تقرير خاص .. السمك المهرب يزيد معاناة الصيادين في غزة
تاريخ النشر : 2017-02-11 14:01

أمد/ خاص- دعاء شاهين : رحلة ملئية بالمتاعب  يشقها الصياد مسعد بكر 40 عاما برفقة زملائه في بحر غزة ، يبدأ بإشراع قاربه الساعة  الثالثة فجرا كالمعتاد ممارسا مهنة الصيد التى  بدت مغمسة بالدم ،  يبحر بقاربه عبر مسافة صيد  لاتزيد عن 6 ميل ، يجهز صنارته ويلقى بها بالبحر ، لعلها تحمل له من السمك ما يمكنه بيعه بأسواق غزة المحلية .

يقول بكرالذى يمتهن الصيد منذ كان طفلا صغيراً  لـ (أمد) :" الصياد في قطاع غزة يعمل بمهنة تحمل  كل لحظة فيها الموت ، فالبحر ليس ملك أهل غزة بل ملك قوات الإحتلال الإسرائيلية ، ويتابع " رغم ان ساحل غزة ثروة سمكية ثمينة لكننا محرومون من إستثمار هذه الثروة نتيجة للإنتهاكات التى يتعرض لها الصياد والصعوبات التى تواجهه ".

تعرض مسعد لاعتقالات عديدة من قبل الزوارق البحرية التى تنتشر في بحر غزة ، كما تعرض قاربه للحرق عدة مرات  وكان قد أصيب بشكل مباشر في قدمه عندما اعترض له أحد الضباط البحرية الاسرائلية لأنه رفض الوقوف بعرض البحر ، ويحاول بكر الإستمرار بالصيد في منطقة ملئية بالسلاسل الصخرية يمتلىء بها السمك عادة  ويعتبرها الصياد رأس ماله في رحلة صيده .

اصناف محدودة

يضيف  "منذ عشرة أعوام لم نعد نستطيع إصطياد سوى أنواع معينة من الأسماك من "السردينا " صغير الحجم وأنواع قليلة بالكاد تلبى  حاجة السوق ، لكن هناك أنواع نادر وجودها وتحتاجها السوق المحلية بغزة لا نستطيع أصطيادها مثل الجرع ،لاج فريدى  ،اللوكس ليبقى سكان القطاع محرومون منها ،  فالمسافة المسموح بها الصيد جرداء ولايوجد  الا القليل من الخيرات "  .

لم تقف الصعوبات التى تواجه قطاع  الصيد في غزة هنا ، بل ازدادت حدتها في الفترة الأخيرة بسبب غزو السوق بالأسماك المصرية عبر الأنفاق ،والتي بدورها ضربت السوق المحلية لبيع السمك حتى بدى الصيادون يبيعون الأسماك بنصف الثمن ، مما أثر سلبا على رزقهم فبدى البيع بخسارة ، وهناك العديد من الأسماك المهربة من مصر موجودة فعليا في أسواق غزة، وان كانت بشكل محدود كالجرع ،لاج فريدى، اللوكس التى لا يقل سعرها عن 40 شيكل لكنها أصبحت تباع  في حسبة السمك بغزة بأقل من 20 شيكل. 

مهنة الموت

ترسو العديد من مراكب الصيد على شاطىء بحر غزة بعدما تركها أصحابها وتوجهوا للعمل في مهنة أخرى تحت شعار" ان الصيد مهنة لا تجلب متاعبها"  لا توفر لهم احتياجاتها .

و يعمل 4 آلاف صياد في بحر غزة، يُعيلون قرابة 50 ألف مواطن من الشعب الفسطيني .

 محمد أبو ريالة 50 عاما أحد الصيادين الذين تركو ا المهنة للعمل بمجال آخر عله يوفر قوت أولاده ،تعرض مركب محمد لإطلاق النار المستمر من الزروارق الحربية ببحر غزة مما أدى لتدميره فلا يستطيع العمل به وتكلفة اعماره غالية الثمن ليبقى رهن الخراب  ، يتحدث لـ (أمد ) بعبارات يملؤها الغيظ قائلا :" الصياد بغزة يعيش وضع مأساوى  وحياته مليئة بالمرارة ، العديد من الصيادين تعرضولإصابات وآخرون قتلوا ثمناً هذه المهنة ، لم يعد لدينا نفس للبقاء بهذه المهنة ". متابعا  " كانت تقدر يوميتى من عملى بالصيد قبل سيطرة حكومة حماس على الحكم بما يقارب الـ3000 شيكل ، لكن لان لم أعد أحصل على ما يقيتنى  وأحيانا أقود مركبى للبحر وأخرج بلاشىء" .

 

مصير مجهول

 

مصير مجهول ، ورزق محدود يعيشه الصيادون في غزة بعدما تفاقمت أزمتهم  على كثير من الأصعدة ، فكانت قد سمحت إسرائيل  بتوسعة مسافة الصيد في شواطئ قطاع غزة، لتصل 9 أميال بحرية بدلاً من 6 أميال.لكن الاحتلال الاسرائيلى لم يلتزم بقرارته رغم مانصت عليه اتفاقية أوسلو (معاهدة السلام الموقعة عام 1993)، وما تبعها من بروتوكولات اقتصادية، على حق صيادي الأسماك في قطاع غزة، بالإبحار لمسافة 20 ميلاً، بهدف صيد الأسماك، إلا أن ذلك لم ينفذ منذ 15 عاما.

من ناحيته أوضح زكريا بكرمسؤول لجان الصيادين بالعمل الزراعى بغزة  لـ (أمد):  ان الصياد الفلسطينى يناضل بمهنته على جميع الجبهات ويواجه  الانتهاكات التي لا تتوقف في عرض البحر من قبل الزوارق الحربية،  وحول إحصائيات من الرصد والتوثيق  قال " منذ بداية العام الحالى 2017 ، تعرض 27 صياد لإصابات بشكل مباشر ،وتم تدمير 14 قارب بشكل كلى وجزئى ، وسرق المئات من شبكات الصيد ،كما أعتقل 5 صيادين ،وآخر حادثة كانت قتل الصياد  محمد الهسى ".

وأضاف  بكر " معاناة صيادوا غزة مضاعفة بسبب استيراد كميات من الأسماك المصرية  المهربة واغراق السوق المحلية بها  بحجة سد العجز ليبدأ الصياد بمواجهة حرب داخلية في القطاع  وبحرية مع الاحتلال الاسرائيلى .

وطالب بكر بحماية الصياد الذى يمارس مهنة الموت ، والعمل على منع دخول الأسماك التى في معظمها فاسدة والتى قامت زراعة حماس بحرق مئات الأطنان منها ، بالإضافة لتفعيل القانون الفلسطينى الذى ينص على رفع الضربية عن الوقود المستخدم .

وقد أصدر مركز حقوق الانسان تقريرا سابقا بين فيه  أن قوات الاحتلال الإسرائيلي  صعدت من انتهاكاتها الجسيمة والمنظمة لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في استهدافها للصيادين الفلسطينيين، وهو ما يتسبب بتدهور بالغ في قطاع الصيد ووسائل كسب رزق الآلاف من الصيادين وأسرهم .

واستنكر مركز الميزان وبشدة الانتهاكات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين،.وطالب المركز بالإفراج الفوري عن المعتقلين، داعيا المجتمع الدولي الى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية إزاء تلك الانتهاكات، وضرورة التدخل العاجل بإلزام الاحتلال على رفع الحصار البري والبحري المفروض على قطاع غزة، وإجباره على احترام قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الانسان. ورأى الميزان بأن صمت المجتمع الدولي يشجع سلطات الاحتلال على استمرارها بانتهاكاتها بحق السكان المدنيين.