الملف الجنائي "2000"
تاريخ النشر : 2017-01-09 01:55

أعلن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل امام مقربين منه، أنه "تفاجىء بالمعلومات الموجودة لدى الشرطة" الإسرائيلية عن فساده وفضائحه في عقد الصفقات مع اصحاب رأس المال، إن كان في صفقة الغواصات او شراء الصواريخ او ملوك المال والإعلام. رغم كل الإستعدادات وترتيب المخرجات للرد على التهم والقضايا المثارة ضده من قبل الشرطة، إلآ ان المعطيات والتسجيلات الموثقة للصفقة الرخيصة، التي أبرمها مع أرنون موزس، مالك صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وغيرها من قضايا الفساد والإختلاس والرشوة، كشفت له   بؤس محاميه وحذره وإستعداده. لإن الذين وثقوا له جرائمه ودونيته، كانوا أشطر منه، وأكثر إستعدادا لمفاجأته، وإغراقه في دوامة الصدمة القاتلة او ما يمكن وصفها ب"الضربة القاضية" وفق لعبة الملاكمة. ومن الواضح أن من كشف المستور في فضائح بيبي، ليس من قوى المعارضة، ويبدو ان العملية وراءها اجهزة أمنية دولية ضاقت ذرعا من عجرفة وغطرسة إسرائيل وحاكمها المستعمر نتنياهو.   

 ملك إسرائيل غير جاهل، لا بل أنه رجل يعي تماما ما يعمل، وصاحي أكثر من اللازم، ويدرك كل خطوة يخطوها لحماية مقعده في رأس الحكومة. ولكن للغرور ولوثة السلطة ثمن كبير، لاسيما وان حماية كرسي الرئاسة للحكومىة لا يمر دائما عبر صناديق الإقتراع، بل هناك طرق ملتوية ورخيصة  للمحافظة على الحلم بالبقاء في موقعه "مدى الحياة". بتعبيرآخر، انه إستعد سلفا لإن يدفع أي ثمن وعقد أي صفقة مقابل بقاءه، وبالتالي لضمان تسديد الفواتير لقاء ذلك، عليه تأمين شراكة مع اصحاب رأس المال والإعلام. الأمر الذي يكشف عن دولة فاشلة، وقيم مافيوية وجنون سلطة. ووفق ما جاء في تقرير الصحافة الإسرائيلية الصادر عن وزارة الإعلام الفلسطينية كإستنتاج لحالة البؤس والعقم القيمي الإسرائيلي: " يبدو ان قضية نتنياهو الثانوية، قضية الرشاوي تستقبل ببلادة (في إسرائيل واوساط المجتمع الصهيوني)، والتفسير لذلك يمكن أن يكمن في ما حدث خلال العقد السابق. في حينه  شاهد الجمهور الإسرائيلي، رئيس الدولة المشبوه بالإغتصاب والمتحصن في ديوان الرئاسة، ورئيس حكومة تصب الملايين في حساب ابنه من اصحاب المصالح، ورئيس حكومة آخر كان مسؤولا عن الأسرار النووية وتلقى مغلفات مليئة بالدولارات، ووزير مالية راكم في حسابه البنكي الأموال، التي سحبها من تنظيم عمالي، ووزير أمن خبأ في الخزينة مئات الآف من الدولارات وإشترى فيلات أحلام على شاطىء البحر بأموال أصحاب رؤوس الأموال.

النتيجة وفق التقرير الإسرائيلي " حاليا يبدو ان مجرد مخطط غاز مقابل حقائب مليئة بالإموال أو إمتيازات في قناة تلفزيون مقابل حساب ضخم فيه مئات الآف من الدولارات في جزر العذراء، لن يقابل هنا حتى بتثاؤب ناعس. لقد تدهور المجتمع الإسرائيلي حتى هذه النقطة من التدني الأخلاقي". وهذا إستنتاج منطقي وعقلاني، لإن مركبات الدولة الإسرائيلية الإستعمارية تنتج وتفرز ظواهر سياسية وإقتصادية وأخلاقية وثقافية وإجتماعية تتناسب مع بنائها العضوي. فهي دولة بلا جذور، وتقوم على رواية مزورة، يصاحبها إنفلات عنصري فاشي يرتكز على قواعد إستعمارية توسعية، ومدعومة من قوى رأسم المال المالي العالمي، وترفض خيار السلام والتعايش، رغم كل التنازلات السياسية الفلسطينية والعربية.

دون الدخول في تفاصيل الملف "2000"، الذي كشف على الملأ إنهيار شبكة العنكبوت النتنياهوية، التي بناها حول نفسه، وإعتقد أنها أقوى من رصد خصومه، فإستيقظ على كابوس رهيب، حيث تبين أن بيته واهنا أكثر مما إفترض، هو ومن معه، حتى أمسى الحديث الآن يدور عن إقتراب موعد رحيله عن كرسي الحكومة، وأخذ موشي كحلون، وزير المالية، ورئيس تكتل "كولانو" يعد العدة لولادة حكومة جديدة. بغض النظر عن الزمن، الذي سيستغرقه التحقيق مع زعيم الليكود، فإنه لا محال ذاهب إلى جحره، كما توقعت سابقا، إسوة ببيغن الأب، الذي مات قهرا بسبب إفلاسه السياسي، وفشل مخططه الإيديولوجي الإستعماري.