المثلث الداعشي السعودي الإسرائيلي المتهالك
تاريخ النشر : 2017-10-31 11:04

في البداية لايمكن التمييز مابين أهداف كل من إسرائيل وتنظيم داعش والسعودية، والعلاقة مابين إسرائيل وداعش والسعودية –المثلث الخبيث-، حيث يمكن اعتبارهم أداة واحدة. ومن هنا ننطلق في نقاشنا حول أهداف إسرائيل من ممارسات داعش في الوطن العربي وبالأخص في سوريا ولبنان، حيث اعتبر وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الجيش اللبناني جزء من عقيدة حزب الله في تصريح له جاء فيه "إمكانية شن حرب على عدة محاور تشمل كل من إيران وسوريا ولبنان والتمهيد لاستهداف الجيش اللبناني". وعلى نفس المنوال، قال وزير التعليم الإسرائيلي المتطرف نفتالي بينيت أن لبنان يساوي حزب الله، وحزب الله يساوي لبنان، وأن إسرائيل لا تفرق بين حزب الله والحكومة اللبنانية في أي مواجهة قادمة". ومن قبله صنفت السعودية حزب الله منظمة إرهابية، في الوقت الذي تدعم فيهه رأس الارهاب الداعشي في سوريا، وتمارس التدمير والقتل في اليمن. 
وكل ذلك جاء بعد الانتصار الذي حققه الجيش اللبناني وحزب الله على الدواعش في جرود عرسال وغيرها، وموقف الرئيس اللبناني مشيل عون الذي رفض الطلب الأمريكي بعدم خوض المعركة وموقفه الواضح الداعم لضرورة وجود المقاومة وسلاحها من خلال تصريح أدلى به بأن سلاح المقاومة مشروع مادامت إسرائيل تحتل جزء من أرض لبنان. 
تعمدت إسرائيل بالشروع في الحرب الإعلامية التي تسبق الحرب العسكرية ردًا على إصابتها في الحالة الهستيرية بعد خطاب سماحة الشيخ حسن نصر الله الذي وجه من خلاله العديد من الرسائل القاتلة لها ولشعبها. فكل خطاب له يجعل إسرائيل أمام أزمة جديدة أشد من سابقتها حتى أصاب الخطاب وجودها وقدرتها على حماية شعبها. فكل خطاب جديد لنصر الله يعمل على تعطيل الحرب ويضع محور الشر-إسرائيل وأمريكا والسعودية وغيرها- في مأزق وإلغاء الحرب، بحيث تصبح إسرائيل هي من لاتريد الحرب خوفًا على شعبها وإدراكها لمصداقية حديث نصر الله، على الرغم من الضغط السعودي على محور الشر للقيام بتدمير حزب الله وسوريا وايران مع العلم أن السعودية عندها استعداد تمام لتمويل ومشاركة إسرائيل حربها على محور المقاومة. إسرائيل لايهما المطالب السعودية بقدر ما يهمها أمنها ووجودها وهذا هو ما عطل الحرب ووقف سدًا منيعًا في وجهها ووجه السعودية من تنفيذ مخططهم العدواني، ولكنها تنتظر الفرصة المناسبة للقيام بعدوانها على لبنان. 
لقد عمدت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والبعض العربي على تدمير بعض الدول العربية من خلال خلق مقاول داعشي مهمته التدمير والتخريب والهدم حيث استطاعت إسرائيل من خلاله تدمير ليبيا والعراق وسوريا وحاولت الوصول للبنان من أجل إلحاقها في الدول المدمرة، ولكن النباهة اللبنانية المدعومة من الرئيس عون وسماحة الشيخ نصرالله استطاعت افشال هذا المشروع ودحره وطردهم خارج لبنان. حيث لاحقهم حزب الله في سوريا، الذي يعمل جنبًا إلى جنب مع حلفاء المقاومة محققين نصرًا مبينًا على مقاول الهدم الداعشي ومحاصرة وجوده في سوريا ولبنان والعراق، ولم يتبق لهم مساحة جفرافية واسعة للتحرك والمناورة وشن الهجمات على حلف المقاومة، وأصبح تواجد وخطر داعش في مهب الريح بسوريا والعراق وغيرها. 
ومن هذا يتضح أن إسرائيل وصلت لقناعة تامة أنها لايمكن أن تحقق كامل أهدافها من خلال المقاول الداعشي، فبدأت تمهد وتهيئ الشارع الإسرائيلي لأي حرب قادمة من أجل الخلاص من الخنجر-حزب الله- المنغرس في خاصرتها. وهذه الحرب القادمة التي ستكون مختلفة عن سابقتها ليست في التهديدات الإسرائيلية وقوتها وشموليتها وأهدافها وجبهاتها المتعددة، وإنما لأنها مطلب سعودي علني، ويمكن أن تصل لحد الوقاحة والخيانة العظمى عبر مشاركة البعض العربي علنيًا في الحرب مع إسرائيل التي تسعى جاهدة من أجل اغتيال سماحة الشيخ نصر الله -لا قدر الله- للخلاص من الخطر الرهيب الذي أصبح يشكله عليها وعلى شعبها لكون خطابات سماحته تمثل الحرب النفسية المستمرة على إسرائيل. 
إن إسرائيل تعمل على خلق محور تكون فيه هي صاحبة القرار وتقوده نحو تحقيق المزيد من الانجازات التي تدعم وجودها، فالتطبيع العلني مع الدول العربية لايكفي وإنما يجب تواجدها في قلب الوطن العربي. فإسرائيل وراء قيام الأكراد بطلب الاستقلال عن العراق، فمن خلال طبيعة العلاقات والدعم الإسرائيلي للأكراد يمكن القول أن إسرائيل هي المسؤول الفعلي عن إقليم كردستان. وذلك من أجل إزالة بعض المعيقات الجوهرية أمام مشروعها وأهدافها في السيطرة على الوطن العربي، وللأسف الشديد بدعم وتمويل عربي وخنوع لامثيل له في التاريخ، حيث تشارك الدول العربية في تدمير وتقسيم دول عربية أخرى من أجل بقاء إسرائيل وإدامة عمرها القصير، فهذه الدول المتخاذلة والمبتذلة ربطت مصيرها بمصير إسرائيل، وأصبحت أداة بيدها. 
وبخصوص الموقف السعودي وتحركاته وأفعاله السياسية واستهدافه لكل من اليمن وسوريا وحزب الله مقارنة في دور دولة الكويت الذي مثله مرزوق علي الغانم رئيس مجلس الأمة، الذي يمثل كل شرفاء العالم لأنه قام بطرد وفد دولة الاحتلال في اجتماع البرلمان الدولي في روسيا في أقل من خمسة وأربعين ثانية، والتي حققت ما لم تحققه السعودية وعادل الجبير وغيره في خمسة وأربعين عامًا. فالأول في خمس وأربعون ثانية حقق الشموخ والعزة والنصر، والثاني منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب 450 مليار دولار وغيرها من الأعمال والحروب والتطبيع مع إسرائيل التي لم تحقق سوى المذلة والهزيمة والتبعية. 
وخلاصة القول أن المشروع الداعشي أصبح يلفظ أنفاسه الأخيرة، والسعودية خسرت جبهة اليمن وخسرت تحقيق حلمها في إزاحة الرئيس بشار الأسد، ومشروعها أصبح محاصر ومهدد وكل مخططاتها باءت بالفشل الذريع، وأصبحت مكانتها متهالكة وآيلة للسقوط. ودولة الاحتلال أصبحت أكثر وضوحًا في الإعراب عن المخاوف المتصاعدة عند النخب السياسية الإسرائيلية من الخطر الذي يهدد وجودها ومشروعية بقائها في قلب الوطن العربي. وفي المقابل مثلث المقاومة يتجذر ويحقق الانتصار تلو الانتصار في بناء استراتيجية المواجهة وحرق أعصاب العدو الذي أصبح خائفًا من القيام بأي حرب مستقبلية. 
* كاتب فلسطيني وباحث مُختص بالحركات الأيديولوجية.