فزاعة "انهيار "السلطة" لتمرير "خطة كيري"!
تاريخ النشر : 2014-02-18 09:16

كتب حسن عصفور/ اعتادت بعض الأصوات الفلسطينية التلويح بين حين وآخر بما تسميه "خطر انهيار السلطة الوطنية"، وتستخدم تلك "الفزاعة كلما بدأ الاستعصاء السياسي يلوح في الأفق أمام المشروع الأميركي لتصفية القضية الفلسطينية، المسمى في أوساط "حلقة التفاوض" بـ"خطة كيري"، وهو استخدام يراد منه تصدير "الخوف" للشعب الفلسطيني وكأن عدم الموافقة على ذلك المشروع التصفوي سيكون بداية "الكارثة الكبرى" التي ستحل بفلسطين، قضية وشعبا وأرضا..

تتجاهل "الفئة الضآلة" الرامية لتمرير المشروع التصفوي، أن السلطة الوطنية القائمة لا يمكن الحديث عن انهيارها بالمعنى التقليدي لانهيار اي نظام أو كيان، خاصة بعد أن اصبحت "دولة فلسطين" حقيقة سياسية قائمة ومعترف بها في الأمم المتحدة، وكان لها أن تكون هي المسمى الفعلي للكيانية الفلسطينية لو أن فريق التفاوض لم يتنازل عن تلك الحقيقة السياسية استجابة للشروط الأميركية، أي ان السلطة الفلسطينية بمسماها، مفترض الا تكون موجودة، وتستبدل بمؤسسات "دولة فلسطين"، تحت الاحتلال، بما يترتب عليها انهاء المرحلة الانتقالية مع دولة الاحتلال وايقاف العمل بكل ما يترتب على تلك المرحلة من مسؤوليات والتزامات، وفي المقدمة "التنسيق الأمني"..

ولأن المسألة لدى فريق التفاوض، لم تكن البحث عن تعزيز مكانة "دولة فلسطين"، لجأ الى تجمديها وفقا للجدول السياسي الأميركي، والقائم على ايجاد "حل" ينهي الطبيعة الكيانية الاستقلالية الفلسطينية وتكريس الانقسام الوطني – سياسيا وجغرافيا – من خلال انشاء "حالة كيانية" في بعض الضفة الغربية، مع اشاعة الوهم بالرخاء الاقتصادي المنتظرها من ذلك المشروع، على الطريقة الساداتية بعد زيارته تل ابيب وتوقيعه اتفاقية كمب ديفيد، ويبدو أن تصريحات رئيس حكومة فتح د.حمدالله عن ما ينتظر الشعب الفلسطينية من تطبيق "خطة كيري الاقتصادية" هو جزء من تلك اللعبة السياسية..

أن يخرج أحدهم ليتحدث عن انهيار السلطة لو لم يحدث "تقدم تفاوضي"، ليس سوى بيع الوهم ونشر الخداع، لأن انهيار التفاوض الراهن هو فعليا انهيار للمشروع التصفوي الأميركي، ومعه انهيار أدواته المروجة والمنفذة باي اسم كانت، وبالمقابل، انتصار للمشروع الوطني الفلسطيني واعادة "الحياة" للإنتصار التاريخي في الأمم المتحدة، ليفتح الطريق أمام تحقيق مكاسب تاريخية ومنها وضع محاكمة دولة الكيان كاولوية للفعل الفلسطيني، والانتقال الى تطوير سلاح المقاطعة الذي تتسارع خطاه بعيدا عن رتابة الموقف الرسمي لفريق التفاوض، حركة سيكون لها أثر يفوق كل تقديرات تلك الفئة الضآلة، ويدرك قوتها ومخاطرها على دولة الكيان، كل يهود العالم وأولهم الزمرة الحاكمة في تل أبيب..

الانهيار المقبل والحتمي، سيكون للوهم السياسي الذي تحاول الفئة الضآلة تمريره على الشعب الفلسطيني، تحت ستار غير حقيقي، فالمفاوضات القائمة لا تمت بصلة، لا من قريب أو بعيد، للمشروع الوطني، ولا تتقاطع مع أي من مكوناته المقرة في مؤسسات منظمة التحرير، بل أنها تشكل حصار للخطة الوطنية لملاحقة دولة الكيان العنصري والفاشي ايضا، ولولا تلك المفاوضات التي شكلت "طوق نجاة" لحكومة الارهاب والاستيطان لكانت فلسطين تحاصر تلك الحكومة وكيانها، داخل مؤسسات الأمم المتحدة، وضمن قاعات المحاكم الدولية وفي سباق المقاطعة الدولية المتسارعة جدا، على غير خطى فريق التفاوض الباهتة والمترددة..

وقبل كل ذلك كان لفلسطين أن تكون حاضرة بقوة لتضع العالم أمام حقيقة "دولة فلسطين" تحت الاحتلال، لتنتقل من حصار متفق عليه ضمن "بواقي اتفاقات" لم تلتزم بها دولة الكيان الى هجوم لكسر ذلك الحصار من خلال مطالبة الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها فيما يخص "دولة فلسطين تحت الاحتلال" ضمن الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، نقلة سياسية نوعية كان لها أن تعيد رسم خريطة التحرك بشكل جذري..ولكن فريق التفاوض بدلا من استكمال حالة الهجوم السياسي وتطويره تشرنق "هلعا" امام الطلب الأميركي بتجميد كل الخطوات التي انتظرها العالم استكمالا للانتصار التاريخي..

ما يجب أن ينهار، مرة واحدة هو ذلك الرهان الوهمي على أن أمريكا تريد حلا عادلا أو شبه عادل أو قريب من العادل للقضية الفلسطينية، ومن عليه ان ينهار ويهرول مبتعدا  حملة مشاعل ترويج ذلك المشروع..فالمنتصر من انهيار الخداع بخطة كيري هو فلسطين شعبا ومشروعا وقضية!

ملاحظة: يبدو أن كذبة "نائب الرئيس" انهارت سريعا..بعض من حملة مباخرها بدأوا بالهروب بل ويتهمون اسرائيل بأنها صاحبة الفكرة..اي سخف يقول هؤلاء..فكرة روجوا لها  وبعد انكشاف كذبها قالوا ما قالوا..الأطفال اكثر رجولة!

تنويه خاص: ردة الفعل الوطنية على اقوال الرئيس عباس مع طلبة من دولة الكيان تستحق من حركة فتح قراءة المسألة بحس وطني وليس بحس "المؤامرة"..!