الحقيقة ... رغم مرارة واقعيتها
تاريخ النشر : 2014-03-10 11:56

شهيق يُضلّ طريقه المعتاد فيصبح متعثر الزفير ، لأن كما يبدو علِقًّ عند امرأة ذات حدث تجاوز الأعراف والقوانين البشرية ، إلا أن ، إعلان زواجها من كلّب ، من وراء محيط الأطلسي ، كان واقعة سقطت على اذهاننا ، احتاجت بصراحة إلى فسحة كي نفكك ما يجري بين عتمات مظلمة ، دلائلها حية ، لكنها مصابة بتجاهل متعمد ممن قادر على وضع بعض الشموع التى تضيء تلك الأرصفة المفروشة ، بعينات ، قد حُذفت تفاصيلها رغم واقعها القائم ، وليس مستغرباً ، أن يُعبر الفرد عن استيائه ، بل ، بالأحرى عن تقيئه لمجرد أن يغوص من خلال استحضار الفكرة في دماغه ويتخيل ، عيّش ، يجمع كلاهما في مربع الزوجية الكاملة ، وبالرغم من حالة الصمت التى تخيم على المشهد ، إن ما حذفنا النباح من طرف الزوج ، حيث ، من المؤكد ، دون أدنى شك ، ولأن المعجزات اُغلقت أبوابها ، ف ، النابح سيجرّ في نهاية المطاف الناطق إلى مربعه دون المعقول بأن المتكلم سيؤثر بالنابح كي يعّدل عن نباحه ، مقابل ، النُطق المستحيل ، ولا بد من الإشارة أولاً ، نوعاً من الإنصاف الضروري ، بأن المجتمعات الغربية ، خاصةً ، تختص بعلاقة دافئة مع الحيوانات وعلى وجه الخصوص الكلاب منها ، فعلاً ، تتواجد في أغلب البيوت التى تتيح مع مرور الوقت بناء علاقة مميزة وتآلف غني يحمل الكثير من التجاذبات التى يمكن تصنيفها أو بالمؤكد قد تكون غريبة الطور عن البعض وأطواراً عن الأغلبية ، وقد لا يكفي فحص هذه الحالة الغرائبية بثقب أو بالبحث عن عرق نابض بقدر ما يحتاج إلى تنقيب بين حبات الرمل التى تحولت إلى طين ، اجتمعت فيها عدة سوائل من المعادن وأصبحت سيكولوجيا داخل النفس البشرية ، أدت إلى دوافع نابعة من مرارات نتيجة خذلان من الطرف الآخر ، الذي سارع بالمخذول الوقوف عند حافة الهاوية ، وعن سبق اصرار دفع المرء بحتف نفسه إلى اللامعقول ، هروباً من حقيقة اختلفت سيناريوهاتها لكن المصير واحدة .

اشتباك يحتاج هو الآخر إلى تفكيك كي لا يختلط التعميم مع المخصص ، وهنا نلجأ إلى ذات المرأة الغربية التى عبرت بفعلتها عن حرية مطلقة من جميع القيود ، كي تتيح لنا فهم ما يجرى داخل مجتمعات تتحكم بها التقاليد ويحاصرها الخوف بالإضافة للإرهاب الفكري من أي مجازفة متطرفة ، لكنها ، تبتكر من خصوصيتها طرق تلوذ إلى ما ترغب إليه عندما تعجز فعله بالعلن ، حتى لو كان ذلك يتطلب إلى تدجين ذُكور وتحويلهم إلى كلاب ، بقالب بشري ، فالمسألة في واقعها التاريخي تحمل عنوانين ، تربوي لا يمكن اقحامه بهذه الجدلية العقيمة وغرائزي ينقسم إلى قسمين ، الأول جنسي ، والثاني أُمومي ، حيث يقيم في جذوع التقاليد والأعراف ، ولكي تستقيم السيرة والمسيرة لا بد من بعض الترميم وإعادة التأهيل بما يناسب الوضع الكلي الذي يوفر الحظ الأنسب واللائق كي تحظى الأنثى على مولود أو مولودة ، وهذا يتطلب أيضاً استكمال اجرائي يتضمن بعض الشكليات ، ابتداءً ممن يُكمل صورة الحائط التى تُعلّق مدى الحياة ، مروراً بحفلة تنكرية ، زفافية ، الجميع يتواروا خلف أقنعة متخمة ، وأخيراً ، ينتهى الأمر داخل جدار اشبه بالسجن ، إلا أن الحقيقة هو انتحار بطيء يُقّدم المرء نحوه رغم معرفته المسبقة بنتائجه الوخيمة ويتدرج شعور خانق حتى يتحول إلى نقمة حياتية ، لا الموت منجزّ الخلاص ولا المبتلى قادر من الإنفكاك ، بل ، تنقلب الحياة إلى جحيم دنيوي ، يغادر منها الطرف الآخر إلى عدمية الشعور بما يجري في واقع الآلام ، لكن ، تبقى صاحبة آلام تحتفظ بسرية أنينها كون الإفصاح لا يُغير من الواقع قيد انملة ، بل ، العكس تماماً ، يتنامى الاعتقاد ، مع عبور الوقت بأن الاحتفاظ يؤدي إلى نوع من الأنانية المركبة الذي يُولد شعور لدى مرتكبتها أنها تمتلك الجزء الأخير من الحكاية حيث يتحول باختصار إلى مصدر اساسي لتغذية العيش لا الحياة .

هذا الفعل المتطرف ، رغم ، صفة الوفاء المعهودة بالكلاب ، إلا انها مناسبة ملائمة بحقيقة حاسمة ، لعل ، البعض يتجاهلها أو يتقصد التعتيم عليها ، تفيد بأن هناك سلسلة خطوات سبقت الحدث الأخير ، والقصة لم تأتي من فراغ كما أنها ليست من محاصيل فقط الآخرين بقدر ما تؤشر إفرازاتها الوضعية عن اصول طِباعها بالإضافة إلى ممارسة انهاكية للمرصودة عبر الترقب والانتظار مما ولد لديها ارهاق عاطفي فباتت جاهزة لأي عرض يُقدم على طبق مملؤ بعلف ، تماماً ، كم يحصل للبوة عندما تُنقل من محيطها الطبيعي وتقتلع انيابها ومخالبها ، بالتأكيد سيجرؤ من هم دُونّ إلى الاقتراب منها .

لما نجاري اصحاب الأقنعة ، المنافقين الذين يزيفون الحقيقة ويقلِبون العيش إلى حياة كاذبة بكلاماتهم المنمقة ، فالمجاراة ، أسلوب فاضح رغم احياناً يضربه إلى حين سكون غامض ، يتضح المغزى الكامل من خلال مفاعيل في أقصى الجغرافيا ، لكن ما يقلق من العميلة برمتها ، ليس تماماً ، لجوء بعض النساء خلف الاطلنطي إلى الزواج من كلاب أليفة ، بل ، هو فعل يندرج كتعبير صريح عن وفاء مفقود لدى الرجال ، فالمسألة في نهاية الأمر تبقى في دوائر الجنون والتطرف الفكري ، وأما الكارثة الحقيقة عندما تلجأ بعضهن إلى قوالب فاقدة الوصفين ، يتيح الواقع انتاج عينات مجهولة التكوين ، كون الهجين سيقع في حقها ويفقدها أصول التجانس ، هنا تكمن المهانة ويعيد الاضطرار الأول الذي جعل من البغل ، بعد ما فتش عن أب ينتسب إليه ، أن يُعلن الحصان خاله ، فهل يكفي البغل شرفاً .

والسلام

كاتب عربي