في الحالة الفلسطينية نحو مسيرات سلمية بعيدة عن القمع السياسي ...
تاريخ النشر : 2017-01-14 10:14

 في الحالة العربية الآن أصبحت القضايا المدنية لها الصدارة في تحرك الجماهير لتحقيق حلول لها إشباعا لرغبة المواطن في توفير حاجاته المعيشية فقد مضى الزمن الذي كانت تخرج به الجماهير العربية تعبيرا عن مشاعرها ومواقفها السياسية وحدث ذلك في وقائع وأحداث سياسية كثيرة مرت بها الأمة في فترة الخمسينات والستينات وهكذا كانت اخيرا ثورات ما سميت بثورات الربيع العربي التي انطلقت من أجل تحقيق ما عجزت عن تحقيقه الأنظمة العربية المستبدة من حلول وطنية عاجلة لمشاكل الجماهير التي تم انهاكها بالخطاب السياسي الممل والجاف ودون تحقيق الحد الأدنى من مفرداته حيث الحرية السياسية في التعبير كانت مفقودة والتنمية الحقيقية للوطن تخرجه من واقع التخلف الاقتصادي ظلت غائبة والفساد السياسي في أجهزة الدولة بقى قائما و مستشريا وكان رفع شعار : الشعب يريد إسقاط النظام هو شعار سياسي ناظم ولكن أريد به بالدرجة الأولى التعبير عن ضرورة حل مشاكل الجماهير المعيشية والخروج من واقع البؤس الاجتماعي والاقتصادي الذي تعيشه لذلك غابت عن هذه الثورات الشعارات السياسية الوطنية والقومية وتوارت ايضا معها التجاوب والالتفاف حول القضايا الكبرى كالقضية الفلسطينية وقضايا الوحدة العربية وتحقيق العدالة الاجتماعية عن هتافات الشارع العربي باعتبار هذه القضايا هي المؤهلة لدفع الجماهير للتعبير عن المشاعر ... ولكن حين تم تسييس هذه الثورات بإنخراط قوى سياسية محلية لها ارتباطات إقليمية ودولية انحرفت هذه الثورات عن طريقها وأصبحت مجرد صراعات دموية وحروب بالوكالة من أجل الوصول للسلطة السياسية فقط ومع بقاء واستمرار حالة البؤس الاجتماعي والاقتصادي معا  في الحالة الفلسطينية الآن وخاصة في قطاع غزة حيث تعدد الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الطاحنة التي يعاني منها قرابة مليوني نسمة هم سكان القطاع المحاصر من قبل الاحتلال منذ بداية الانقسام السياسي بسيطرة حركة حماس على مقاليد السلطة فيه تشكل أزمة الكهرباء عنوانا بارزا في المسيرات السلمية التي تجتاح بعض مناطقه وذلك احتجاجا على بقاء هذه الأزمة بدون حل ولمدة تجاوزت قرابة عشرة أعوام ودون بذل جهد حقيقي من طرفي النظام السياسي الفلسطيني في إيجاد حلا جذريا لها وهي مسيرات مشروعة ومبررة كحق للمواطن في التعبير عن الرأي ولا يجوز بأي حال من الأحوال مواجهتها بأشكال من القمع السياسي بذريعة توفير الأمن والاستقرار لأنه في هذه الحالة يتم تسييسها وبذلك تفقد هذه المسيرات كتعبير شعبي آليات وأدوات تحقيق أهدافها وتدخل في اطار المناكفات السياسية بين طرفي الانقسام وهي المناكفات نفسها التي تعرقل الوصول إلى الحل ... ان الصورة العامة للاحتجاجات على بقاء هذه الأزمة التي تؤرق الحياة المدنية وتلقي بتأثيرها السلبي على كل مظاهر الحياة تقتضي الضرورة أن تبقى في إطارها المدني حتى تحافظ على شعبيتها وعلى عفويتها ولا تنحرف عن هدفها كما انحرفت ثورات ما سميت بالربيع العربي التي انطلقت من الشوارع والميادين والازقة الخلفية الضيقة تحقيقا لحياة كريمة لجماهير شعبية كادحة مغلوبة على أمرها ثم تحولت بعد ذلك إلى عملية صراع مسلح مدمر على السلطة السياسية بعد أن تم مواجهتها من قبل الأنظمة بالحلول الأمنية القمعية التي تصادر حق الجماهير في توفير الحرية والانعتاق من الظلم السياسي والاجتماعي. .