ومن يعتذر إلى العراقيين؟
تاريخ النشر : 2014-03-09 10:24

خيراً فعلت حكومتنا باعتذارها على لسان رئيسها إلى الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني عن التصرف الأخرق الذي أدى يوم الخميس الماضي إلى إلغاء رحلة لطائرة شركة الشرق الأوسط الى بغداد وإعادة طائرتها، وهي في الجو، إلى مطار بيروت بعد عشرين دقيقة من إقلاعها منه.

نعم خيراً فعلت، فهذا هو التصرف السليم، المسؤول والحضاري... ولكن ماذا عنّا؟ أعني نحن الشعب العراقي.. ذلك التصرف لم يكن أخرق في حق الشعب اللبناني وحكومته وحدهما. انه أيضاً أخرق في حق شعب العراق ودولته، فهو يعطي انطباعاً بأن الدولة العراقية غدت "خان جغان" بتعبيرنا العراقي، أو "حارة كل من إيده اله" بالتعبير الشامي. ودولة بهذه المواصفات لا تحترم شعبها، فما من دولة تحترم شعبها يقبل القائمون عليها بتحويلها إلى "خان جغان".

مع الاعتذار إلى حكومة لبنان وشعبه، إن لم يكن قبله، كان يتعيّن على رئيس حكومتنا أن يعتذر لنا عما حصل. وكان على وزير النقل أن يعتذر... هذا أقل ما كان على الوزير أن يفعله، بل ربما كان عليه أن يُقرن الاعتذار بتقديم الاستقالة من منصبه.

حكومتنا ورئيسها ووزارة النقل ووزيرها وسائر المسؤولين في الوزارة وسلطة الطيران المدني تركونا في حيص بيص. لم نعرف حتى الآن حقيقة ما جرى.

مرة سمعنا وقرأنا نفياً مطلقاً لأن تكون قد صدرت أوامر بمنع الطائرة اللبنانية من بلوغ وجهتها، مطار بغداد. مرة أخرى سمعنا وقرأنا ما ينفي هذا النفي والاقرار بمنع الطائرة من النزول في مطار بغداد "لأسباب فنية"، أو الأسباب ترجع الى "عملية تنظيف" كانت تجري في المطار"!.. ومرة ثالثة وليست أخيرة سمعنا وقرأنا ان ما وقع للطائرة اللبنانية يحدث في الكثير من مطارات العالم، وعليه استنكر بعض مسؤولي وزارة النقل على العراقيين ووسائل الاعلام العراقية وغير العراقية ان "يهوّلوا" في الأمر!

إذا كانت هناك أسباب فنية أو تنظيفية أو ان الأمر مألوف في كل مطارات العالم، لماذا اعتذر رئيس حكومتنا الى حكومة لبنان وشعبه؟ ولماذا توعد رئيس حكومتنا المسؤولين عن القضية بأقسى العقوبات؟ ولماذا اعتقل أحد كبار المسؤولين في سلطة الطيران؟ ولماذا لم تُوجّه الطائرة اللبنانية نحو مطار داخلي آخر بحسب ما تقضي به قواعد الطيران العالمية الملزمة لكل سلطات الطيران؟

القدر الكبير من الاحترام والتقدير الذي أبدته حكومتنا لدولة لبنان وشعبها بالاعتذار لهما عن ذلك التصرف الأخرق، قابله قدر ممائل أو يزيد من عدم الاحترام والتقدير لنا، نحن الشعب العراقي، الى حدّ أن وزير النقل لم ينبس بحرف واحد، مع ان القضية تتعلق بمؤسسة تابعة مباشرة لوزارته، والأكثر من هذا ان القضية تتعلق بتصرف غير قانوني وغير شرعي منسوب الى أحد ابنائه، فالوزير لم يكلّف نفسه نفي علاقة ابنه بالأمر، كما لو ان الشعب العراقي لا يستحق حتى إعلان النفي.

التصريحات المتضاربة للمسؤولين في مجلس الوزراء ووزارة النقل وسلطة الطيران المدني وصمت وزير النقل، لها معنى واحد هو احتقار الشعب العراقي والاستهانة بقدره وقيمته وبحقه في أن يعلم ويعرف.

عن المدى العراقية