مرة أخرى في شعار الدولة الواحدة – تفاعل مع الرفيق غازي
تاريخ النشر : 2013-10-21 13:33

طرح الرفيق غازي الصوراني بوضوح وتحت شعار "...مواصلة النضال لإنهاء الكيان الصهيوني وإقامة فلسطين الديموقراطية "

هو هنا يبدأ بشكل واضح: بأن إقامة فلسطين الديموقراطية يأتي زمانيا وبالتتابع بعد "إنهاء الكيان الصهيوني .." وليس مطالبة الآن لإقامة هذه الدولة وكأنها مطالبة موجهة للكيان الصهيوني نفسه كما طرحت مجموعة اللقاء بزعامة راضي الجراعي وغيره من العناوين التي تطرح هذا الشعار ...

والرفيق يقول في الخاتمة مشخصا الحال الحاضر بدقة : "بعد أن بات قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي المحتلة 67 ، أقرب إلى الوهم في ظل ميزان القوى المختل راهناً، ولا يشكل حلاً أو هدفاً مرحلياً يلبي الحد الأدنى من أهداف شعبنا، وإنما يمثل ضمن موازين القوى في هذه المرحلة – تطبيقاً للرؤية الإسرائيلية الأمريكية ، الأمر الذي يؤكد على ضرورة الحوار المعمق لتكريس التزامنا بالهدف الإستراتيجي وتجاوز كل حديث عن حل مرحلي بوسائل تسووية بعد أن توضح بأنه وهم قاد إلى انحدار نشهد اليوم نتائجه المدمرة"

هنانزيد الأمر إيضاحا و نؤكد أن الهدف المرحلي كما حددته الأدبيات الفلسطينية في بداية السبعينات وهي في طريقها لتقديم التنازلات قد ولد ميتا بالأساس . فهو قد جاء تحت عنوان إقامة دولة فلسطينية على أراضي الضفة والقطاع بما يعني حصرا التخلي عن ما عداهما من الأراضي الفلسطينية وليس برنامجا للتطبيق لإقامة هذه الدولة بالإستناد إلى النضال والتضحيات .لقد جاء هذا الشعار تعبيرا عن حسن نية القيادة المتنفذة وجاء بالتحديد في سياق "إعادة تأهيل المنظمة لتصبح مقبولة أمريكيا وعربيا " دون أي إلتزام من أمريكا بأي شيء ولا حتى في حدود المساومة .

إن مرحلية النضال على العموم قد تنشأ بحكم الواقع كما تحرير فيتنام على مرحلتين وقد لا تلزم كما تحرير الجزائر دفعة واحدة . ليس العيب في هذا بل العيب في أن المرحلية كانت شعارا للتغطية على التنازل عن أراضي 1948 كما رات القيادة الرسمية . مع العلم أن الجبهة فهمت المرحلية على مقاسها الثوري وبشكل سليم من حيث المبدأ كمرحلية على طريق تحرير باقي فلسطين وهي كانت تدرك أن إقامة الدولة يأتي بنهج مختلف عما طرحته القيادة . وهذا ما عبرت عنه بالإعتقاد بأن إمكانية الدولة أصبحت واقيعية ولكن في ظل الإنتفاضة والكفاح الوطني .

بدون لبس أو إبهام : لا نطرح دولة ديموقراطية علمانية واحدة للشعبين من أجل معالجة مشكلة اليهود . نحن لا يدفعنا القلق على مصير من يتبقى من اليهود في أرض فلسطين بعد تحريرهاوإسقاط الدولة اليهودية الصهيونية . نحن يدفعنا القلق على شعبنا وقضيته وعودته إلى فلسطين المحررة . ما بعد التحرير يكون معالجة الوضع الناشيء تحصيل حاصل ومهمة راهنة . أما طرح حل الدولة الواحدة اليوم ، وعلى أنقاض حل الدولتين فهو يخلق وضعا ملتبسا مهما تم تزيينه بمظاهر الإستجابة للظروف الإنسانية ومهما تم تشريطه بالشروط . إنه يعني اليوم وفقط يعني التسليم لليهود بفلسطين ولا شيء آخر مما يوجب الإنتباه والحذر الشديدين . إن الشروط تسقط ويبقى جوهر الأمر كما ذكرت ويعود الطارحون من اليسار لموقف المعارضة بحجة أن ما يجري ليس على مقاسهم كما فعل عرابوا التسوية وشعار الدولتين لشعبين بعد وصول المسار الهابط إلى أوسلو . أنا مع شعار تحرير فلسطين - فلسطين كلها . وليس مع طرح شعار الدولة الموحدة وضد التسلح بأقوال جورج حبش في زمن آخر وظروف أخرى هي ظروف الثورة المتصاعدة وتسليح الجيوش العربية من أجل التحرير في عام 1969م كما فعل الرفيق أحمد قطامش اليوم . فلست مع التسلح بأقوال جورج حبش من أجل التسويق اليوم لفكرة تستهدف التسليم بفلسطين وطنا لليهود كما جاء في وعد بلفور وصك الإنتداب.

تتعدد التلاوين التي تطرح حل الدولة الواحدة اليوم وتتباين في الشروط وكثافتها وتنوعها .. فمن يطرح ضرورة الإلتزام بحق العودة أولا .. ومن يطرح ضرورة أن تتخلى إسرائيل عن عنصريتها وصهيونيتها أولا .. ومن يزين بأن تسلم إسرائيل بالتساوي والحقوق الديموقراطية المتساوية أولا ...الخ

وكل هذه شروط ساقطة قبل رفعها ويعلم واضعوا هذه الشروط أنهم يكذبون على الشعب ويسوّقون مجتمعين لفكرة واحدة هي بقاء فلسطين في حدود اشتراطات المشروع الصهيوني كما يريدها أصحابه والداعمين له من الدول الإستعمارية الغربية .