربها عرض الحائط، والتي أكدت أن المفاوضات يجب أن تأخذ بالاعتبار القيمة السياسية لقرار الجمعية العامة بخصوص "دولة فلسطين"، حدودا وعاصمة، محددة بشكل لا غموض به، بأن حدود دولة فلسطين هي الأراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية العربية، دون اي اشارة لمبدأ "تبادل الأراضي" أو "الأخذ بعين الاعتبار "الوقائع الديمغرافية التي تريد واشنطن تكريسها"..

ونظرا لعدم التزام الطرف الاسرائيلي باي اساس مما تم الاتفاق عليه للعودة التفاوضية، رغم خروج الطرف الفلسطيني عن قرارات الاجماع الوطني، واستغلال دولة الاحتلال لتلك المفاوضات لتكريس "حقائق ووقائع" تلحق أكبر ضرر بقضية فلسطين، وبعد أن اكتشف المفاوضين والرئيس أن دولة الكيان ليست جادة، ولا تريد مفاوضات واخلت بمسألة تبدو ثانوية جدا في سياق "الحل النهائي" 9 مرات كما تحدث عباس، ونشطت حركة البناء الاستيطاني بشكل متسارع في الضفة والقدس المحتلة، بلا حساب أو خوف من اي فعل، لذا بات من حق الرئيس عباس وفريقه أن ينهي كل ما وعد به واشنطن، وأنه لن يعود الى تلك المفاوضات الهزلية – المعيبة، الاعلى قاعدة الانطلاق من قرار الامم المتحدة، وان الحدود أصبحت محددة وقانونية ضمن شرعية دولية، وما يمكن القيام به هو اعادة بحث ترسيم الحدود بين دولة فلسطين ودولة الكيان، حقيقة سياسية يجب ان لا تغيب عن عقل صاحب القرار السياسي الفلسطيني..

وقبل اي بحث تفاوضي جديد، المواجهة المطلوبة تتطلب اعادة جادة وجدية في مجمل النهج القائم، تبدأ باعادة الالتزام بما سبق الاتفاق عليه، وأن لا يقتصر الموقف عند حدود ما تم الاعلان عنه، بأهميته السياسية، بل يتوجب الاعلان الرسمي عن انهاء المرحلة الانتقالية بكل قيودها، وتنفيذ "وعد الرئيس عباس" بأعلان دولة فلسطين دولة تحت الاحتلال، بما يتطلبه ذلك من التفكير الجاد والمسؤول باعداد العدة السياسية الكاملة للذهاب الى الأمم المتحدة، من بوابة الجامعة العربية، لتنفيذ الباب السابع بخصوص احتلال دولة عضو من قبل دولة عضو اخرى..وهذا يعني فتح المجال لانضمام فلسطين الى منظمات الأمم المتحدة الـ15 الرئيسية، والتوقيع اليوم قبل الغد على معاهدة روما، لفتح الباب مستقبلا أمام عضوية محكمة الجنايات الدولية، كونها السلاح الأمضى لمحاصرة دولة الكيان واعتبارها كيانا مطلوبا للعدالة الدولية..

ومع أهمية الخطوة الفلسطينية للتوقيع على معاهدات واتفاقيات، الا أنها ستبقى "خطوة احتجاجية محدودة"، إن لم تكن ضمن سياق موقف شامل يبدأ من اعادة الموقف التفاوضي، مرورا بايقاف دولاب المرحلة الانتقالية، والاستعداد الفعلي لاعتبار "دولة فلسطين" دولة تحت الاحتلال كما أعلن الرئيس عباس قبل اشهر، واستكمال رحلة الذهاب الى الأمم المتحدة والانضمام لمنظماتها الرئيسية، خاصة بعد تصريح كيري وما نسبه للرئيس عباس بأنه وعده أن لايذهب اليها بعد خطوة التوقيع تلك..استكمال المواجهة السياسية هو السلاح الأمضى لاعادة "التوازن المفقود منذ اشهر بسبب الانخراط في مفاوضات بلا جدوى ولا طائل، وغير ذلك نكون أمام "فعل نرفزة سياسي يبحث عن "ثمن محدود"!

ملاحظة: اللجنة الخماسية المشكلة للذهاب الى قطاع غزة، هل لديها شيء غير أن تسأل حركة حماس سؤالها عن الانتخابات..وهل حقا يمكن اعتبار ذلك عمل جاد أم خطوة استعراضية!

تنويه خاص: مين أصدق، كلام الزهار عن زيارة مشعل لطهران..أم المكتب السياسي الذي نفى..شكله الزهار هذه المرة أعلم من المكتب السياسي، طبعا الذي لم يجتمع منذ اسقاط جماعة الاخوان في مصر!