القادمون إلى رام الله
تاريخ النشر : 2014-03-03 11:53

كثيرون هم زوار رام الله المدينة المتربعة بصخب لم تعهده من قبل والتي عاشت دائما هادئة وادعة بمقربة زهرة المدائن القدس .

تغيرت الحياة فيها، وأصبح الصخب رمزا لها مع تحولها لعاصمة في حالة دوام مؤقت للواقع الفلسطيني، وتكاثر زوارها وتعددت صفاتهم من سياسين يحضرون للاطمئنان عن السلام، إلى مثقفين وفنانين ومطربين ورياضيين.

الكل يصل فرحا وعلى عجل للتضامن مع أصحاب القضية المنسية في صخب ضجيج كوارث الربيع العربي الذي تحول لشتاء مأساوي بلون أحمر دموي .

أخر زوار رام الله المبجلين الأمير الوليد بن طلال، صديق شعبنا والرجل الذي يمد يده بالخير دون بهرج أو استعراض، سبقه قبل ذلك عديد المطربين والمغنيين بعد أن اكتشفت فلسطين أن لها محمد عساف أعظم إنجازاتها في السنة الماضية ، فكان لزاما علينا أن لانضيع الإنجاز ونرفقه بمكاسب سنتوجها في الغناء بافتتاح كأس العالم في البرازيل هذه الصائفة .

رام الله مدينة تتقاطع فيها المفردات، ففيها مقرات الحكم الفلسطيني ، وفيها شعب رام الله المختار، ويمر فيها لزاما بقية الشعب الفلسطيني المتنقل بين الحواجز الاسرائيلية في الشمال والجنوب ، الزائر لها مراجعا أو متابعا هما يوميا له وما أكثر هموم الفلسطينين .

زيارات التضامن والمحبة رائعة المعاني يزيدها جمالا الإحساس المتولد لدى الفلسطيني أن له وطن يزار رغم أن الحقائق المرة تجعل من مساحة هذه الزيارة كيلومترات قليلة لاتخرج فيها عن حدود رام الله .

في رام الله يحضر كل شيئ حتى مطاعم الوجبات السريعة الأمريكية بامتياز، المقهاي الجميلة والحياة السلسه في أبسط الإحتياجات فكل محلاتها تعج بالمنتج الإسرائيلي الممتاز والفاخر والذي يفضله الأغنياء والمقتدرون لإن الفرق بين شركة ألبان تنوفا الإسرائيلية وشركات الألبان الفلسطينية كبير ، والحضارة تفرض على الأغنياء أن يأكلوا ويشربوا الأفضل .

زوار رام الله المبجلين اهلا بكم والعاصمة الكبيرة بطيبتها، الصغيرة بمساحتها جراء حصار المستوطنات ترحب بكم، وزيارة الأمير الوليد بن طلال ستسجل بكثير من المحبة والتقدير، خاصة والكثيرين يحلمون بأن يراهم بعين الكرم والمحبة التي يعلنون مسبقا أنهم يرسلوها لها دون حساب رغم أنه لا يعلم من هم ولكن يتوقع بماذا يفكرون ؟؟.

غير بعيد عن رام الله التي تتجمل كل يوم لاستقبال ضيوفها، يقف كثير من المنسيين في السنوات الأخيرة، بعد أن أصبح الوصول لها لمن يتوقون العودة لوطنهم ولم شملهم واستعادة هويتهم امرا أشبه بالمستحيل، بعد أن استبدلنا مطالبتنا بعودة عدد من الفلسطينين كل سنة لوطنهم بترتيب زيارات ثقافية وفنية ورياضية يستمتع من انجزوها بحجم الانجاز، ويبقى الفلسطيني الحالم بالعودة أو بزيارة وطنه ينتظر الأعياد عسى ان تتكرم عليه دولة الإحتلال الصديق ( إسرائيل ) بتصريح قد يأتي ولا يأتي لزيارة وطن حرم منه الآحياء والأموات .

شكرا لكل من يزور رام الله فهذا تضامن لا يمكن أن ينسى ، وشكرا لمن يبذلون جهدهم المشكور ليضمنوا نجاح الزيارات بتفاصيلها الصغيرة والكبيرة، من الاستقبال بالورد إلى اعلى درجات المحادثات السياسية وما غيرها وهو الأهم .

على الجانب الأخر ينتظر الكثيرون حلم العودة، وفي حدوده الدنيا حلم الزيارة ، ويبيعون كل سنة حلمهم الذي لم يتحقق لسنة جديدة، فيها أعياد ومناسبات تذهب فيها الطلبات والإتصالات والأمل والرجاء حده الأقصى، ويتضاعف فيها عقدة انتفاخ الذات لدى من يكثر رنين هاتفه من المتأملين خيرا بطيبته وكرم أخلاقه عسى أن يشملهم بعطفه وكرمه ويحقق لهم حلما ترتجف له القلوب.

المنسيون هم الفقراء في فلسطين الذين لم تمنحهم الحياة فرصة الصوت الجميل، أو القلم المميز، أو الموهبة الرياضية، وأخيرا المال الوفير لكي يكتب لهم أن يشاهدوا وطنا يشتاقون لحلم رؤياه .

في رام الله المتعجلة دائما ، ينسى من فيها جراء صخب الحياة ان وراء النهر الكثير من حاملي الحلم بالعودة لوطن لم يعرفوا بعد أين يبدأ وكيف ينتهي .