نحو مصارحة رئاسية مع الشعب الفلسطيني
تاريخ النشر : 2014-02-24 01:14

لا أدري إن كانت رسائلنا أو ما تجود به أقلام الكتّاب والباحثين يمر على السيد الرئيس محمود عباس، ولا نعلم إن كان يُولي ما يكتبه المحللون العناية التي تلزم، نعرف أن القادة في الوطن العربي الكبير وفي معظم دول العالم الثالث لا يولون ما يتم نشره أي اهتمام، على اعتبار أنهم يحتكرون الحقيقة والمعرفة، ويتمتعون بالوعي المطلق فيما نجهل نحن "عامة الشعب" ما وصلوا إليه من حنكة وحرص على مصالح شعوبهم وأوطانهم، لكن ظننا في رئيسنا أنه بدأ مشواره باحثاً ومحللاً ومفكراً قبل أن يكون صانع قرار، ومن هنا نرى أنه يتوجب علينا أن ننصح وأن نحلل أو نضع تقديرات الموقف بين حين وآخر، علّ ما نكتبه يصلح في إطار تفضيل الخيارات والبحث الدائم عن بدائل تعين القيادة على الوصول إلى الرأي السديد.

نتفق مع السيد الرئيس في ضرورة تأمين أكبر جبهة ممكنة من الحلفاء والأصدقاء والمتعاطفين، ونتفهم كذلك أن يكون موقف بعض الدول "الوازنة" موضع تقدير وأولوية، ولكن الأمر الحاسم أن الخيار لابد أن يكون في خانة الفعل الجاد الذي يترتب عليه مصير القضية برمتها، وهنا نقصد الشعب الفلسطيني، الذي سيكون هو من يدفع ثمن المواقف التي ستتخذها القيادة، وسيكون هو "أداة الفعل" في أية مواجهة قادمة، وبالتالي فهو الأحق بمعرفة التفاصيل، والأحق بالمصارحة والمكاشفة العلنية، ونتفهم أن المفاوضات تقتضي نوعاً من السرية، ونوعاً من تمرير بعض القضايا عبر الإعلام لغرض التكتيك أو حماية الإستراتيجية، لكن الخطوة تكمن في غياب الوعي الشعبي بحجم الضغوط ونوعية المواجهة التفاوضية ونوعية القضايا التي يجري التفاوض بشأنها، صحيح أن القيادة تطمئننا من وقت لآخر أن أي اتفاق سيتم توقيعه سيقتضي بالضرورة استفتاءً شعبياً على بنوده وتفاصيله، لكن هذا لا يمنع أن يكون الشعب في "صورة" المشهد التفاوضي، وهنا نقدم اقتراحاً محدداً وعملياً، وهو أن يتم عقد مؤتمرات "شعبية" لمناصرة الموقف السياسي، ويتخلل هذه المؤتمرات كلمات للسيد الرئيس موجهة إلى المؤتمرين مباشرة، تضعهم في الصورة ويتم تعزيز موقف القيادة بما يتم اتخاذه من قرارات في هذه المؤتمرات، ويُصار إلى جمع التواقيع في نهاية كل مؤتمر كي تقول القيادة للمفاوضين والوسطاء والرعاة أن هذا هو الموقف الشعبي الفلسطيني الذي لا نستطيع تجاوزه، فإذا كان نتنياهو يتحجج باليمين الصهيوني وبالمتطرفين ولوبي الاستيطان في برلمانه وحكومته، فقد آن الأوان كي تتحجج القيادة بالمواقف الشعبية والوطنية والفصائلية الفلسطينية في مواجهة التطرف الإسرائيلي والتصلب الإسرائيلي في المواقف التفاوضية.

نشعر بالكثير من الغيرة عندما نشاهد رئيس الحكومة الإسرائيلية يجالس طلبة الجامعات والكليات والمعاهد وحتى طلبة الثانوية، ويحدثهم في كل ما يتصل بالأمن القومي، ويضعهم في صورة كل التطورات، برغم "انشغاله" بأكثر من ملف وأكثر من قضية جوهرية وتمس حياة شعبه ومستقبله، وربما كان الاشتباك التفاوضي مع الجانب الفلسطيني هو أقلها خطورة وأقلها أولوية بالنسبة له ولحكومته، ونتمنى من قلوبنا أن ينشرح صدر رئيسنا للقاءات مع الشباب ومع مختلف الشرائح كي يكونوا على أهبة الاستعداد لأية قرارات مصيرية ستحملها الأيام القادمة، شئنا أم أبينا.

باحث في الشؤون الفلسطينية