مساءُ المتيم ( عمر حمّش)
تاريخ النشر : 2017-01-20 21:30

عندما يأتي المساء ..

وتباركُ الأوكار طيورها .. والرب المبجّل يُزهرُ ثغره في كبد السماء ..

عندما يأتي المساء ..

تأتيك ريحُك يا أيها المعصومُ من طمأنينة الخلقِ .. تضربك ريحُك، وقلبك يعاوده قصفُ رعدِك .. وشمسُك المخبوءة، تمسي قطارا يصفرُ .. والسفرُ مريع ..

وتقولُ: يا أيها الأشياءُ كوني ولو صوراٌ.

فتأتيك طائعةً يقلبُها ليلك الغول ..

عندما يأتي المساء ..

ولم تزل الأرضٌ تدلي لسانها، ومبتسمةً تدور ..

أيا أيها المفطومُ عن الرنين، وعن الشهيق، وعن سحرِ السحاب .. سحابك معلّقٌ بلا ريحٍ، ومطرُك المؤجلُ يبكيك، ويرحلُ في البعيد، فلا وقتا يجيء، ولا يجدي انتظار ..

عندما يأتي المساء ..

ولم تزل جدتُك العجوزُ تهوي، وظهرها المنحني في الأفق يعود، وعيناها لم تزالا ترسلان حكايات الزمان ..

يا أيّها المغدورُ: ألا تشفى من جرحِ أمانيك؟ وهذا العنادُ يسكنُك .. وأنت المتبقي الوحيد الموبوءُ في ملكوتِ المتيمين؟

عندما يأتي المساء ..

تفرشُ ثانيةً أمانيك .. وتعودُ تطرحُ قسمَك من جديد في سوقِ النخاسين، وتنسى أنك بتَّ عبدا منذ ألف عامٍ أو يزيد .. لا فراشاتٍ تغذي ناظرك، ولا مها تعدو في بطاح .. فالفراشُ كلُه رحل، وكل غزلان الأرض صادرها سيدُك الجديد ..

أيا أيها المشحونُ دوما: داؤك حلمُك .. وروحك مُصابك .. والليلُ طويلٌ بلا صباح ..