إصلاح مجلس الأمن
تاريخ النشر : 2017-01-19 11:32

عُقدت في الدوحة، الأسبوع الماضي، جلسات الاجتماع الخاص بإصلاح مجلس الأمن الدولي، في ظل تهديدات وتحديات متفاقمة تعترض تطبيق أهداف هذا المجلس في تحقيق الأمن والسلم الدوليين، والتي من أجلها أُنشئ، حيث نصَّ ميثاق الأمم المتحدة على أربعة أهداف يسعى لها مجلس الأمن، وهي: حفظ السلم والأمن الدوليين، إنماء العلاقات الودية بين الدول، التعاون على حل المشاكل الدولية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان، وأخيراً العمل كجهة مرجعية لتنسيق أعمال الأمم المتحدة.

وكانت أول جلسة للمجلس قد عُقدت في 17 يناير 1946 في وستمنسر (لندن)، ثم انتقلت الأعمال إلى المقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك. وقد أصدر منذ ذلك الوقت العديد من القرارات الدولية، بدءاً بقرار مجلس الأمن المتعلق بالقضية الفلسطينية في 18 سبتمبر 1948 والخاص باغتيال وسيط الأمم المتحدة الكونت «فولك برناردو» في القدس، مروراً بكل القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية، وقراراته حول قبرص (1964)، وحول اليمن (1964)، وحول الشرق الأوسط (1969) وحول نزاع الهند وباكستان (1950) وحول إندونيسيا (1950).. وغيرها من القرارات، حتى القرار الخاص بالحرب في اليمن الصادر في 14 أبريل 2015، وما سبقه من قرارات حول عودة السلام إلى هذا البلد، وغيرها من البلدان الأخرى، مثل: العراق وسوريا وليبيا ولبنان وفلسطين والسودان.. إلخ.

وقد دامت قضية إصلاح مجلس الأمن الدولي أكثر من عشرين عاماً، ولم تتمكن دوله الأعضاء من تحقيق صيغة جديدة تضمن نجاحه في الوصول إلى أهدافه السامية.

وكانت الاتهامات والملاحظات تتزايد حول افتقار المجلس إلى الشفافية في مداولاته وقراراته، خاصة أن التوازن مفقود في مواقفه، وهذا ما ألمح إليه وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني عندما أشار إلى أن إصلاح مجلس الأمن «لن يتأتى إلا من خلال إضفاء مزيد من الشفافية على أعماله وزيادة عدد أعضائه وفق معايير وضوابط تحقق التوازن العادل في التمثيل».

أما رئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن «بيترتومسن»، فأشار إلى الحرب السورية وأزمة اللجوء الناتجة عنها، وأكد أن «المنظمة الدولية لم تتعرض لهذا النوع من الضغط سابقاً، وبهذا الكم من المطالبات». وهذا اعتراف واضح بقصور دور الأمم المتحدة عن حل العديد من المشكلات التي تواجهها الشعوب.

والواقع أن من صاغ وأشرف على ميثاق الأمم المتحدة هي بالأساس الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة روسيا والصين المملكة المتحدة وفرنسا.

ويرى بعض المحللين أن «حق النقض» (الفيتو) يعرقل تنفيذ قرارات مصيرية للدول والشعوب، فكم من قضية حالَ هذا «الحق» دون حلها، بسبب ما تتمتع به تلك الدول من امتيازات لا تتحقق لبقية الدول الأخرى؟ وكم مرة استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد قرارات تدين إسرائيل وتدعو إلى وقف احتلالها للأراضي الفلسطينية ووقف اعتداءاتها المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني وأرضه، وضد لبنان منذ عام 1978.. تماماً كما استخدمت روسيا «حق النقض» ضد قرارات حديثة تدين عنف نظام الأسد في سوريا، وهي طرف مشارك هناك. وكان الاتحاد السوفييتي السابق الذي ورثت روسيا مقعده في المجلس من أكثر مستخدمي «الفيتو»، حتى أُطلق على وزير خارجيته، «أندريه غروميكو»، لقب «السيد لا»، لكثرة اعتراضاته. وقد استخدمت روسيا «حق» النقض أكثر من 120 مرة، بينما استخدمته الصين 5 مرات ضد قرارات دولية متعلقة بعضوية كل من منغوليا وبنغلاديش في الأمم المتحدة مطلع السبعينيات. أما الولايات المتحدة فاستخدمته 77 مرة، منها 36 مرة لحماية إسرائيل، واستخدمته بريطانيا 32 مرة، وفرنسا 18 مرة.

وأعتقد شخصياً أن الحل الأمثل لإصلاح مجلس الأمن يكمن في إعادة هيكلته، وإدخال عناصر جديدة في لائحة أعضائه، ودراسة تعديل استخدام الفيتو عبر تخريج قانوني، بحيث لا يُعيق هذا الاستخدام تحقيق أهداف المجلس السامية. كما يتطلب إصلاح المجلس تخفيف هيمنة الدول الكبرى وتدخلاتها في قراراته.
عن الاتحاد الاماراتية