التوطين أصبح قريباً
تاريخ النشر : 2014-02-28 08:44

الدخان الكثيف المتصاعد جراء التطورات السورية المصيرية والازمات اللبنانية المتلاحقة، حجبا الرؤية عن أحداث أهمّ تدور بصمت مطبق في الكواليس والمكاتب المغلقة وتحتضن مفاوضات حاسمة ما بين الفلسطينيين والاسرائيليين بإشراف واشنطن مباشرة.
فبعد فوز الرئيس الاميركي باراك اوباما بالولاية الثانية دار الحديث عن خطة كاملة وضعها وزير خارجيته جون كيري وفريقه المعاون لخريطة طريق تنتج تسويات كاملة في الشرق الاوسط. وتردد يومها أنّ كيري أبلغ فور توليه مسؤولياته الى اوباما انه سيقدم انجازات تاريخية على مستوى النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي والملف الايراني، تُدخل اوباما الى نادي الرؤساء التاريخيين.

ويومها أيضاً راج أنّ كيري ينوي الدخول الى ملفات الشرق الاوسط المعقدة من باب المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية وأنه طالما تحقق هذه المفاوضات تقدماً جيداً فسينطلق في اتجاه ايران من شبّاك الحرب السورية المستعرة.

وجاءت التطورات لتؤكد صحة ما تردد. صحيح انّ الملف الايراني شكل قنبلة اعلامية وشغل الاوساط السياسية والاعلامية على حدّ سواء، إلّا انّ المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية والتي كانت تدور بصمت مطبق كانت تسجل خطوات هائلة ستصيب تردداتها المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً.

واستعان كيري بفريق كامل من الخبراء الذين عملوا طويلاً على هذا الملف، وجاء تعيين ديفيد هيل سفيراً لواشنطن في لبنان بمثابة الخطوة المكمّلة، ذلك أنّ هيل الذي عمل سفيراً لبلاده في الاردن وخبر فيه ابعاداً كثيرة للملف الفلسطيني عاد وشغل موقعاً مهماً في الفريق المفاوض مع الفلسطينيين.
في الكواليس الديبلوماسية يتردّد أنّ تقدماً كبيراً قد حصل، ما سيتيح إعلان مبادئ شفوي في أيار أو حزيران المقبلين.

لكنّ آخر المعلومات في هذا الاطار تشير الى طلب اسرائيلي بالتمهل قليلاً في سرعة التفاوض الحاصلة لأنّ الداخل الاسرائيلي ما يزال غير جاهز لاحتضان النتائج في هذه المرحلة. ووفق ما تسرّب، فإنّ الاعتراض الاسرائيلي يتمحور حول الدور الذي سيعطى لقوات من حلف الاطلسي ستتولى مراقبة تطبيق بنود الاتفاق من خلال انتشارها في نقاط محددة في الضفتين الشرقية والغربية.

وطبعاً يلحظ الاتفاق تفاهماً حول فلسطينيّي الشتات بمن فيهم فلسطينيو لبنان وقد حسم الاتفاق مصير هؤلاء وفق اربع مجموعات:

الاولى، تلحظ عودة قسم صغير من هؤلاء الى الاراضي التي تقع تحت السيطرة الاسرائيلية.

الثانية، السماح لقسم محدود بالانتقال الى مناطق واقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.

الثالثة، نقل مجموعات أخرى الى بلدان اوروبية أو عربية او الى كندا، ولكن تحت إشراف الامم المتحدة.

الرابعة، وهي تضمّ بقية الفلسطينيين والذين سيُجرى تشريع وجودهم في لبنان.

وعلى عكس ما قد يعتقد البعض بوجود بعض الجوانب الايجابية فإنّ الحقيقة تبدو مرعبة. فالفئتان الاولى والثانية لن تشملا سوى اسماء منتقاة جيداً لدى الاجهزة الامنية الاسرائيلية.

اما الفئة الثالثة فستكون حسب لوائح الامم المتحدة والتي ستشمل اسماء فلسطينيين غادروا لبنان فعلياً وما تزال اسماؤهم موجودة في اللوائح،
ما يعني انّ معظم الفلسطينيين سيتمّ تجنيسهم، مع الاشارة الى انّ هذه الفئة ستضمّ المجموعات الفلسطينية التي تشكل تهديداً للاستقرار الامني ولانتظام القانون.

الرئيس الفلسطيني محمود عباس بدأ يراوغ ويعلن مواقف غير واضحة فيما المخيمات تشهد تحركات غير مفهومة. فالمجموعات الاسلامية تكاد تصبح الأقوى في مخيم عين الحلوة، فيما حركة «فتح» تنكفئ عجزاً، او عمداً، ربما.

المسؤولون اللبنانيون غارقون في حسابات «جبنة» السلطة واحتمالات انتخاب رئيس جديد أو التمديد للرئيس الحالي. الفاتيكان قلق ووجّه اسئلة كثيرة الى واشنطن حول قدرة لبنان على التحمّل. فيما الدولة اللبنانية في وادٍ آخر.

عن الجمهورية اللبنانية