العقل العربي وحتمية التغيير
تاريخ النشر : 2014-02-27 01:56

لقد أضحى التغيير المجتمعي في كل مناحي الحياة شيئاً ضرورياً وأساسياَ من أجل أحداث تنمية مستدامة وشاملة ، ومعالجة كافة أوجه القصور والخلل المصاب به المجتمع ، إن هناك تحدِ كبير يواجه جيلنا ويتمثل في تغيير كافة أنماط تفكيرنا السابقة ، وإعادة صياغة كافة مفاهيمنا ورؤانا للحياة بطريقة عقلانية ومستنيرة بعيدة عن التعصب والانغلاق والتقوقع حول أفكار ومفاهيم ثبت خطأها وعدم قابليتها لمجارة الواقع اليومي .

بصفة عامة نجد العقل العربي يتوجس خيفة من التغيير وتساوره الشكوك والظنون حول أي دعوة للتغيير السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي ، ويقبل أن يعيش تحت وطأة نظم قمعية تنتهك حقوقه كل يوم وتسفك دمه وتسرق قوت يومه وتنشر الفساد في الأرض ولا يحرك ساكناً لأنه تكيف مع تلك النظم ، وأصبحت حياته قابلة للتعايش مع هذه النظم المستبدة .

التغيير سنة كونية واجتماعية ونفسية , وتاريخ الإنسانية يوحي لنا بأن الحاجة إليه قضية ملحة وذات أهمية لاستمرار الحياة . وهو فعل اجتماعي تقوم به الجماهير , ولاسيما الطبقات الكادحة التي تعاني الظلم والحرمان , من أجل تبديل ظروفها حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية نحو الأفضل , ولأن من أبرز صفات الإنسان أنه كائن متغير , وهذه الصفة ربما هي التي جعلته يختلف عن سائر الكائنات , مما انعكس على المجتمع الذي يشكل الإنسان مكونه الأساسي . ومن هنا أصبح للإنسان تاريخ متراكم من الخبرات استطاع من خلالها أن يرسم منهاجاً لحياته , ومن ثم يسهم في بناء منظومة من الأفكار التي تدفعه إلى معرفة واقعه الحياتي ومحاولة تغييره باستمرار .

إن الحديث عن التغيير ليس المقصود به فقط التغيير السياسي والذي رأينا بعض ملامحه فيما عرف بثورات الربيع العربي ، بل المقصود التغيير الشامل وفي كل مناحي حياتنا والذي يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها الإبداع والابتكار والتحرر من كافة القيود الشكلية التي تفرضها العادات والتقاليد المتوارثة في مجتمعنا .

لذلك الشباب العربي مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى من البدء بتغيير واقعه المعاش وخلق البيئة الصحية التي تحقق له ما يصبو ويطمح له ، وأن تكون ثورته في البداية على النفس وعلى ما فرضه المجتمع من قيود وعقبات تقيد من طاقته وتحد من إبداعه ،و يتمرد على من يريد كبت طموحه وسلب حرياته من أجل مصالحهم الخاصة والاحتفاظ بمواقعهم للأبد

 العقل العربي عاجز عن أدارك حقيقة دامغة مفادها إن التغيير سنة كونية ، وأن الإنسان لابد له أن يترك الفرصة لغيره من أجل تقلد المناصب وتولي الوظائف ، وذلك من أجل تتابع وتعاقب الأجيال ..

ما هذه العقول المتحجرة التي تريد أن تحتفظ بمناصبها سواء الدنيا أو العليا للأبد وتوريثها لأبنائها من بعدها

 ألم يدرك هؤلاء بعد أن المسئولية مغرم وليس مغنم ؟!