تسريب
تاريخ النشر : 2017-01-09 12:55

تعلمت بعض النُخب كل ما تدعيه من مقومات وطنية، من غرب كان في السابق مُحتل لأوطانها، لا يُريد في هذه الأوقات سوى تكريس احتلال جديد، بأدوات جديدة، على رأسها للأسف مثل هذه النُخب، دون أي خسارة بشرية أو مادية مباشرة، ويستخدمون أمثال هؤلاء كواجهات زجاجية هشة بالنسبة لهم، يقفون خلفها لتمرير، ومن ثم تمكين سياساتهم تجاه أي دولة نالت منها خططهم، التي تأخذ من التغيير ذريعة متسترة خلف ديموقراطيتهم الكاذبة، ديموقراطيتهم التي إن توجه بعضٍ من أبناء شعوبهم لممارستها يسحقونها وإياهم، والأمثلة على ذلك كثيرة وكلنا شاهدنا بعضٍ منها على وسائل الاعلام.

يظهر الوجه الحقيقي لمثل هذه النُخب فقط في الحلقات والاتصالات المغلقة، ويكون واضح كم العنجهية والنفعية، وعدم احترام الآخر التي يتمتعون بها، حيث يكونوا لحظتها في أوج لحظات تملك الغرور والنرجسية منهم، ويكون واضح في حديثهم ميكافليتهم وبراغماتيتهم المقيتة، التي تشربوها من أنظمة استخبارية وسياسية، لا تكن لأوطاننا سوى الضغينة والعداء.

أي جهاز أمني شريف، ولائه لوطنه الذي قام بتأسيسه وتدريب منتسبيه، لابد له أن يقوم بتأمين أي شخصية يسطُع نجمها سواء اقتصادياً أو سياسياً، وخصوصاً إن كانت مثل هذه الشخصيات ارتمت في احضان الغرب لعقود كثيرة، ويكون ذلك واضح على لغتهم الركيكة، والإستعانة باللغة الأجنبية لتعويض ما نسوه من عربيتهم، ولو أن مثل هذه الأجهزة تعمل على تشويه مثل هذه الشخصيات فقط، لقامت بنشر هذه التسجيلات "التسريبات" التى صُدِرت منذ ساعات إلى وسائل الاعلام في وقت الانتخابات الرئاسية المصرية وليس بعد مرور سنوات على التسجيلات.

هناك فرق بين من غادر بلاده للتعلم وتحقيق الذات، وبعد ذلك عاد إليها لتطبيق كل ما تعلمه "رغم أي عوائق روتينية"، ليكون بذلك معول بناء، وبين من ذهب وبقيَّ هناك، في انتظار فرصة كي يقتنصها هو، وتوظفه خلالها الجهة التي تقف خلفه من أجل تدمير هذه الأوطان، بأيادي أبناء لها، كان كل ما تطمح إليه أن تبزغ شمس نهضتها بسواعدهم.

مثل هؤلاء المرتزقة الذين بزغ نجمهم في السنوات الأخيرة، إبان المظاهرات العفوية التي امتطوا صهوتها، بتعليمات من عرابيهم الغربيين، واستغلوا صحوة امم، بسبب ما عانوا منه في السابق من فساد إداري ومالي، وارتدوا ثياب الثوار، الحريصين على مصلحة بلادهم، وما هم إلا معاول هدم، لنوع من احتلال غربي جديد.

فرصة التصحيح والبناء مازالت قائمة في دولنا، التي عانت في الفترة الأخيرة من فوضى على كافة الاصعدة، ولكنها تحتاج إلى وقت وصبر وفرصة، يمنحها الشعب للحاكم الجديد وأدواته، الذي اعتلى سدة الحكم عِبر صندوق الإقتراع، بإرادة شعبية خالصة، وعلى من قاطع وامتنع عن ممارسة حقه الديموقراطي في حينه، أن يتحمل نتيجة قراره، وأن يساعد بصمته وتفانيه في عمله، في بناء دولته حتى الانتخابات القادمة.

أمير المقوسي
[email protected]