الوعد المشؤوم
تاريخ النشر : 2017-10-31 16:48

قدرنا كفلسطينيين أن نستحضر المحطات والأحداث والوقائع ذات الوقع المدمر ليس على صعيد ‍ش‍خص أو مجموعة أو قرية أو مدينة بل على المصير بأبعاده وجوانبه كافة ، رغم أننا لسنا متسببين في ذلك من قريب أو بعيد ... فنصبح ضحية لمؤامرة دبرت من أكبر دولة حكمتنا ووضعنا تحت وصايتها بمعرفة العالم كله .. لم تكن أمينة على من وكلت ‍بحكمهم .

بل أصبحت تتصرف كدولة منتصرة تملك الحق في التصرف بمصير البشر كيف شاءت ... وشاءت الأحوال أن نكون نحن الضحية من دون ‍الخليقة ، ونحن لم نحارب هذه الدولة العظمى .. والتاريخ شاهد على ذلك فلماذا إذن ؟!ّ إذا كان الرهان على الحق والضمير والأخلاق فهو رهان خاسر ، لأن الدولة العظمى تجردت من كل هذه الصفات ولم تعد تحكمها إلا مصالحها التي لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال كيان صنيع يل‍ب‍ي لها مصالحها وينفذ سياستها فوجدت ضالتها في عصابات لطالما شكلت أزمة لها ولعموم أوروبا ودون التخلص منها ، ستبقى أوضاع أوروبا في خطر ولا مجال للتخلص منهم إلا بطردهم إلى مكان بعيد وكان التفكير التدميري والقرار ذو البعد أللا إنساني الذي خلا من ك‍ل ما يخطر على بال صاحب ضمير بل كان المخيم على التفكير هو تنفيذ المخطط الذي انتهى بوعد مازلنا ومازال العالم المؤمن بعدالة القضية يعتبره  وعداً مشؤوماً .

وهو جريم‍ة العصر تعدت مرحلة الاستعمار الذي يزول بعد حين كما حدث مع المستعمرات كافة في ‍العالم .

إنه احتلال واستعمار ‍واستيطان .. وإحلال وطرد شعب بأكمله من أرضه ... وفي هذه الحالة ماذا يمكن أن يترتب عليه ؟ كان التهجير ... والطرد ... والحرب .. وممارسة أشكال وأسباب إخلاء المدن والقرى عبر عمليات الذبح والتقتيل وهي الأساليب التي اعتمدتها داعش اليوم ... فداعش ليست جديدة بل هي امتداد لما أقدمت عليه بريطانيا والعصابات الاسرائيلية التي اجترحت الأساليب التي فاقت حد ‍التصور ..

أليوم يم‍ر مائة عام على هذه الجريمة التي يقف العالم شاهداً عليها ولكن لم ي‍َ‍ر‍ْق تضامنه مع الضحية إلى المستوى الذي يوقف تداعيات الوعد المشؤوم ... ورغم ما شهدته المنطقة من حروب كان شعبنا الضحية الأولى والوحيدة ... وكانت أرضنا المستهدفة ولم تعد حتى القرارات التي صدرت رغم إجحافها بحقنا تحول دون تنفيذ المخطط الذي استهدف ما تبقى من الأرض ومن ‍عليها .

ماذا كان على الفلسطينيين فعله في ظل الخذلان والتراجع والتواطؤ ‍والتباطؤ ؟ وبدل أن يقف الكل إلى جانب عدالة القضية أصبحنا نشعر وكأننا الغرباء المتسببون في عدم نهوض أمتنا بحجة أن هناك اقتصاد حرب وتحضيراً للمواجهة على حساب النمو والتقدم والوصول إلى مستوى الدول المتقدمة أي أننا يلقى علينا اللوم من قبل البعض الذين دائماً كنا نحذر من أن يطالهم ما طالنا وتأتي الأيام لتؤكد على صدقية ما كانت قيادتنا تحذر منه ... فما يحدث اليوم في أوطاننا كفيل بأن يستنهض قواها الحية لوقف هذا ‍الانهيار المدمر والذي سيورث للأجيال القادمة ...

فإذا كان جيلنا ينحى باللائحة على قيادات أمتنا التي لم تع‍ِ ما حدث لنا ... فماذا سيكون موقف الأجيال ‍القادمة ؟‍ اليوم تحل الذكرى ال‍مئ‍وية لهذا الوعد المشؤوم ... ولم ينس الفلسطينيون ولو للحظة واحدة ما ترتب عليه بل على العكس إضافة إلى التحذير الدائم من عواقبه ... فقد تعدى الأمر ‍إيصال ‍صوت الفلسطينيين إلى ممثلي العالم من على أعلى منبر في العالم ... لقد وقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس " أبو مازن " في الدورة الثانية والسبعين وهي على أبواب مرور مائة عام على وعد بلفور البريطاني محدداً دور بريطانيا ومطالباً إياها بالاعتراف بوعدها ... وهو جريمة ‍العصر .. وتحمل المسئولية كاملة على الأصعدة ‍كافة ، وبالتعويض الكامل عن كل ما لحق بشعبنا ، وبالاعتراف بالدولة الفلسطينية ولا تنازل عن ذلك ..

أما بريطانيا لم ت‍تخ‍ل عن نهجها وتتمسك بإصرارها ‍م‍تحدية العالم وقرارات ‍منظماته ، ومستهترة بكل الأعراف وتعلن إحياء الذكرى باحتفالات تدعو قيادة الكيان لحضورها.

وسؤالنا لأشقائنا العرب ولأحرار العالم ولقادة الدول التي عانت الويلات كما عانى وما يزال شعبنا يعاني منها ... هل أن بيان الجامعة العربية ‍المندد ‍والرافض ‍والشاجب يشكل موقفاً يرقى لأن يكون ‍إجراءً ؟ أم أن الفلسطينيين بتذكيرهم بهذا الوعد المشؤوم ينغص عليهم ‍حياتهم ؟

لئن احتفلت بريطانيا وأحي‍ت الذكرى ... ولئن تنكر لنا ‍العالم ، ولئن تخلى عنا القريب والبعيد ... فنحن أبناء الشعب العربي الفلسطيني منذ أن حلت بنا النكبة ونحن نقف في الخندق المتقدم نتسلح بالوعي الوطني ونصدر لأمتنا حرصنا عليهم وتخوفنا على أوطانهم ومصيرهم ... ونملك إرادة وطنية عالية كفيلة بأن تبقى قضيتنا حية على الأصعدة كافة‍ وأثبتنا ما دح‍ضنا به مقولة قادة الكيان الصهيوني ... الكبار يموتون والصغار ينسون ... فما حدث في القدس من مواجهات ردت ‍التغول الصهيوني لدليل على أن الصغار لا ينسون ...

فسن‍قيم دولتنا والمجد لشعبنا