الضفة بين الضم والانفصال
تاريخ النشر : 2017-02-04 10:57

يغري الوضع الراهن في الأراضي المحتلة حكومة عتاة اليمين والتطرف الصهيوني باستغلال وصول فريق ترامب ومؤيدي الاستيطان والدعم الأعمى والمطلق للكيان من الأمريكيين إلى قمة السلطة في البيت الأبيض، لفرض أمر واقع جديد يفضي إلى ضم الضفة الغربية إلى الكيان بهدف تصفية القضية الفلسطينية، وذلك على الرغم من وجود حراك داخلي يطالب ب «الانفصال» عن الفلسطينيين.
حكومة اليمين المتطرف بدأت التمهيد فعلياً لهذه الخطوة بإصدار أوامر بناء لنحو 6 آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربية، وقررت ضم مستوطنة «معاليه ادوميم» إلى القدس المحتلة، بهدف فصل شمال الضفة عن جنوبها نهائياً وتقطيع أوصال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية، لكنها اتخذت في نفس الوقت خطوة تمويهية بنقل مستوطني «عمونا» المقامة على أراضي رام الله إلى أراض فلسطينية مجاورة، والظهور بمظهر الملتزم بالقانون الدولي والإيحاء بأن هناك مستوطنات شرعية وأخرى غير شرعية. وما يفضح هذا التوجه هو الموافقة على إقامة مستوطنة كاملة بقرار حكومي للمرة الأولى منذ تسعينات القرن الماضي.
لكن هناك بالمقابل، حراك صهيوني آخذ في الاتساع، يقوده سياسيون وجنرالات سابقون يعارض الضم انطلاقاً مما يسميه المصلحة القومية الصهيونية، وقدم في هذا الصدد «مبادرة» تطالب ب «الانفصال» عن الفلسطينيين. ويبرر زعماء هذه الحركة التي تطلق على نفسها اسم «قادة من أجل أمن ««إسرائيل»»» وتضم نحو 250 جنرالاً وضابطاً سابقاً في الجيش وأجهزة الأمن المختلفة، تحركهم بالقول إن نحو مليونين ونصف المليون فلسطيني في الضفة الغربية ليسوا في طريقهم إلى الاختفاء، بل سيتكاثرون، وبالتالي فإن أي عملية ضم ستجعل الكيان دولة «أقلية يهودية»، ويرى هؤلاء أن «حل الدولتين» هو الأنسب للكيان مع التأكيد على استكمال بناء جدار الفصل العنصري. الحملة التي أطلقها هذا التيار، وحملت لافتات كتب على بعضها بالعربية «قريباً سنكون أغلبية» وترافقت بإنشاء موقع إلكتروني، أثارت جنون اليمين الصهيوني الذي سارع إلى اتهام قادتها بأنهم تلقوا أموالاً من الاتحاد الأوروبي للعودة إلى زمن اتفاق أوسلو ومفاوضات كامب ديفيد والانسحاب من غزة، ولكنهم لن يسمحوا بذلك.
في كل الأحوال، أدت الحملة إلى اشتعال الخلافات بين مختلف القوى والأحزاب الصهيونية، يميناً ويساراً، خصوصاً إزاء اتهام جنرالات وضباط كبار سابقين بالجيش بالعمالة وتوجيه إهانات قبيحة لهم. لكن من الواضح أن الغلبة في النهاية ستكون لمن يحظى بدعم ترامب وفريقه، بغض النظر عن الحراك الواسع وقادته الذين لا يريدون لمن يعتبرونهم أقلية صغيرة متطرفة جر الكيان إلى المجهول.
عن الخليج الاماراتية