الفلسطينيون أمام "وضع صعب"..وخبير يدعو الى "تفكيك السلطة" بعد فشل تحولها الى دولة!
تاريخ النشر : 2017-02-09 09:28

امد/ رام الله - محمد يونس: وضعت التطورات الأخيرة المتمثلة في تشريع إسرائيل الاستيلاء على الملكيات الفردية، ووصول رئيس إلى البيت الأبيض شديد الانحياز لإسرائيل، الفلسطينيين أمام مفترق طرق، ودفعتهم إلى الشروع في درس خياراتهم لمواجهة ما يصفونه بتطورات «غير مسبوقة» و «تاريخية». وقال مسؤولون في السلطة الفلسطينية ومراقبون لـ «الحياة» اللندنية إن هذه التطورات مرشحة لإحداث تغييرات جذرية في الوضع الراهن.

وفي باريس (رويترز)، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس، إنه قد يضطر لقطع التعاون الأمني مع إسرائيل إذا استمرت سياسة الاستيطان. وأضاف أمام مجلس الشيوخ الفرنسي أثناء زيارته باريس أنه إذا استمر «الاستعمار» فلن يكون أمامه خيار آخر ولن يكون خطأه. والتقى عباس الثلثاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي عبّر عن قلقه بشأن قانون إسرائيلي يضفي الشرعية بأثر رجعي على نحو أربعة آلاف منزل للمستوطنين، شيدت على أراضٍ يملكها فلسطينيون في الضفة الغربية المحتلة.

وبخلاف الرؤساء الأميركيين السابقين، امتنعت إدارة الرئيس دونالد ترامب حتى اللحظة عن إجراء أي اتصالات مع الجانب الفلسطيني. وقال مسؤول فلسطيني رفيع إن قناة الاتصال الوحيدة الباقية بين الفلسطينيين والأميركيين تتم عبر القنصل الأميركي العام في القدس.

وعادة ما تكون الاتصالات مفتوحة بين الرئيسين الفلسطيني والأميركي وبين كبير المفاوضين الفلسطينيين ووزير الخارجية الأميركي. وفي المقابل، تُجري الإدارة الأميركية اتصالات دائمة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي يستضيفه ترامب في البيت الأبيض منتصف الشهر الجاري.

ويرى مراقبون في السلوك السياسي الأميركي تجاه الفلسطينيين أحد أشكال الضغط عليهم للعودة إلى المفاوضات وفق قواعد تضعها إسرائيل.

وقال الدكتور أحمد جميل عزم استاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت: «واضح أن ترامب يقول للفلسطينيين: إذا لم تفعلوا كذا سنفعل كذا، وإذا لم تعودوا إلى المفاوضات سننقل السفارة إلى القدس، وإذا لم تقبلوا دعوة نتانياهو للمفاوضات الثنائية وتوقفوا حملاتكم الدولية سأقطع عنكم المساعدات المالية». وتقدم الولايات المتحدة 400 مليون دولار سنوياً إلى السلطة الفلسطينية إلى جانب دعم آخر غير معلن للأجهزة الأمنية.

وقال أستاذ العلوم السياسية الدكتور علي الجرباوي إن وضع الفلسطينيين سيكون صعباً جداً في المرحلة المقبلة. وأضاف: «هذه الإدارة الأميركية مختلفة تماماً ولديها توجهات مختلفة تماماً عن الإدارات السابقة». ورأى الجرباوي أن التوجهات الأميركية في المرحلة المقبلة مماثلة لتوجهات الحكومة الإسرائيلية اليمينية. وقال: «على الفلسطينيين أن يقلقوا من الآتي».

ويعد القادة الفلسطينييون لدرس الخيارات المقبلة، بعد أن تعلن ادارة ترامب سياستها تجاه الملف الفلسطيني- الإسرائيلي. وقال الدكتور محمد اشتية عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»: «إدارة ترامب لا تتحدث مع أحد سوى مع نتانياهو، نحن ننتظر لتعلن سياستها، وحينها سنتخذ المواقف التي تحافظ على مصالحنا الوطنية العليا». ولا يستبعد اشتية تعرّض السلطة لعقوبات أميركية في حال عدم استجابتها لشروطها مثل العودة إلى المفاوضات. لكنه قال إن هذه العقوبات «لن تجعلنا نتنازل». وأضاف: «تعرضنا في الماضي (في عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات) لحصار أميركي وإسرائيلي، وصمدنا، نحن سندرس ما يعرض علينا، ولن نقبل إلا ما يتناسب ومصالحنا الوطنية».

وقال جبريل رجوب عضو اللجنة المركزية لـ «فتح»: «ستدرك إدارة ترامب أن لا أمن ولا استقرار في المنطقة من دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي». وأضاف: «صحيح أن ترامب لم يتحدث معنا لغاية الآن لكنه سيدرك عاجلاً أن الطرف الفلسطيني أساسي في المعادلة». وتابع: «إذا كان ترامب معنياً بمصلحة إسرائيل عليه أن يتعامل مع الطرف الفلسطيني».

وقُدّمت إلى الرئيس محمود عباس مجموعة من الاقتراحات للتعامل مع التطورات اللاحقة، مثل قيام ترامب بنقل السفارة إلى القدس، وفرض عقوبات على الفلسطينيين، وقيام إسرائيل بضم رسمي لأجزاء من الضفة الغربية. ومن هذه الاقتراحات سحب الاعتراف الفلسطيني بدولة إسرائيل ووقف التنسيق الأمني والتوجه إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وإحالة قضية الاستيطان على محكمة الجنايات الدولية الأمر الذي من شأنه أن يُسرّع من التحقيق الحالي المفتوح في الاستيطان باعتباره «جريمة حرب».

لكن مراقبين يشككون بقدرة السلطة الفلسطينية على سحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني معها بسبب تحكم السلطات الإسرائيلية في مفاتيح الحركة اليومية لرجالات السلطة ومؤسساتها، وتكوّن طبقة في السلطة تميل الى عدم المواجهة مع إسرائيل.

ويرى الدكتور علي الجرباوي أن السلطة الفلسطينية أمام خيارات عدة منها بقاء الوضع الراهن على حاله انتظاراً لحدوث تغيّر ما، وصولاً إلى الشروع في تفكيك تدريجي للسلطة وتحميل إسرائيل مسؤولية الأمن والخدمات. وقال إن هناك خيارت أخرى منها العودة إلى الحلبة الدولية، ومنها انفجار الأوضاع وحدوث انتفاضة جديدة ربما تؤدي إلى انهيار السلطة. لكنه رأى أن أفضل الخيارات وأكثرها قوة «الشروع في تفكيك تدريجي للسلطة» بعدما «ثبت» عدم إمكان تحويلها من سلطة حكم ذاتي إلى دولة مستقلة. وقال: «لا إمكان فعلي لتحول السلطة إلى دولة، فإسرائيل دمّرت حل الدولتين نهائياً، وتريد توظيف السلطة الفلسطينية ذراعاً تنفيذية لإخراج ذلك بأقل التكاليف الإسرائيلية».

واقترح الجرباوي أن تتخذ القيادة الفلسطينية قراراً علنياً بإعادة تسليم مفاتيح السلطة لسلطات الاحتلال، وتشرع بالقيام بعملية منظمة ومتدحرجة لتفكيك السلطة، مع الحفاظ على منظمة التحرير هيئة تمثيلية وقيادية للشعب الفلسطيني.