الدولة الواحدة... شئنا ام أبينا
تاريخ النشر : 2017-01-22 10:21

واقع الدوله الواحده " الابارتايد "

كان البرنامج المرحلي نقطة تحول استراتيجيه في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي تجلت اكثر من خلال اعلان الاستقلال والاعتراف باسرائيل والتنازل عن ما يقارب 80% من فلسطين التاريخيه , الى اوسلو والهبوط بالمطالب الفلسطينيه , حتى وصلنا لما نحن فيه من فشل مدوي وانسداد افق وفراغ سياسي فظيع .

ان حل الدولتين الفاشل كان بالاساس يهدف الى تحويل الوضع القائم منذ ال 67 , دوله واحده بنظامين لشعبين دولة ابارتايد , الى دولتين لشعبين . وكان هذا الحل ومازال يمثل الفكر الصهيوني " اليساري " , الذي كان يلخَص بالمقوله " نحن هنا وهم هناك " . الا ان صعود وهيمنة اليمين الصهيوني وتعاظم حركة الاستيطان أفشل هذا الحل واوصله الى درجة الاستحاله باعتراف كل الاطراف . ان الاستراتيجيه الصهيونيه لكل الوان الطيف السياسي الاسرائيلي التي تتلخص ب" اكبر مساحه من الارض باقل عدد من الفلسطينين " كانت وما زالت الاساس العملي لكل برامج الحكومات الاسرائيليه .

ان ثبات الانسان الفلسطيني في وطنه وازدياد تعداد شعبنا ليصل في اخر احصاء الى المساواه 6 مليون فلسطيني و6 مليون اسرائيلي في كل فلسطين التاريخيه ما بين النهر والبحر . بمعنى ان كل المجازر وجرائم الحرب والتهجير فشلت في تفريغ فلسطين من اهلها , او على الاقل ضمان اكثريه يهوديه كبيره من اجل تحقيق مشروعهم " دوله يهوديه ديمقراطيه " على كل فلسطين . لذلك ان من يعتقد بامكانية تحقيق حق العوده من خلال المفاوضات والحلول السياسيه , فهذا مجرد هذيان سياسي لا اكثر .

"الوضع القائم " مقوله نسمعها يوميا وتلخص المأساه الفلسطينيه , فهناك ما يقارب 6 مليون فلسطيني في الشتات والمخيمات , يعانون كل اشكال الذل والقهر والفقر .. الخ , وهناك 6 مليون صمدوا في فلسطين يعانون من الحصار في غزه والاحتلال العسكري المباشر في الضفه والتمييز العنصري والقهر في الداخل . اما الوطن فحاله كما الشعب , يجري تهويده وسرقة اراضيه وتدنيس مقدساته , ان الوضع القائم منذ ال 67 ازداد سوءً بشكل متصاعد وبوتيره متسارعه خاصة في ظل اتفاق اوسلو , فاصبح الوضع اكثر فاكثر فاضحاً لدولة الكيان العنصري ونظامها الابارتايد , ولم يعد ممكناً تغطية بشاعتها ولم تعد تنطلي على احد " ديمقراطيتها " الزائفه . حتى الاداره الامريكيه وعلى لسان الرئيس اوباما حذر اسرائيل بانه لن يكون من السهل الدفاع عنها امام تعاظم الادانه العالميه وحركة المقاطعه العالميه التي تتنامى يوما بعد يوم , وان مصيرها لن يكون افضل من جنوب افريقيا . كما حذر وزير الخارجيه جون كيري بان الوضع القائم " الابارتايد " لن يستطيعوا ادامته طويلاً .

لا شيء يخيف اسرائيل اكثر من الديمقراطيه والعداله والمساواه والحريه وحقوق الانسان . لقد قدم شعبنا بكافة فئاته وعلى مدار 40 عاماً التضحيات الجسام من اجل تحويل الوضع القائم ( دولة الابارتايد ) الى دولتين , الا ان هذا الحل كان كارثياً على شعبنا وقضيتنا فيما لو تحقق فقد قسم الشعب وقسم الوطن وقسم القضيه . والان يتضح الصراع ويأخذ ابعاداً جديده واستراتيجيه جديده واساليب نضاليه جديده تحرم العدو من قوته العسكريه , وبشعارات اساسها حق العوده والحريه والعداله والديمقراطيه وحقوق الانسان , حتى اقامة الدوله الديمقراطيه الواحده لجميع ابناء هذا الوطن واولهم اللاجئين وكل من يقبل العيش بدولة المساواه والقانون بغض النظر عن ديانته .

ما بعد حل الدولتين والدور المتنامي لأهلنا في الداخل

بعد وصول البرنامج المرحلي ( حل الدولتين )الى نهايته المأساوية والفشل الذريع لأربعين عام من الوهم والجري خلف حل سياسي . تقف كل الأطراف الفلسطينية منهكه مشتتة عاجزه عن طرح بديل استراتيجي . وما إستمرار الهبه الجماهيرية بحالاتها الفردية الا تأكيد لذلك العجز .

ان ما سمي بالمشروع الوطني الذي تناسى اهتمامات الأغلبية من شعبنا , فحق العودة المطلب الأساس لأغلبية شعبنا المُهجر المُشرد , لم يعد مقدساً ولا هو أساس القضية , ولا ذِكر لأهلنا في الداخل الذين صاروا يسمون بعرب إسرائيل , وكأن همومهم ليست جزءً لا يتجزأ من الهم الوطني . هذا المشروع وصل الى نهاية الطريق واصبح من الضروري بل الحتمي دراسة واقع الشعب والوطن والقضية وتحديد استراتيجية تتجاوب لآمال وطموحات كل فئات شعبنا بغض النظر عن الجغرافيا السياسية

بلا شك اننا بدأنا نلاحظ الدور البارز والمتصاعد لأهلنا في الداخل , الذين كانوا للأسف خارج حسابات القيادات الفلسطينية . لأخذ موقهم الطبيعي الريادي القيادي في مرحلة مقارعة "نظام الابارتايد " كونهم الأكثر خبره ومعرفه وفهم لطبيعة الصهيونبه واستحالة الحل السياسي او التعايش معها . وما تشكيل القائمة الموحدة وتصعيد المواجهة مع اليمين الإسرائيلي الا بدايات تبشر بدور اكبر واهم لأهلنا في الداخل .

ان المشروع الصهيوني الهادف لإقامة " دوله يهودية ديمقراطية " في فلسطين بمقوماته الثلاث الأرض واليهودية والديمقراطية اصطدم بحقيقة ان هناك شعباً يعيش على هذه الأرض وما زال ولن يتخلى عنها مهما ارتكبوا من مجازر وجرائم حرب بحقه . فبعد ما يقارب 70 عاماً وطرد الملايين وقتل الالاف وجعل حياتهم جهنم , الا ان عددهم وحسب اخر الاحصائيات هو 6 مليون فلسطيني . والأنكى ان هؤلاء ال 6 مليون فلسطيني يعيشون بينهم في مدارسهم وشوارعهم ومطاعمهم ومستشفياتهم , وكل محاولات فصلهم بالجدار وحصارهم في سجون مفتوحه " غزه " ومحاولة تجميعهم في مناطق " أ , ب " لم تنجح ولن تنجح . فأهلنا في الداخل الذين يشكلون 20% من سكان الكيان يقابلهم المستوطنون الذين يشكلون 20% من سكان الضفة , جعل الفصل مستحيلاً . ان المطالبة بيهودية الدولة لن تتحقق على ارض الواقع بسبب العامل الديمغرافي , وما المطالبة بها انما هي فقط لشطب التاريخ الفلسطيني والرواية الفلسطينية والنكبة وحق 6 مليون لاجئ بالعودة الى بيوتهم واملاكهم التي شُردوا منها.

ان العامل الديمغرافي يشكل الخطر الوجودي على المشروع الصهيوني , والذي عملوا جاهدين على تغيره عبر مجازرهم وتشريد الملايين , الا ان صمود الانسان الفلسطيني في ارضه افشل كل مخططاتهم . من هنا تظهر أهمية دعم صمود أهلنا في كل ربوع فلسطين , وضرورة وضعه في قلب استراتيجية المواجهة المستقبلية .ان استراتيجه فلسطينية شعارها الحرية والعدالة والمساواة وتناضل ضد الاحتلال والتشريد والابارتايد وتهدف لتحقيق حلم وهدف كل فلسطيني بأن يعيش في وطنه فلسطين حراً في ظل دولة قانون و عدالة ومساواه وديمقراطية حيث يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الدين , بمعنى ان مسلمي ومسيحي ويهود فلسطين الديمقراطية هم مواطنين . هذه الأهداف المنبثقة من حقوق الانسان والقيم الأخلاقية العالمية وترتكز الى العامل الديمغرافي تشكل سلاحاً لا يستهان به ولا يعرف خطره الا الكيان العنصري إسرائيل .

ان فلسطين وطناً وشعباً وقضيه وقياده , يقفون على مفترق طرق , فلن ينفع بعد اليوم استمرار الوضع الراهن من انقسام ومراهنات على حلول واستراتيجية فشلت ولا امكانيه لها , ولا هو بالمقبول القفز عن اهتمامات شعبنا كله بكل مكوناته , ولا هو مقبول التنازل عن 80% من الوطن لصالح كيان عنصري مجرم . ان الدولة الديمقراطية الواحدة كانت منذ البداية ومازالت هي الحل الوحيد والإنساني والمنطقي والذي يكفل حق الجميع واولهم اللاجئين بالعودة والحياه الكريمة في وطنهم في دوله ديمقراطية علمانية تكفل الحرية والعدالة والمساواة وحق العبادة وحرية الأديان لكل أبناء الوطن .

لقد دخلنا مرحلة ما بعد أوسلو , مرحلة هزيمة الصهيونية كفكر وتفكيك كيانها العنصري " اسرائيل" لإقامة الدولة الديمقراطية الواحدة.