إنتهى الدرس يا..حماس!
تاريخ النشر : 2017-01-14 08:31

كتب حسن عصفور/ بعيدا عن من يتحمل مسؤولة "ازمة كهرباء قطاع غزة"، والتي للمرة الأولى تخلي كل أطرافها تقريبا مسؤولية دولة الكيان الاحتلالي عنها، بل ان الجنرال الاسرائيلي المسؤول عن التنسيق مع السلطة الفلسطينية دخل "شريكا" ليحمل حماس المسؤولية، وتلك ليست جوهر القضية راهنا..

أزمة الكهرباء، تتحملها أولا وعاشرا حركة حماس، رغم كل ما يمكنها من "جلب اتهامات لحكومة الرئيس عباس"، وانها تديرها بشكل "تآمري" لاضعاف "قوة حماس"، كونها تتحكم برقبة القطاع وجسده بقوة البوليس والأمن، أي بالحديد والنار، حماس تريد شهوة السلطة ولكنها لا تريد أن تدفع ثمنها..

حركة حماس أكدت خلال الأيام الماضية أنها حركة أمنية بامتياز كبير، وان كل الادعاءات السابقة لتمرير أنها قادرة على الحكم وإدارة نظام دولة أو كيان باتت "إكذوبة مكشوفة"، ولا تحتاج لبرهنة عميقة لإثبات ما بات مثبت..

ودون تفاصيل كثيرة، ومرورا على محطات قد تكون دروسا تستفيد منها الحركة، التي لا تزال تفتخر بانتمائها للجماعة الإخوانية، وهي بالأساس لم تنجح يوما في إدارة بلد أو حكومة، حتى عندما حاولت خطف الحكم السوداني بالعسكر، واعتقدت أن السودان دانت لها ولمراقبها العام حسن الترابي ما لبث "جنرال الإخوان" البشير أن لفظهم بسرعة برقية مرسلا مراقبهم الترابي الى أقرب زنزانة في الخرطوم..

منذ أن فرضت أمريكا مع تحالف قطر واسرائيل على الرئيس عباس الانتخابات التشريعية، في ظرف لم يكن مناسبا مطلقا للشرعية الوطنية بكل مكوناتها، عام 2006، لجلب حماس الإخوانية الى السلطة تماشيا مع المخطط الأمريكي لفرض نظام اقليمي جديد يكون عماده الجماعة الإخوانية، أكدت حماس أنها لا تستطيع أن تحكم بلدا أو قطاعا وفقا لما تعتقده من "رؤية خاصة مغلقة"، جوهرها "كراهية الآخر وتخوينه"..

حماس فشلت في تكوين حكومة تنال "توافقا وطنيا"، فكانت حكومة "دروشة سياسية" بقيادة اسماعيل هنية، ودون اي مساس بالأشخاص لم يتمكن وزراء حكومة حماس الأولى، وأعتقد أنها الأخيرة لها في "بقايا الوطن"، لم تستطع أن تفصل بين دورها السياسي وطريقة عملها الإخوانية، وخلطت عن جهل مسبق في فن إدارة الحكم، بين المؤسسة الوطنية والمؤسسة الفئوية، بين السياسي والدعوي، بين مهمة عمل وخطبة جمعة..

ليس عيبا ولا عارا، ان لا تجيد حماس إدارة حكم بسبب "التكوين الفكري المغلق"، وعدم قبول الآخر بحكم أنها من ثوب الجماعة صاحبة الشعار المخترع عام 1928 في مصر "الإسلام هو الحل"، لضرب نسيج الحركة الوطنية المصرية التي جسدها الشعار الأهم في حينه "عاشت وحدة الهلال مع الصليب"، فجاء الشعار الفئوي اختراعا بريطانييا لنثر بذور الفتنة الطائفية عبر ذاك الشعار الخبيث..

حماس، مع اي تجربة صدامية مع رافضي سلوكها لا تجد لها سبيلا سوى البندقية حلا، ليست تجربة الإنقلاب في 14 يونيو (حزيران) الأسود عام 2007 سوى بداية طريق حماس في الحكم "عبر فوهة البندقية"، وبعد ما ارتكبت من "مجازر" ضد ابناء فتح ومعارضيها، لا تزال صورها حية في الذهن، اقدمت مع أول هبة شعبية لإحياء ذكرى إغتيال الخالد ياسر عرفات من قبل ثالوث اسود، لا زال بلا حساب، وإن كان سيأتي وقريبا جدا، أقدمت على مواجهة الحشد الجماهيري الذي سجل حضورا تجاوز المليون وفقا لكل وسيلة اعلام عدا الاعلام القطري والاخواني، مواجهة "عبر فوهة البندقية"، فقتلت من قتلت وجرحت من جرحت قواتها في يوم أسود ثان مضاف لها.

حماس سجلت إنجازات في القوة العسكرية، نتيجة أسباب عدة ومختلفة الأسباب ليس وقت نقاشها الأن، كونها تتصرف في هذا المجال لها ولذاتها، لا معارضة ولا مناكفة ولا مطالبات وأي مناكف أو متذمر مما تفعله في مؤسستها الأمنية - العسكرية يصبح طريقه سالك الى عالم آخر، إما في حادث عرضي، او مهمة جهادية، أو عميل حسب ما ارتكب من معصية تنظيمية..

حماس، اليوم وبعد هبة جباليا تؤكد أنها لن تستطيع أن تحكم ولا تقود حكما، بل حتى أن تكون شريكا فهي تحتاج لإعادة بناء ذاتها كفصيل سياسي، وأن تطلق الى غير رجعة "زواجها الدعوي بالسياسي" "الإخواني بالوطني"، فهما خطان متوازيان لا يلتقيان أبدا..وكل شواهد التاريخ المعاصر حاضرة..من المغرب الى قطر..مرورا بالسودان ومصر وتركيا، وبالطبع "بقايا الوطن" في فلسطين..

حماس، هي وليس غيرها من أعلن فشلها في إدارة الحكم وعالم السياسية، عبر أزمة هي أسهل كثيرا من ادارة واقع سلطة مركب ومعقد وشائك..وهذه ليست نقيصة أن لا تستطيع الحكم، لكن العار والكارثة أن لا تكتشف ذلك بعد كل سنوات السيطرة وتدعي أنك لست حاكما..

حماس سقطت في جباليا، ليس لأنها لجأت الى شعارها المحبوب بأن الحل "عبر فوهة البندقية"، بل بأنها اقرت أن حكومة الرئيس عباس هي المسؤولة عن حياة قطاع غزة، وهذا وحده كفيل بأن تكمل الجملة، بأنها تخلي مسؤوليتها عن كل ما في القطاع، وأن تعيد "الأمانة المخطوفة الى أهلها"..وتعلن أنها حركة مقاومة لا تصلح راهنا للحكم..ولكنها على استعداد البحث في سبل مشاركتها..وهنا تسليم الأمن قبل كل شيء..

حماس بعد درس جباليا لن تكون كما قبله، ولن تستطيع تمرير أنها حركة تقبل الآخر، فهي أكدت أنها حتى ساعته لا تقبل سوى من يطأطأ لها راكعا خانعا، دونه فالرصاص ولا غيره سلاحها..

حماس بعد جباليا، وقبل انتخاب قيادتها الجديدة لتسارع وفورا بتسليم "العهدة المخطوفة" الى لجنة وطنية متفق عليها، تدير شؤون القطاع الى حين تشكيل حكومة جديدة خلال شهر من تاريخه، ولو رفض الرئيس عباس وتنظيمه ذلك، يمكن أن يتم ذلك بقوة القانون عبر المجلس التشريعي بتوافق كتل وأعضاء غير كتلة الرئيس عباس..

حماس، انتهى الدرس وكفى..حماية لما لكم "اعيدوا المخطوف لأهله"، وستربحون اضاعفا مضاعفة من سلوك إجرامي سينهي ما لكم من رصيد مهما حاولتم تغليفه، كما قالها ساذج بأن الغضب الشعبي هو "تآمر على المقاومة"..ربما كان ما قلت لكنه  غضب على "المقاومة الغبية" يا ..!

ملاحظة: فرقة "ماما أمريكا" أدركت أن ما هو قادم من "ماما الترامبية" عصا غليظة وقد يصاحبها ما ليس بالحسبان، فسارعت الى "دفاتر روسيا القديمة"..روسيا اليوم مش روسيا زمان..يعني مش حتنخدع بكلمة "تافريش - رفيق" هاي مرحلة بح..فكروا منيح اذا لساتكوا بتقدروا !

تنويه خاص: "أبو حسين أوباما" مش ملحق يوزع "حسناته" قبل الإنزواء، تذكر كل شي قبل الرحيل بأيام ..وآخر "حسناته" رفع جزئي للعقوبات على السودان..سلوك بيكشف أن امريكا اليوم مش هديك أمريكا..وهاي بشرة خير!