يريدونه احتلالاً “خمس نجوم”
تاريخ النشر : 2013-10-18 09:04

في وقت تتواصل فيه اجتياحات قوات الاحتلال “الإسرائيلي” للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وتستمر المواجهات والاعتقالات للمواطنين في الضفة الغربية، يتواصل الحصار وتتكرر التوغلات في قطاع غزة . وتبدو الدهشة واضحة جلية على وجوه الصهاينة، عسكريين ومدنيين، إذا تعرض أحدهم للقتل، أو محاولة القتل، أو تعرض جنودهم لحجر أو قنبلة حارقة! ذلك لأن بعضهم لا يرى في احتلالهم احتلالاً، ولأن من يرونه منهم يريده احتلالاً خمس نجوم، لا يجدر بأحد من الفلسطينيين الواقعين تحت وطأته أن يعترض عليه، بل أن يقدم لهم التسهيلات اللازمة للاستمتاع به والاستفادة منه.

في الجلسة الأسبوعية لحكومته، الأسبوع الماضي، أشار بنيامين نتنياهو إلى تصاعد “النشاطات الإرهابية” من جانب الفلسطينيين في الأسابيع الأخيرة . جاء ذلك في أعقاب قتل ضابط متقاعد في الغور، وبعد ساعات من إعلان الجيش “الإسرائيلي” عن اكتشاف نفق يمتد من خان يونس باتجاه الضفة الغربية . وكانت حادثتان أخريان قد وقعتا قبل قتل الضابط ما رفع عدد القتلى إلى ثلاثة في ثلاثة أسابيع، وهو ما جعل الحديث يتسع ويملأ الصحف “الإسرائيلية” عمّا يجري في الضفة.

وعلى إثر ذلك، شنت قوات الاحتلال حملة اعتقالات واسعة في محافظة الخليل، واعتقلت شابين هما: طالب حروب (18 عاماً) وبشير حروب (21 عاماً)، واتهمتهما بتنفيذ عملية قتل الضابط.

بعض المعلقين الذين توقفوا أمام حادثة قتل الضابط، رأوا أن ما جرى لا يزال “لغزاً” لم يحلّه الجيش حتى الآن، ولا الأجهزة الأمنية، خصوصاً أنه لم يعلن أحد مسؤوليته عنها “خلافاً لما هو دارج”، ما جعل هذا البعض يستنتج أن حوادث القتل الثلاث نفذها إما أفراد لا علاقة لهم بالمنظمات، وإما شبكات محلية أيضاً لا علاقة تربطها بالمنظمات وقادتها (معاريف-13-10-2013).

لكن المراسل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت”، أليكس فيكشمان، كتب عن الموضوع يقول: “في جهاز الأمن أصبحوا يتحسسون في الظلام، ويبحثون عن أدلة على هبّة شعبية في الضفة . وأصبحوا في الجيش أيضاً يعترفون بأنه لا يمكن أن تفسر ثلاثة أعمال قتل، ومحاولة رابعة، في شهر واحد بأنها مجرد قدر”! وفي رأي فيكشمان، أن الاستنتاج الوحيد هو أن ما حدث كان “نتاج ضعف ردع قوات الأمن الفلسطينية و”الإسرائيلية” للسكان الفلسطينيين” . (لاحظ أن الفلسطينيين ليسوا سوى سكان !) ما أسقط في رأيه “حاجز الخوف لدى الفلسطينيين”!

وكانت الدوائر الأمنية والسياسية “الإسرائيلية” قد أشادت كثيراً خلال العام الماضي بأداء الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتنسيقها الأمني . وكان الرئيس محمود عباس، في لقاء مع أعضاء من الكنيست، قبل أيام، قد أكد “التزام السلطة بالتعاون الأمني 100% والنتائج 100%”، إلا أنه حذر من أن “استمرار الممارسات “الإسرائيلية” قد يؤدي إلى فقدان السيطرة” على الوضع! لكن الرد “الإسرائيلي” على هذا التحذير كان أن “تقرر في الجيش والشاباك تعزيز النشاط الهجومي والدفاعي، فزادا من الدخول إلى عمق الأرض الفلسطينية، لتنفيذ اعتقال مشتبه فيهم في التنظيمات ولإظهار الوجود أيضاً، كما زيد من قوة الوجود في الشوارع”، كما قال فيكشمان.

فكل الممارسات التي يقوم بها جنود الاحتلال، وكل الاعتداءات التي ينفذها المستوطنون على الأرض والمقدسات، إضافة إلى كل ما تفعله الحكومة من قرارات مصادرة الأرض وتوسيع المستوطنات وهدم المنازل، كل ذلك يحدث ثم يستغربون حادثة قتل أو محاولة قتل، أو حتى رمية حجر يتعرض لها جندي أو ضابط أو مستوطن . وعندما يحدث ذلك، وبدلاً من أن يفهموا أن عليهم التخفيف من انتهاكاتهم واعتداءاتهم، يحدث العكس ويوغلون أكثر في ما كان السبب في ما يجري ويحدث . وفي مقاله المشار إليه، ينتهي فيكشمان إلى القول: “يمكن أن نتفهم الرغبة في منع احتكاك لا داعي له مع السكان الفلسطينيين في فترة تفاوض سياسي، لكن الأرض ستنفجر مع تفاوض سياسي أو من دونه إذا لم يوجد ردع، وإذا لم يوجد تعزيز للقبضة الاستخبارية على الأرض”.

هكذا دائماً، على هذه الصورة يأتي الحل “الإسرائيلي”: “ما لا تنفع معه القوة، ينفع معه مزيد من القوة” . ولا يفهم أمثال فيكشمان أن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التمرد على الاحتلال، والاندفاع لمقاومته بكل الطرق . وفيكشمان . الذي يطالب بقوة الردع، هو الذي يلاحظ أنه منذ بداية العام الحالي “أخذت تبدو مقدمات هبة شعبية تعادل انتفاضة شعبية . ومنذ تموز الماضي أخذ يزداد عدد الزجاجات الحارقة التي ترمى بها أهداف “إسرائيلية”، ويلاقي جنود يدخلون لتنفيذ اعتقالات عنفاً أشد مما كان في الماضي، ويستمر رمي الشوارع بالحجارة . وليس مصادفة أن زاد في هذه السنة عدد المعتقلين بين الفلسطينيين بنسبة 25% قياساً بالسنة الماضية” . فكيف يمكن أن يوصف رجل مثل هذا الفيكشمان؟ هل يمكن أن يعد رجلاً سوياً، أم أنه مصاب بانفصام عقلي ونفسي؟ إنه لا هذا ولا ذاك، هو محتل ومستوطن وغاز فقط، وهو لا يرى إلا أن احتلاله يجب أن يدوم، والغاية دائماً تبرر الوسيلة، ووسيلة المحتل دائما لا شيء إلا القوة، ومزيد من القوة.

ليس ذلك وحسب، بل هناك أمثال المحلل العسكري ل “يديعوت أحرونوت”، زميل فيكشمان، الذي يتساءل عما إذا كان الفلسطينيون” يجروننا إلى منحدر خطر نحو انتفاضة ثالثة”.

عن الخليج الاماراتية