إسرائيل تكسب موقعة الأقصى!
تاريخ النشر : 2017-07-30 13:26

لم تكن إسرائيل مضطرة للتنسيق مع قادة حماس لتأسيس جماعتهم عام 1987، ولكن يكفي بالحساب أن تدرك إسرائيل أن مسار حماس سيكون في صالحها فتساعد، بمنطق السياسة العملية، علي توليدها. وللأسف، فإن مجريات الأمور أثبتت صحة التحليل الإسرائيلي. فقد أعلنت حماس منذ اللحظة الأولي منطلقاتها وأهدافها في إقامة دولة إسلامية، فكان هذا مدعاة لرضا إسرائيل لأنه يعطيها المبرر الحي للسياسة الإسرائيلية القديمة بإقامة وطن لليهود يحميهم من التطرف الإسلامي. ثم اندفعت حماس في خصومة شرسة ضد منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تخشي إسرائيل توجهاتها المعلنة بإقامة دولة علمانية علي كامل التراب الفلسطيني، ثم أوغلت حماس أكثر فأكثر في كل ما يدعم حجج إسرائيل في خطابها الدعائي الخارجي وفي إقناع ناخبيها في الداخل باختيار الصقور الذين يستطيعون حماية اليهود، كما تطرفت حماس في عدائها مع الفصائل الفلسطينية الأخري بما ساعد، مع أخطاء الآخرين، علي التدهور إلي أسوأ حال مرت به القضية الفلسطينية منذ بداية النزاع مع الصهيونية منذ أكثر من قرن!

علي يد حماس، وبتأثير شعاراتها وسياساتها علي جماهير الفلسطينيين، ولأسباب أخري، تواري جوهر الصراع ضد إسرائيل، وتراجع شعار الدولة العلمانية علي كامل التراب الفلسطيني، وكذلك مطالب العودة لخطوط ما قبل يونيو 1967، وعَلَت شعارات عن اليهود أبناء القردة والخنازير، وتذكير اليهود بخيبر، وحتي القصف الإسرائيلي الهمجي المتكرر علي غزة، وحتي الاستيطان المتوحش في الضفة، لم يحظ أي منها بمثل التظاهرات المقدسية التي هبَّت دفاعاً عن المسجد الأقصي، بل لقد وصل أثر شيوع هذا الخطاب إلي إحراج بعض الكنائس إذا هي تركت المتظاهرين عن الأقصي وحدهم، فقرعت أجراسها تضامناً.

ثم أنظر إلي الرضا والخَدَر علي وجوه المتظاهرين بمجرد أن رفعت إسرائيل البوابات الإلكترونية التي أشعلت الموقف، وتأمل الهتافات التي تعلو الآن تتحدث عن انتصار علي اليهود، برغم أن إسرائيل لم تمنح الفلسطينيين أي شئ فوق ما كان في أيديهم قبل إقامة البوابات، بل إنها استفادت بحصولها علي مزيد من تديين الصراع!

عن الاهرام