خيانة
تاريخ النشر : 2017-02-19 11:18

مرض استشرى وانتشر والغريب المفجع أنها باتت من الطرفين، لا تقتصر على الرجل المنحرف، بل دخلت تنافسه المرأة المنفلتة.

قالوا إن للخيانة أسباباً، ولكل من الرجل والمرأة أسباب تخصه، ادعى كل من الطرفين أن له الحق بالخيانة، وأنها تأتى كرد فعل على ظروف يمران بها.

فالرجل يخون إذا ما اشتاق لحياته الأولى قبل الزواج والمسئولية، كحنين لأيام العزوبية، وليثبت لنفسه أنه ما زال عصفوراً مغرداً محلقاً فى عالم الحسان!

ويمكن أيضاً أن يخون إذا ما تسلل الروتين والبرود إلى علاقته بزوجته، وكأنه لا دور له فى هذا الروتين أو ذاك الملل!

لعل من أسباب خيانة آدم أيضاً ضغوط العمل وصعاب الحياة، إذ إنه يبرر الأمر لنفسه بأنه ترويح عن النفس وسعى فى سبيل بهجتها.

أحياناً أخرى يكون مضطهداً اجتماعياً أو منكسراً اقتصادياً أو غير متحقق فى عمله، مما يسبب له ضربة فى عمق كيانه ينتج عنها رغبة فى إثبات الذات، وأنه غير مهزوم بل مرغوب من الأخريات.

وربما قال مدافعاً: هى من انشغلت عنى بالأبناء والأعباء، هى من زاد وزنها واختلط وجهها واخشنَّ صوتها! هى العنقاء والتنين والألم الدفين! هى من لا توفر لى الجو الهادئ المناسب والرومانسى لأرتاح ببيتى فأضطر للراحة خارجاً مع أخرى!

وعندما تخون حواء يكون الأمر أقبح والجرم أفحش، قالتها هند بنت عتبة: «أوَتزنى الحرة؟!»، إن فعل الخيانة لا يليق بالمرأة الأبيَّة، ولا يقف الأمر عند كونها زوجة، بل أحياناً تبلغ الوقاحة والاستهتار حد أن تكون أماً أيضاً، ويتنطعن هن الأخريات بالذرائع والعلل.

تسمع من إحداهن، أن زوجها يهملها وهى الشابة الجميلة وتحتاج من يشعرها بوجودها، وتبهرك أخرى بأنها تشعر بالملل وتحتاج لملء وقت فراغها، أو بأن لديها فضولاً بشأن المغامرة! أو بأن لها احتياجات مادية أو جسدية لا يقدر زوجها على تلبيتها فتسعى لتعويضها بعلاقة أخرى، تسمع الذرائع وكأن إبليس بذاته يتحدث.

كلا الصنفين مريض نفسياً يحتاج علاجاً، وللأسف عددهم قد زاد ويزداد يومياً، حتى خربت البيوت وفسد النشء وذهبت البركة! كل التعليلات التى يتذرعون بها ملفقة، فالأسباب الحقيقية مختلفة تماماً، منها مثلاً الضعف، ضعف النفس وخستها وعدم احترامها لذاتها أو للشريك، أو لكيان الأسرة، فمن يحترم نفسه وذاته وجسده لا يوزعه فى الأزقة والطرقات أو فى علاقات محرمة ومجَرمة.

ثانى الأسباب الحقيقية، عقد وموروثات فى تنشئة الخائن، مثلاً أن يكون من المعنفين أو المقهورين أسرياً، عنف أدى إلى كبت وانحراف سلوكى، أو أن يكون أحد أبويه خائناً، أو أن يكون قد ترعرع فى بيئة منحرفة، لا تعلى للأخلاق شأناً ولا للدين مكاناً! أو أفرط فى تدليله فلم يعرف للضوابط طريقاً، أو لم يتفرغ أبواه لتربيته أساساً!

متفقون جميعاً أن الخيانة مجرمة من كل المعتقدات والأديان والمذاهب وأن العقاب عليها شنيع وفظيع، فأى عاقل برأسه ذرة تفكير، يشترى العقاب بلحظات ملعونة! إذاً فالخائن عقله غائب أيضاً، لكن غالباً من يقدم على فعل كهذا يكون الإيمان أو خشية الله قد غابا من قلبه تماماً، وإلا ما جرؤ على إثمه هذا!

وهناك زواج مغلف بطابع الخيانة والغدر، فبعض الرجال يقدم على زيجات جديدة، دون أسباب حقيقية سوى الملل والتجديد، (أراها خيانة لشريكة حياة لم تختر ذاك المصير!).

الخيانة باتت ظاهرة قبيحة وفجة، لذا وجب العلاج الفورى والحاسم الحازم، وبما أن تغيير سلوك البشر وأدمغتهم أمر صعب ونادر الحدوث، فلنركز إذاً على تنشئة الأجيال المقبلة بأسلوب مختلف، بأن يتعلموا الصراحة والوضوح، الأمانة وعدم حب الذات، يجب أن يعوا معنى احترام الآخر واحترام العهد والميثاق، يجب أن يتعلموا مخافة الله والتحلى بالتقوى والصبر، فإن ما وجدوا صعاباً بحياتهم المستقبلية تحملوها بشرف وأمانة، وإن استحال صبرهم فليتصرفوا بنبل وكرامة مع الآخر، بالوضوح والصراحة وليغنِ الله كلاً من فضله.

وأخيراً لينظر الخائن أو الخائنة فى المرآة، ليريا أن جميع ذرائعهما لا تعطيهما الحق بخداع الشريك أو الشريكة، وليعلم الخائن أن لا شرف لديه، فالشرف والخيانة لا يجتمعان.

عن الوطن المصرية