تحركات كويتية لإصلاح العلاقات الفلسطينية
تاريخ النشر : 2017-02-16 00:33

التحركات المكوكية التي تجري في الساحة الفلسطينية أعادتنا لنقطة البداية مُجددًا حيث لا تزال الفصائل المتعاركة تُراهن على عامل الوقت وتغيير المعادلات الاقليمية أو "تغييرها" , فحركة فتح التي انتخبت قيادة جديدة تجاوزت الحد المسموح قانونيًا –وفقًا لنظامها الداخلي- لملء الشواغر من جهة وتوزيع المهام من جهة أخرى تنتظر الحركة "تعديلًا" اقليميًا يُحسن من تواجدها وتأثيرها الذي بات أقوى دُوليًا وأكثر حضورًا .

أما حماس التي انتخبت قيادة جديدة -على الأقل في ساحة غزة- فيبدو أن تحولًا دراماتيكيًا سيطرأ على سياسات الحركة المختلفة سواء بالعلاقات مع الاقليم ودول الجوار أو حتى داخليًا مع الفصائل الوطنية وفتح بشكل خاص , "حماس" التي حافظت على شكل مُحدد لقيادتها منذ الانتفاضة الثانية يبدو أنها تتحول نحو استراتيجية جديدة لتُشرك جناحها العسكري في قراراتها التي اقتصرت في السنوات الأخيرة على مكاتبها السياسية – هذه التغييرات ستُقرأ داخليًا من جهة وإسرائيليًا من جهة أخرى بعيون مختلفة ما يعني أن العام 2017 يجب أن يشهد تغييرًا باحتمالات مختلفة لكن الأكثر ترجيحًا هو محاولة اسرائيل استفزاز غزة لجرّها نحو تصعيد جديد لن يكون بصالح الفلسطينيين في ظل الضعف العربي الواضح .

الحركتان تنتظران عامل الزمن والمواطن يبحث في المقابل عن هروب آمن لمستقبله – وهنا ناقوس الخطر الذي دُقّ ألف مرة بازدياد الهجرة الجماعية . مراجعة كشوفات معبر رفح الذي يُفتح استثناءًا على فترات متباعدة يكشف الخطر المُحدق – كرة النار هذه ليست بعيدة عن الضفة الفلسطينية فهجرة العقول والكفاءات مستمرة ونسبة البطالة تنخفض تارة وترتفع مرتين رغم جهود الحكومة لضبطها إلا أن العامل الجغرافي بالارتباط مع الاحتلال يجعل من السيطرة على ذلك مُستحيلاً . هذه الأخطار التي تُؤثر بلا شك على التوازن الديمغرافي مع الاحتلال كان من المقترض أن تكون سببًا لتحقيق المصالحة المنشودة وتمكين الجهود المختلفة للسيطرة على انفلات ثقة المواطن بجهتي الحكم في شطري الوطن .

**

تغير السياسة الأمريكية التدريجي نحو الاعتدال (غير العادل أصلًا) في التعامل مع تجاوزات الاحتلال تطوّر مهم لكنه غير كاف – فزيارة "ماجد فرج" التي فتحت الابواب نحو علاقات امريكية-فلسطينية جديدة يجب البناء عليها وعدم الركن إلى تصريح وحيد من ترامب أدان فيه بعض الاستيطان .

الاختراق الذي أحدثه رئيس جهاز المخابرات العامة جاء في وقت بات من الواضح أن السياسة الأمريكية للتعامل مع الوضع الفلسطيني سيختلف جذريًا للأسوأ عن سابقيه , سابقوه كانوا سيئين لدرجة ابقاء الوضع في حال "الاستاتيكو" بما يخص الفلسطينيين و"مُتحرك بسرعة" بما يخص الاحتلال – توقعت الأوساط السياسية أن تشهد المرحلة القادمة تغييرًا لنمط الرؤساء السابقين بتحريك العجلة لصالح الاحتلال بشكل أكثر سرعة وتحريك الحالة الفلسطينية إلى الوراء وإعادة ضبط حالتها الساكنة نحو وضع أكثر سوءاً . لكن "الفرملة" التي حصلت بدءًا من وقف إجراءات نقل السفارة إلى القدس وصولًا لمنع نتنياهو من مواصلة خطط الاستيطان وانتقاد ذلك يكشف أن تدخلًا ما أوجب ذلك . الإدارة الأمريكية الجديدة لن تكون كسابق الإدارات والتعامل معها يجب أن يكون أكثر ذكاءً فالهروب من ضغط اللوبي الصهويني هناك لن يُفلح في كل مرة .

بعبع "ترامب" جعل من افصاحه بايجابية "ولو كانت ليست بالمطلقة" عن أي من الحقوق الواجب تحقيقها نوع من "الانتصار" - الافتراض دومًا أن اتخاذ الرئيس الأمريكي قرار "أفضل الأسوأ" هو الخيار الأمثل سيؤدي بلا شك إلى تراجع الثقة الفلسطينية بنفسها وسيخفض سقف المطالب إلى الحد الذي تريد اسرائيل الوصول اليه . التعامل بنديّة واستغلال المداخل الفلسطينية الهامة في المجالات المختلفة محليًا واقليميًا , مع الاستمرار في الاشتراطات الفلسطينية المُعلنة لعودة أي مفاوضات سيؤدي إلى تغيير تعامل الإدارة الأمريكية مع الصراع الفلسطيني مع الاحتلال . قد نعتبر الوصول إلى حال "الاستاتيكو" المفروض منذ الإدارة الأمريكية السابقة -إنجاز هام- في حال تم البناء عليه بشكل مُتواز بالعمل على فرض وسيط جديد شريك بدلًا من الاستفراد الأمريكي الحالي .

***

تحركات هامة تقوم بها دولة الكويت بدعم سعودي – أردني الهدف منه البدء بلملمة الانقسامات العربية الداخلية من جهة وتوجيه البوصلة العربية نحو القضية الفلسطينية من جهة أخرى – القمة العربية التي ستعقد الشهر المقبل سيسبقها عدة لقاءات وجلسات "صلح" مختلفة ستكون فيها فلسطين حاضرة بلا شك.

العلاقات المصرية – الفلسطينية ليست سيئة ولكنها ليست على ما يُرام , علاقاتنا مع "بعض العرب" يشوبها نوع من الفتور . كل ذلك بحاجة لمصارحة ومصالحة وهو ما يتم في الوقت الحالي . حتى العلاقات العربية – العربية متفاوتة السوء ولا ترقى لدرجة التنسيق المباشر رغم ان مصدر التهديد واحد.

القمة العربية المزمع عقدها ستكون عنوانًا هامًا قد تُحبط التحركات الرامية لتقسيم المنقطة من جديد . تغير الاهتمامات الدولية في نظرتها للوضع العربي يجب أن تُشكل عامل إسناد لاعادة تفعيل لجان التنسيق المشترك والدفاع المُوحّد .

على هامش "المصالحات" لماذا لا نُفكّر بدعوة الكويت للتدخل فلسطينيًا فهي على علاقة جيدة بطرفي الصراع وقد تشكّل خيارًا جيدًا لوفود الإنقسام !

****

لم نسمع في الاعلام أو الافتراضي منه أي تعليقات "إيجابية" على تعهد الحكومة بسداد رواتب الموظفين في غزة بعد تخلّي الاتحاد الاوروبي وقبله بريطانيا عن دفع مخصصاتها من الرواتب – الحكومة قررت فورًا تحويل مخصصات أخرى داخلية لفاتورة رواتب موظفي غزة ولم تنتظر أن تضع الموظف بغزة في حيرة من أمره بل تعاملت مع الأمر بشكل عابر وكواجب مُستحق وهو كذلك . كما نتقد ونُطالب يجب هنا أن نشكر .. يكفي الرسالة السياسية التي حملها القرار فغزة البعيدة إداريًا لن تكون كذلك ماليًا . في ظل الحديث عن الحكومة فإن ما تقوم به في مناطق "سي" التي تُسيطر عليها إسرائيل يجب أن يصبح قانونًا يسري مستقبلًا على الجميع – فمشاريع التأهيل المختلفة وتوجيه المستثمرين لتلك المناطق وتشجيعهم هو مقاومة شعبية من نوع آخر , باعتقادي حان الوقت لترتيب العمل في تلك المناطق تحت عنوان هيئة حكومية أو وزارة مختصة .. ويا حبذّا لو شُكلّت لجنة مختصة بالشراكة مع الأحزاب السياسية - المؤسسات غير الحكومية والأهالي .