الى المرأة في عيدها
تاريخ النشر : 2014-03-07 23:18

في عيدك..تتراقص الازهار

 لم يكن صدفة ان يحتفل العالم من كل عام بيوم المرأة العالمي ، فثمة نضال ابداعي طويل من اجل انتزاع هذا الحق ، وهو ليس يوما للاحتفال كغاية بذاتها او رغبة في احياء الطقوس الاحتفالية بالمرأة ، انما هو يوما يجسد ارادة المجتمع الدولي والانسانية جمعاء في تخليد نضالات المرأة عبر قرون لنيل حقوقها الطبيعية ومساواتها في الحقوق مع الرجل ، بل هو يوم تتكرر فيه الدعوة الى تمكين المرأة من اخذ دورها الطبيعي في بناء المجتمع الانساني الخالي من الاضطهاد والعنف المصاحب للمرأة ..

انه يوم الثامن من اذار من كل عام ، يوم حري بكل رجل حر وتقدمي ومؤمن بالعدالة الانسانية ان يشارك المرأة بعيدها بل يخلق من هذا اليوم مساحة من الفرح والحبور والسرور لترسيخ حضور المرأة ليس في واقعنا وحياتنا وانما لترسيخ حق المرأة في وعينا وعقولنا وممارساتنا نحن " الذكوريين " السالبين لحقها بالوراثة وبالجهل وبالوعي البدائي وبالمصلحة الانانية وبمواريثنا التاريخيه .

فأن يتحول يوم المرأة العالمي الى عيد حقيقي للمراة والانسانية جمعاء ، فهذا بداية التحول في النظرة للمرأة وكينونتها الانسانية ودورها ووظيفتها في المجتمع ، .. وان يصبح لها عيدا خاصا انتزعته بكفاحها وعقلها وسواعدها ، فهذا يعني اننا نبدأ الخطوة الشجاعة والعاطفية والانسانية في الاعتراف بمكانتها وتميزها واحقيتها بعيدها ، بل نؤسس الى رؤية معاكسة لكل ما هو خرافي وموروث تاريخي او شعبي كان ولا زال يختصر ويختزل المرأة في وظيفة او وظيفتين احدهما خدمة الجنس الذكوري ، ذلك الموروث الذي يضعها في مرتبة وضيعة ويسحق ادميتها تحت الف والف فتوى وفتوى وسلوك اناني احتلالي بغيض ..

عيدا تستحقه عن جدارة ، بل تستحقه امام ذلك الكم الهائل من الوعي الذكوري الغارق في القدم والذي ينطوي على نزعات الاستعلاء والاستغلال والاحتلال لادميتها

 ايتها المرأة الجميله .. انت وحدك اليوم التي تتربعين على الارائك كي يقف العالم كله امام عظمتك وجلالك وجمالك وعطاءك وروحك الاسره ...

انت وحدك التي تعطي هذا العيد نكهته وعبيره ، فرحا وسرورا وورودا ، لأنك انت التي شيدت بنيان هذا العيد من العدم ومن المستحيل ، ومن بين انياب الرأسمالية الغاشمة المستغلة ..ومن بين ظلمات كهوف موروثنا وعقولنا

 انت وحدك التي هدمت جدار الفصل العنصري بين المنطق والمجتمع الذكوري والمجتمع الانساني الانثوي ، كان معولك امضى واهم من كل المعاول الاخرى في فتح الكوة في ذلك الجدار المخيف ، بيد ان ذلك الجدار لم يهدم كله ، فما زال جدارا اطول وامتن من جدار الصين العظيم . وما زال عليه حراس من المتحذلقين الذكوريين وحملة مشاعل الخرافات والاساطير التي تنزل المرأة من علياءها ومكانتها الى المكانة الوظيفية الخدمية لخدمة الرجل الملتف على ذاته تورما وخيلاءا وجهلا ..

عيدك ربيعا يزهر ورودا وشقائق النعمان ، عيدك نغم في حياتنا يمتع انسانيتنا ، عيدك عبادة وترانيم حب ، عيدك نسمات وعبير حواء الاولى ، عيدك مرح وشهوة للرقص كما فراشات جليل بلادنا ، عيدك كفاح اخر ينحت في سفر حواء تاريخا جديدا للانعتاق ..

عيدك ازاحة لتلك المسحة من الحزن الذي يعتلي وجهك الملائكي ، بل هو تلك الاستراحة من يومك الطويل من الكد والتعب والاجهاد ..

يا أمنا ، يا رحم وجودنا الانساني ، انت وحدك مرضعة الحنان لقلوب البشرية ، وانت الحضن الدافئ الذي يستريح فيه كل المجتمع الذكوري ، بل وتتكسر امامه كل غلاظة وقساوة وكبرياء اقل واعظم الرجال شأنا ...

أنت في مصاف جيش الرجال في كل شمائلهم وادوارهم ولا تنقصين عنهم فيما هم يعملون ويكدون ويفكرون ويصنعون ويقاتلون .. لكنهم لا يريدون ان تجاريهم كي لا تتفوقي او تمزقي كبرياهم ..

عيدك صرخة حريه ، وصرخة أمل بأن ينهدم ذلك الجدار بين جنسين متكاملين متحدين في ابهى صورالحياة