جو كوكس .. ضحية الكراهية
تاريخ النشر : 2017-01-30 18:59

بينما كان يوجه طعنات سكينه في جسد النائبة البريطانية جو كوكس ، بعدما أطلق عليها النار من مسدسه عدة مرات و من مسافة صفر و هى مدرجة بدمائها على الأرض ، كان القاتل توماس مير يردد " بريطانيا أولا . "

النائبة العمالية " زيلين جويل " ، و المشهورة بجو كوكس ، قتلت أمام مكتبها فى دائرتها الانتخابية فى قرية بيرستال ، بالقرب من ليدز ، شمال لندن .

النائبة الشابة و التي تبلغ 41 عاما ، و هى أم لطفلين ، اشتهرت بدفاعها عن حقوق الأقليات و المهاجرين ، و ترأست لجنة برلمانين " من أجل سوريا " داخل مجلس العموم البريطاني ، و دعمت في أبريل مقترحا فى البرلمان البريطاني لاستقبال 3 آلاف طفل سوري من مخيمات اللجوء فى أوروبا .

نائبة الإنسانية و كما أسمتها عدة صحف و مجلات بريطانية ، قتلت فى 16 حزيران الماضي نتيجة حملات التحريض المنظم و الممنهج و الذى خاضه ضدها و ضد غيرها ممن تبنوا الدفاع عن الحقوق المتساوية بغض النظر عن لونهم و أصلهم و معتقداتهم ، قوى التطرف اليميني .

القاتل توماس مير و الذى يعتبر من أنصار تيار النازيين الجدد و الذى يتخذ من أمريكا مقرا له ، حيث كشفت جمعية تعنى بالحقوق المدنية مدى العلاقات الوطيدة و التي كانت تربط القاتل بالتيار القومي الأبيض فى الولايات المتحدة الأمريكية و الذى يشكل اكبر تجمع للنازيبن ، أجاب قاضى محكمة ويستمنستر عندما سأله عن اسمه فأجاب " إسمي الموت للخونة ، الحرية لبريطانيا".

جو كوكس لم تكن نائبة مسلمة ، أو من أصول شرقية ، و القاتل أيضا ، ليس له علاقة بالإسلام أو المسلمين .

و لكن التعبئة العنصرية ضد الآخر و نظرية التفوق العرقى للإنسان الأبيض ، دفعت بالقاتل مير و ستدفع بغيره ، لإسكات اى صوت ينادى بالحرية و بالمساواة طالما استمرت حملات التحريض ضد المواطنين غير البيض وأيضا ضد من تسول له نفسه بالدفاع عن حقوق الإنسان .

جو كوكس و التي عملت طوال حياتها في مجال المؤسسات الإنسانية حيث عملت لفترة طويلة في مؤسسة اوكسفام كمسؤولة عن رسم السياسات ، و في الدفاع عن حقوق الأطفال ، و عرفت أيضا بدفاعها عن حقوق الشعب الفلسطيني و حقه الثابت فى الحرية ، و في رفضها المطلق للحصار الإسرائيلي الظالم ضد قطاع غزة ، و كانت عضوة ناشطة في مجموعة " أصدقاء فلسطين."

إن الحكم المشدد و الذى اتخذه القاضي البريطاني ضد القاتل بالسجن المؤبد بدون الحق فى إطلاق سراحه ، و على الرغم من أهميته ، لن يجدى نفعا ، فى الحفاظ علي حياة الآخرين ، طالما تمارس العديد من الجهات الرسمية و غير الرسمية حملات التحريض ، و تمارس التمييز على أساس عرقى و ديني .

و من الكلمات التي نعى فيها زوج النائبة البريطانية زوجته ، السيد بريندان كوكس ، و التي يحب ان تكون دليل عمل للجميع " كانت تريد أن نتوحد جميعا لمحاربة الكراهية ، التي أودت بحياتها في النهاية ، الكراهية لا تعرف المنطق ، و لا الإقناع ، لا دين لها و لا ترتبط بشعب دون الآخر. "

و ما أحوجنا اليوم ان نتحلى بالشجاعة و الإيمان ، و ان ندافع عن الإنسانية جمعاء ضد الكراهية و العنصرية و أن نعزز مفاهيم المساواة و العدل و الحرية و السلام .