أمريكا وسياسة حافة الهاوية
تاريخ النشر : 2014-03-04 13:37

السياسة الأمريكية في قضية أوكرانيا هي سياسة حافة الهاويةوتقود إلى مخاطر المجابهة المباشرة بين العملاقين . بل أن العالم يمسك أنفاسه منتظرا لحظة الإنفجار المهلك .

إن السياسة الإستعمارية هي سياسة غاشمة ، وهي في سبيل الحفاظ على هيمنتها وتفوقها وعلى الأسواق اللازمة ومصادر المواد الخام والنفوذ بكل أشكاله تتحول إلى سياسة هجومية عدوانية دون خوف أو وجل .

وبعد أن امتلكت أسلحة التفوق وتميزت بالتقدم والتطور أصبحت هجومية أكثر فأكثلر وغدت إستعمارية وأصبحت سياسة النهب والسيطرة سياسة ثابتة بمقدار ما هي تؤمن له الأسواق ومصادر المواد الخام وتأمين وصولها بالأسعار الإحتكارية التي تراها مناسبة .وزاد الأمر سوءا بعد سقوط الإتحاد السوفييتي حيث كشرت عن انيابها أمام الشعوب واعتدت دون حسيب أو رقيب .

إن سياسة حافة الهاوية هي سياسة عدوانية وهجومية في ذات الوقت وهي تدفع الطرف الآخر لإتخاذ جانب الدفاع رغما عنه امام مخاطر حرب مدمرة أو مخاطر حربية وأضرار كبيرة قد يصعب حسابها أو تصل إلى أوضاع يصعب السيطرة عليها .

فسياسة حافة الهاوية الأمريكية تدفع بأطوار الصراع سريعا إلى درجة يظن فيها المراقب أن الحالة وصلت إلى محطة لا رجوع عنها وأن المجابهة حاصلة لا محالة وهي في طور الحصول أو تكاد .

ويكون الطرف الآخر في المجابه أمام خيارين صعبين :إما المجابهة وتحمل كل نتائجها أو التراجع ومحاولة التفاهم على شروط الخصم .

وفي هذه الحالة إما ان تستمر الحالة وتتطور إلى الهجوم رغم تراجع الطرف الآخر كما حصل عام 1991 بين أمريكا والعراق حيث تراجع العراق وقرر الإنسحاب من الكويت وبدأ بسحب قواته فعلا . أو لا تصل الأمور إلى درجة المجابهة ويخضع الطرف الآخر لكل الشروط أو بعضها كما حصل بين أمريكا وسوريا وقصة تسليم السلاح الكيماوي وتخفت الحدة عما وصلت إليه.

إن الذي يستطيع أن يدفع المجابهة إلى حافة الهاوية هو طرف قوي ويحسب أن خسارته قليلة بل أنه يدافع عن مواقف استراتيجية تلزمه بالمخاطرة.أو من أجل منع الطرف الآخر من عبور خطوط تزيده قوة ومنعة على حساب الموقف الآخر.

إن الأمر جد خطير فيما يخص الأزمة الغربية الروسية على أوكرانيا وقد هدد كيري وزير خارجية أمريكا باستخدام القوة، علما أن أمريكا هي التي دعمت ومولت تحركات المتشددين العنصريين في انقلابهم على حكومتهم . إنه هنا لا يهدد بلدا من أفريقيا أو آسيا إنه يهدد أعظم بلد نووي في العالم ويمتلك قدرة تستطيع تدمير الكرة الأرضية مرات عديدة .

ربما لم تبدأ كرة الثلج بالتدحرج بعد مع أنه " أعلن رئيس حكومة القرم بوضع كل قوات شبه الجزيرة مؤقتا تحت تصرفه ويطلب مساعدة روسيا في حفظ الأمن وهو ما اثار حفيظة الامريكان وتعبير اوباما عن القلق وبحسب المؤشرات فان هناك مستجدات تصعيدية قد اعلن خلال الايام القادمة مالم ترضخ امريكا لتسوية جديدة مع الروس .

وردا على طلب رئيس حكومة القرم فقدأعلن مصدر في الكرملين أن روسيا لن تهمل طلب رئيس حكومة جمهورية القرم الذاتية الحكم سيرغي أكسيونوف للمساعدة وفق ما نقلت وكالة "انتر فاكس"فيما يشبه التمرد على الحكومة المركزية الجديدة .

كما ان اوباما أعلن تهديدا صريحا ضد التحركات الروسية الآخذة في التطور.

إن أوكرانيا هي أخطر عقدة دولية تظهر في القرن الواحد والعشرين حيث يتصارع عليها الطرفان من أجل مصالح لا يمكن تلاقيها لإرتباطها مباشرة بميزات القوة العسكرية للطرفين ولأهميتها غير القابلة للتعويض لروسيا .

وعلينا أن ننتبه أن روسيا لم تتأثر كثيرا بالأزمة الإقتصادية التي لا زالت تنشب أظفارها في الإقتصاد الرأسمالي كما حصل لأمريكا وأن روسيا تتقدم لتعزيز مواقعها وعلاقاتها في مقابل أمريكا وفي إطار علاقة صراعية معها تكاد تحمل تركة الإتحاد السوفييتي والحرب الباردة .

إن أمريكا بدعمها للإنقلاب في أوكرانيا إنما تهاجم روسيا في القلب عمدا ومن أجل أن يحدث إنقلاب عميق في السياسة والمواقف الأوكرانية تجاه روسيا ومصالحها الإستراتيجية الحيوية وإلى درجة الخطورة وم أجل أن تتحول أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي أي الحلف المعادي وفي حجر روسيا القريب .فالأمر بالنسبة لروسيا ليس مجرد خسران موقع وخسران نقاط ، بل هجوما على ساحة البيت علما أن القرم قد انضمت إلى أوكرانيا في عهد خروتشوف كنوع من التنظيم الإداريللإتحاد السوفييتي في أوساط الخمسينات.

هل تكتفي روسيا باستعادة القرم أم أن الأزمة باتجاه التصعيد ؟ وهل تسلم أمريكا لروسيا بالقرم ؟