مصر :العمود الفقري للأمة
تاريخ النشر : 2014-02-24 14:32

قد يسأل الكثير لماذا مصر ولماذا حجم المؤامرات عليها كبير؟ ولماذا هي على الدوام في عين العاصفة ؟ولماذا هذا الاهتمام من كل قوى الشر في العالم بها ؟ولماذا البحث عن عملاء الداخل سواء في الاقليم او على صعيد الوطن العربي ليكونوا ادوات أسقاطها وتدميرها من الداخل بحجج واهية ؟,ولماذا الكثير من الدول العربية تقف معها ومع جيشها بكل الامكانيات المادية والمعنوية ؟؟

بكل تأكيد لأن مصر تعد في الجسد العربي بمثابة العمود الفقري بمعنى الكلمة وهي الروح التي تعطي لهذه الأمة الحياة ,وهي تاج الوقار والكبرياء الذي يعطي للأمة مكانتها ولم تكن هذه المكانة العظيمة لمصر عبثية او تمكنت من الحصول عليها من خلال همبكات مترجلة من قبل بعض ساستها وقادتها بل اول من اعطى لمصر هذه المكانة العظيمة رب العزة جل وعلا في علاه حين ذكرها في كتابه العزيز في مواضع عديدة سواء بشكل مباشر او غير مباشر :( اهبطوا مصراً فإنَّ لكم مَّا سألتم} (البقرة:61) .

{وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوَّءا لقومكما بمصر بيوتا)(يونس:87).

{وقال الذي اشتراهُ من مصر} (يوسف:21) .

{ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} (يوسف :99).

{قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} (الزخرف:51

وقد ذكرت سيناء في القرآن الكريم اكثر من مرة :

{وشجرة تخرج من طور سيناء} وكما ذكرة في عدة مواضع في القران الكريم بشكل غير مباشر(في قوله تعالى

قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (يوسف55(

كما لم تخلو مصر بكل مكوناتها من الحديث الشريف للمصطفى صلى الله عليه وسلم حينما قال ((ستفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم ذمه و رحما ) رواه مسلم.(

و قوله صلى الله عليه و سلم (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير اجناد الأرض ، قال أبو بكر لم يا رسول الله؟ قال لأنهم و أزواجهم في رباط إلى يوم القيامة(

ولم تغب مصر ذكرا من دعاء الانبياء والصالحين فذكرها سيدنا نوح عليه السلام لابنه بيسر بن حام أبو مصر فقال اللهم إنه قد أجاب دعوتي فبارك فيه و في ذريته و أسكنه الأرض الطيبة المباركة التي هي أم البلاد و غوث العباد "وقد أعطت هذه المكانة هذه الروحانية لمصر الكثير من العزيمة والقوة التي تمكنها من ان تكون في مصف الدول والقوى التي تساهم رسم في خريطة الكون الجيوسياسية ,هذه المكانة التي لم ترق للكثير من زمن بعيد ,فبعد ان عمل محمد على باشا على بناء مصر والنهوض بها في المجالات العسكرية والتعليمية والاقتصادية،

حيث عمل على بناء جيش على قواعد عصرية وفتح مدارس التدريب كما عمل على أرسال البعثات التعليمية الى كل انحاء أوروبا من أجل مواكبة التطور ادخال الطباعة والمطابع الى مصر التي ساهمت في التنور والتنوع الثقافي وأدخل الزراعة والصناعة الحديثة الى مصر .

وبعد تخلص مصر من عصر الباشوات والاقطاع على يد مجموعة من الضباط الاحرار في ثورة 23 يوليو تلك الثورة التي لم يكن تأثيرها على مصر فحسب بل على المحيط العربي والعالم بشكل عام ,فلم يرق لقوى الاستعمار هذه الروح الثورية والوطنية التي حملها عبد الناصر ورفاقه في الثورة ,وكانت تعتقد امريكيا انها من الممكن اخراج مصر من الاستعمار البريطاني لتكون أحدى ادوات امريكيا لتلعب دور الشرطي في الحفاظ على المصالح الامريكية في المنطقة والحفاظ على امن اسرائيل بشكل خاص ,فكان من الصعب ان تقوم امريكيا بالمساهمة في بناء مصر لتكون قوة مؤثرة في المنطقة ,دون موافقة اسرائيل ,كما كان مرفوض من قبل امريكيا ان تكون مصر محط تواجد العدو الاستراتيجي لمصالحها في المنطقة المتمثل في الاتحاد السوفيتي ,كما لم تكن شخصية الزعيم الراحل معلومة بشكل دقيق لدى دوائر صنع القرار في امريكيا فلم تعلم عنه حب المال والنساء والنواقص التي توقع القادة في دوائر اجهزة المخابرات الدولية ومن ثم الابتزاز بشتى الوانه ,مع وضوح شخصية عبد الناصر ووضوح مشروعه التحرري الذي لم يقتصر على مصر والذي عمل بكل قوة على مد جذوى الروح التحررية الى كل الدول العربية لا بل مدها بالمال والسلاح مثل الجزائر وليبيا ,ودول افريقيا ,وامريكيا اللاتينية .

ولكن التحدي كان حينما أعلنها الرئيس جمال عبد الناصر مدوية في 26يوليو 1956 بمدينة الإسكندرية ! لم يكن هذا قرارا اقتصاديا يهدف إلى استرداد إدارة و إيرادات منشأة مصرية من التبعية للشركات الأجنبية بهدف تحسين مستوى حياة المصريين على قدر ما كان قرارا سياسيا مغلفا بروح التحدي ومقارعة الغرب .

فكان الرد الغربي بالعدوان على مصر في العام 1956 وما ترتب عليه ,وما تبعه من عدوان 1967م واحتلال اجزاء من الاراضي العربية والمصرية .

في المقابل كان هناك انجازات عظيمة تمكنت مصر وقائدها جنيها من خلال الصمود الاسطوري على عدة صعد منها...

زاد الوزن السياسي لمصر أضعافا سواء اقليميا أو دوليا, وأصبح النموذج التحرري المصري نموذجا لكل دول المنطقة العربية التي لم تبلغ مرحلة الاستقلال السياسي

 

- خرج جمال عبد الناصر من معركة السويس بطلا قوميا يستقطب مشاعر الشعوب العربية من المحيط الى الخليج, ويجسد آمالها في التحرر من الاستعمار الصهيوني والنفوذ الاستعماري الغربي.

ونجح عبد الناصر بإصراره وأدارته للمعركة السياسية أن يفرض على اسرائيل الانسحاب من كل سيناء وقطاع غزة,.

كما ألغت اتفاقية الجلاء الموقعة مع بريطانيا عام 1954

 

هذا الفشل الذي منيت به الإمبراطورية الامريكية الحديثة في المنطقة لم يرق لها ترك مصر وقائدها في حالة استمرار في عملية البناء لتأخذ مصر مكانتها التي يجب ان تكون فعملت امريكيا وحلفائها في المنطقة على شغل مصر بمعارك جانبية وداخلية عربية من اجل اضعاف الجيش المصري وشغله عن العدو الحقيقي للأمة ,ولكن هذا لم يمنع عبد الناصر من بناء الجيش المصري من اجل الاستعداد للمعركة الكبرى ,وخاصة بعد حرب الاستنزاف التي نجحت مصر في أدارتها بالشكل الذي استنزف القوة العسكرية الصهيونية من خلال التحالف مع التنظيمات الفلسطينية التي حملت لواء الكفاح المسلح من اجل فلسطين بعد حرب 1967م واحتلال اسرائيل لا جزاء كبيرة من الوطن العربي والضفة الغربية وقطاع غزة بدعم امريكي مباشر من اجل ضرب عبد الناصر واجباره على التنحي ولكن وبعد ان قدم عبد الناصر استقالته وطالب بمحاسبته شخصيا على ما حدث وخروج الجماهير المصرية رافضة قرار التنحي ومطالبة اياه بالبقاء من اجل الاستمرار في مسيرة بناء مصر ,عمل عبد الناصر على اعداد الجيش والشعب المصري للمعركة الحاسمة معركة العزة واستعادة الارض والكرامة ,ولكن بعض القوى التي كانت تعمل على أشغال القائد ببعض الامور والمعارك الجانبية كانت بالمرصاد منفذة تعليمات قوى الشر في العالم فكانت حرب الاردن وتصفية الفدائيين في عمان في ايلول 1970 والتي كان لها الاثر البالغ في القضاء على عبد الناصر قبل ان يرى اعلام النصر ترفرف في السماء العربية على يد الجيش الذي بناء ,ولكن رفيق دربه الرئيس أنور السادات والذي تميز بالجراءة والعزيمة عمل بكل قوة على تحقيق الهدف وأكملا لطريق فكانت حرب اكتوبر المجيدة التي اعادة لمصر مكانتها على عدة صعد ,حيث تمكن من اتباع النصر العسكري بانتصار سياسي وتوقيع اتفاقية سلام مع اسرائيل لكي يكشف الروح العدوانية التي تتمتع بها اسرائيل ولكن الهجمة والمقاطعة التي قوبلت بها خطوات الرئيس السادات من قبل بعض الانظمة التي فضلت تجارة الشعارات على الافعال كان لها اثرها في تنحية مصر عن العمل العربي رغبة في البعض بأخذ راية القيادة للأمة مما اوقع العرب بشكل عام في مهالك عدة ,على الرغم من هذا لم تتمكن دوائر صنع القرار في امريكيا من رسم صورة السادات التي تريد والذي يكون من خلالها الشرطي في المنطقة وتكون مصر هي الدولة الوظيفية التي توكل اليها المهام وتنفذ ,ولكن السادات كان يريد ان يرسم لمصر الصورة العصرية الحديثة ويخرج مصر وشعبها من الفقر والتبعية ,فما كان ان دبر له حادث المنصة والذي اجهز عليه ومن ثم فتح الباب على من ابقى مصر في حالة سكون وغير مؤثرة على الصعيد العربي والدولي ,الى ان جاء الدور للقوى التي عملت دوائر صنع القرار من التعامل معهم وقت الحاجة وهم التيارات الإسلامية والتي عملت على النمو والمترعرع في ظل أنظمة كانت تخضع لضغوط امريكية وغربية حين الضغط على تلك التيارات والاحزاب وكأنهم البذرة التي يحتفظون بها لوقت الحاجة فكانت ثورة 25 يناير والتي اراد الشعب من خلالها أسقاط النظام والاتيان بنظام يكون اكثرا قربا من الشعب ويعمل على حماية مصالحه ويعيد لمصر مكانتها الريادية ,وبكل تأكيد دوائر صنع القرار في الغرب كانت تعي بأن البذور التي عمل الزعيم عبد الناصر على قتلها لمعداتها لثورة وطموحات الشعب ترعرعت ونمت وتمددت مستغلة الحاجة التي عمت بين ربوع الشعب المصري نتيجة حالة الهرم والعجز التي أصابت نظام مبارك في الفترات الاخيرة ,فكانت الانتخابات التي كشفت الوجه القديم الجديد لتلك التيارات وارتباطاتها بالقوى المعادية لشعب حيث الادوات التي سخرة من قبل الغرب كانت العامل الرئيس في وصل تلك الفئة الى السلطة وقد قبل الشعب المصري واحزابه الوطنية وقواه الحية وقواته المسلحة الحامي الحقيقي لمصر الشعب والدولة ,بنتائج الانتخابات على الرغم من الادلة الواضحة على عدم خلوها من التزوير والتلاعب من باب الحفاظ على النسيج الوطني ,ولكن وخلال الايام الاولى والاشهر الاولى اتضحت اهداف تلك الاحزاب وهي العمل على تفتيت مصر وتقسيمها وأبقاها في حالة التبعية والانحناء ,تلك الحالة التي رفضها الشعب المصري بكل قواه فكان الخروج الجماهيري الذي توج حالة الحراك الشعبي برفض الشعب المصري لسياسة أخونة مصر ومؤسساتها ,تلك الخطوة التي توجها الجيش المصري بالعمل على تحقيق رغبات الشعب أهدافه وأسقاط الرئيس مرسي الذي رفض الاستماع لصوت المنادي بضرورة تحقيق الثورة لأهدافها(حرية ,كرامه ,عيش )ولم تقم الثورة من اجل تجديد الولاء لقوى خارجية ولا من اجل اخونة الدولة المصرية والانخراط بمشاريع مشبوهة ,وقد وقفت بعض الدول العربية وعلى رأسها العربية السعودية ودولة الامارات المتحدة الموقف العروبي المطلوب مع مصر حيث عملت على تحييد كل الدول التي حاولت عزل مصر واجهاض ثورتها التصحيحية الثانية في 30يونيو حيث خرجت الملايين في كل محافظات مصر مطالبة وزير الدفاع المصري بتحقيق أهداف الثورة وتنحية مرسي ,وهنا بدأت عمليات التخريب والتدمير والقتل من قبل تلك القوى المدعومة من اعداء مصر محليا ودوليا تحت مفهوم التباكي على الديمقراطية ,واجهاضا لخطة الطريق التي اعلنها الجيش من اجل العبور بمصر الى بر الامان فسلطت كل الابواق المعادية لطموحات الامة وعلى رأسها قناة الجزيرة القطرية التي تصمت حينما يكون الامر متعلق بمصالح الامة وها نحن نشهد حالة تفكيك الدولة القطرية واشعال الحرب الطائفية وتدمير مقدرات الشعوب العربية من اجل ابقاء اسرائيل الدولة القوية القادرة على التصرف في المنطقة وتكون الوكيل الحصري لتنفيذ الخطاطات الامريكية والغربية على حساب المصالح العربية والقومية ,لهذا كله نجد ان حجم التحدي كبير وحجم المؤامرة أكبر ولكن صحوة الشعب والجيش والاحزاب القومية والوطنية وصحوة الانظمة العربية التي تعي بأن انزلاق مصر وجيشها الحامي لحمى الامة امام الاطماع الفارسية في المنطقة هي الضمان الوحيد للحفاظ على ما تبقى من امتنا العربية القادرة على الحفاظ على المصالح القومية