مؤتمر باريس بين الأمل والخيبة
تاريخ النشر : 2017-01-18 15:20

بعد أن تاهت القضية الفلسطينية في زحام قضايا المنطقة، وبعد أن تراجعت أهميتها بشكل واضح على كافة المستويات العربية والإقليمية والدولية ، وبعد كل ما سمعناه من تهليل وتزمير ومباركة مسبقة لمؤتمر باريس الخاص بالقضية الفلسطينية أوبمفهوم من دعا له لتحريك عملية السلام المتعثرة بين السلطة الفلسطينية و" إسرائيل" ، فقد تم عقد المؤتمر الملهاة قبل ثلاثة أيام بحضور ممثلي ( 70 ) بما فيها دول مجلس الأمن باستثناء أمريكا علاوة على مشاركة الجامعة العربية ومجموعة العشرين وبغياب أصحاب العلاقة المباشرة ، فلم يحضر المؤتمر عشاق المفاوضات من السلطة الفلسطينية ولا نظرائهم الصهاينة، آخذين بعين الاعتبار أن النية كانت تتجه منذ البداية لإشراك الطرفين علاوة على مشاركة أمريكا في هذا المؤتمر الأمر الذي لم يتحقق مع اعتذار نيتنياهو عن المشاركة فيه فقد تم تغييب الفلسطينيين كما رفضت أمريكا المشاركة .

وبعد الاجتماع والذي كان أشبه بالمؤتمرات الاحتفالية خرج علينا وزير الخارجية الفرنسية إيرولت ليعلن بأن المؤتمر قد " اقترح " ثلاثة حلول للصراع "الفلسطيني الإسرائيلي" وهي :

-  التأكيد على حدود 1967

- العمل على جمع الطرفين على طاولة المفاوضات

- التحرك الدولي لدعم الطرفين

فيما احتوت كلمات المشاركين تأكيدات على ضرورة إنهاء التطرف وإنهاء "الصراع الفلسطيني الإسرائيلي" وتأييدهم الشكلي لقرار مجلس الأمن 2334 المتعلق بإدانة الاستيطان الصهيوني على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وأهمية عملية السلام، ودعم الأطراف لمساعدة أنفسهم للعودة إلى طاولة المفاوضات.

فما الجديد ، إن ما خرج به المؤتمر من بيان ومقترحات لا تحمل في طياتها إلا تكراراً عبثيا لما نسمعه كل يوم ومنذ سنوات كالدعوات إلى تطبيق قرارت الأمم المتحدة وأهمية المفاوضات وحل الدولتين ، حيث عجز المؤتمر عن وضع آلية محددة لتحريك عجلة المفاوضات المتوقفة والمتعثرة أو العبثية والميؤوس منها منذ سنوات ، ولم يستطع المؤتمر أن يضع حلولاً لما تم تنظيمه من أجله ، فلم نسمع أو نقرأ إلا عبارات ممجوجة مكررة خرجت بشكل توصيات ومقترحات لا تسمن ولا تغني من جوع ، حيث إن خروج المؤتمر بمقترحات فقط يأتي من حرصه على عدم إغضاب الصهاينة ، علماً أن بريطانيا التي وقفت ضد أي قرار يدين الكيان الإسرائيلي فقد تحفظت وبقوة على نتائج المؤتمر كما لم توقع على بيانه الختامي ، فيما لم يقرر المؤتمر ولو شيئاً بسيطاً يتمثل في رفع مقترحاته "المباركة" إلى مجلس الأمن لضمان الوصول إلى الغطاء الدولي الذي تنشده السلطة الفلسطينية .

ومن زاوية أخرى فلقد حقق المؤتمر المطلب "الإسرائيلي" بأن تكون المفاوضات الثنائية هي الطريق الوحيدة للحل ، وعلى الرغم من ذلك فقد تظاهر الصهاينة وكالعادة بالغضب كونهم يرفضون أي غطاء دولي للموضوع الفلسطيني كما ويرفضون أي حل لا يتضمن اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولة " إسرائيل " قبل بحث اي أمر ، ولم يرضيهم إشارة المؤتمر إلى العنف والإرهاب كإشارة ضمنية للمقاومة الفلسطينية لترضية الكيان الصهيوني.

وعلى الرغم من عبثية المؤتمر وهزالة ما خرج منه من بيان، إلا أن السلطة الفلسطينيية ترى أنها قد حققت عدداً من المكاسب كإعادة الشأن الفلسطيني إلى الواجهة !!!!!! ضمن سعيها المستمر كما تقول الذي يهدف إلى عزل الحكومة الاسرائيلية وفضح مخططاتها !!!!! حيث جاء على لسان كبير المفاوضين / أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة "التحرير" الفلسطينية ، إن المؤتمر "شكل إجماعاً دولياً داعماً لتحقيق السلام والتأكيد على القانون الدولي وحل الدولتين وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين" متناسياً فشل المؤتمر في تحقيق اهدافة المعلنة المتمثلة في توفير رعاية دولية وآلية متابعة حقيقية للمفاوضات تتضمن وضع جدول زمني واضح لعملية السلام وإنهاء احتلال فلم يتجاوز المؤتمر وضع صيغ إنشائية ممجوجة تنص على التعاون بين اللجنة الرباعية الدولية وجامعة الدول العربية وأطراف أخرى ذات علاقة لمتابعة أهداف البيان.

وباختصار أقول ، لقد خيب المؤتمر آمال وطموحات حتى أقل المتفائلين به بنتائجه ومن سعوا إلى إنعقاده ، ولقد ثبت فعلاً صحة قول رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني بأنه مؤتمر عبثي، في الوقت الذي بين فيه نيتنياهو بأن الصهاينة سيقفون ضد المؤتمر ولن يعترفوا بمقرراته حيث أن اي تدخل دولي من وجهة نظره سيؤدي إلى زيادة حجم العقبات وسيعقد الحلول وسيباعد بين الطرفين المعنيين.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن المؤتمر قد تم عقده مع اقتراب نهاية عمر الإدارة الأمريكية الحالية وبأن الإدارة الأمريكية القادمة قد تكون أكثر تشدداً وقرباً للموقف الصهيوني ... فإن الخيبة ستزداد .

وربما يصح القول عن المؤتمر ما جاء في المثل الفلسطيني " تيتي تيتي مثل ما رحتي جيتي " فليته لم يكن وليته لم ينعقد وليت المتفائلين به لم يتفائلوا .............