طبول الحرب الصهيونية على غزة تُدق من جديد
تاريخ النشر : 2014-02-18 02:55

في مايو من عام 1948م خاضت العصابات الصهيونية من مجموعات الهاغانا وشترين وغيرها حربًا على فلسطين التاريخية بمساعدة ومباركة بريطانيا، و شنت كذلك حروبًا متعددة على بعض الدول العربية،

 ومنذ ذلك التاريخ وبعد مرور أكثر من نصف قرن من الزمن والعدوان والحرب على الشعب الفلسطيني وقياداته ورمزهِ الوطنية والإسلامية مستمرًا ومتدحرجًا؛ مثل كرة النار الملتهبة؛ هي حرب تدميرية تهويديه استيطانية حاقدة لا تُبقي ولا تذر!!! واليوم تُدق طبول الحرب من جديد وارهاصاتها وعلاماتها بدأت تتضح وتتبلور لأولي الألباب... كانت الحرب والعدوان السابق على غزة في 14/11/ 2012م ليس الأخير...حينما بدأ العدوان المباغت على قطاع غزة بالطيران الحربي الصهيوني من خلال قصف السيارة التي كان يستقلها أحمد الجعبري القائد العام لكتائب القسام، مما أدي لاستشهاده ومرافقه في الغارة الصهيونية، وأعلن بعدها الناطق باسم جيش الاحتلال (أفخاي أدرعي)، بدأ الحرب على غزة في عملية أسموها (عامود السحاب)، ذلك العدوان الذي ينطلق دوماً من منطلق أن أمن العدو يرتكز إلى مفهوم القوة والردع، والعدوان والقبضة الحديدية فقط، وعليه لا يجوز قراءة معركة غزة بعيدًا عن سياق تأثيرها على مفهوم القوة في سياسة إسرائيل الأمنية، وفي الأحزاب اليمينية المتطرفة الحاكمة، وتحقيق أمور خفية على المواطن العادي سنتطرق لها لاحقاً. ذلك هو ديدن العدو حينما يريد أن يتهرب من استحقاقات عملية التسوية والمفاوضات، والتي كانت لوزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري صولات وجولات مكوكية في المنطقة تعدت العشر زيارات، في عام 2013م، وحينما اقترب من وضع إطار للحل؛؛ ولو غير منصف مطلقًا لنا كفلسطينيين؛ وضعت دويلة اسرائيل الُعصي في الدواليب، واختلقت الأكاذيب والمفاعيل، مثل ضرورة الاعتراف بيهودية الدولة. لقد شنّ العدو الصهيوني حروب كثيرة على فلسطين، وذلك منذ احتلاله البغيض لها، ويسعي الأن للهروب إلى الأمام عبر شن حرب وعدوان جديد على غزة يروح ضحيته الاف الشهداء الأبرياء، ليهرب من أي حل تفاوضي ممكن؛ وكذلك لُيحرج السلطة الوطنية والرئيس أبو مازن، والذي كشف سوءة العدو المحتل من أنهم لا يؤمنون بالسلام، ولا يتمنون لنا سوى الموت والدمار، وصدق الله العظيم القائل فيهم" كلما أشعلوا نارًا للحرب أطفأها الله"، والقائل فيهم عز وجل:" كلما عاهدوا عهدًا نبدهُ فريقُ منهم". فهم قتلة الأنبياء والمرسلين. أن عقلية العدو الصهيوني تؤكد أنها عقلية توسعية تسعي لإشعال الحروب، وعقلية عدوانية تدميرية للبشر والحجر والشجر، وللإنسانية: لنعيش حالة لا سلم ولا حرب؛ مما أفقد الشعب الفلسطيني لنعمة الأمن والأمان، وكان لتلك الحرب والعدوان الغاشم على المدنيين الأمنيين من أبناء شعبنا وخصوصًا الأطفال منهم من أثار نفسية سلبية كثيرة على الطفل الفلسطيني بغزة. ولقد أدركت المنظمات الدولية خطورة فقدان الأمن في حياة البشر؛ حيث جاء في مقدمة ميثاق اليونسكو بند هام يقول: "لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر... ففي عقولهم يجب أن تُبني حصون السلام". لكنهم للأسف عاجزون عن تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، بالرغم من قبولنا بحدود الدولة على الأراضي المحتلة عام 1967م؛ أي بنسبة ضئيلة من فلسطين التاريخية. لكنهم لا يريدون لنا سوي الترانسفير (الترحيل). لقد انتهى العدوان الإسرائيلي عام 2012م/2013م على قطاع غزة، ولكن لم تنته أحداثه أو تداعياتهُ النفسية، والمادية، والجسدية على الغزيين؛ فقد اعتبر بأنه يشكل نقطة تحول رئيسية في الصراع العربي الصهيوني، ليس بسبب فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها فقط، بل للتداخل الكبير بين الأطراف المختلفة التي لعبت أدوارا مهما في الأحداث قبل وبعد العدوان وما خلف ذلك العدوان من أثار نفسية وصحية واقتصادية وجسدية على أبناء الشعب الفلسطيني خصوصاً الأطفال منهم في غزة، وكذلك حدوث مئات الحالات من المرضي والإصابة بمرض السرطان القاتل، والتي تشير كافة الدلائل والوقائع والمعطيات العلمية والعملية على الأرض أن السبب المباشر لذلك المرض المُميت هو اليورانيوم المُشع، والذي ألقتهُ طائرات (ال أف 16) الصهيونية لنكون وشعبنا الأعزل حقل تجارب للأسلحة الأمريكية الصهيونية المسرطنة الجديدة، والتي دمرت التربة ولوثتها في شمال القطاع وجنوبهِ ووسطهِ. تلوح اليوم دولة الاحتلال الصهيوني بخوض عدوان إجرامي جديد على سكان قطاع غزة سيكون لها نتائج مهمة في المستقبل على مجمل القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي، حيث أنها ستفرز بعد انتهائها خرائط جيوسياسية وجغرافية جديدة بالمنطقة برُمتها وعلى الأطراف السياسية وفصائل المقاومة الفلسطينية من: فتح حماس والجهاد وكافة الفصائل الوطنية، وغيرهم، والسلطة الوطنية الفلسطينية، ودول عربية، والجماهير العربية، والأطراف الدولية اللاعبة في ملعب القضية الفلسطينية؛ بحيث سيكون لهذه الحرب ما كان من نتائج ستتضح نتائجها مستقبلاً؛ وإن العدو الصهيوني مستمر بحروبهِ ضد الأمنيين من أهل فلسطين المحتلة؛ مما له عظيم الأثر السلبي على حياة الناس بقطاع غزة خصوصًا الذي يأن من شدة الجوع والفقر والبطالة بين الشباب- خاصةً وأنهُ مع فقد الأمن تتوقف مناحي الحياة، وتشل الحركة، وتبلغ القلوب الحناجر، وترتجف القلوب، ويتعكر صفو الحياة. إن الدمار والحروب التي قد لحقت بنا؛ قبل أن يرتفع صوت أو تطلق رصاصة في مواجهة الاحتلال. تشهد على ذلك مئات القرى والمدن الفلسطينية التي دمرت بعد إعلان ما يسمي بدولة(إسرائيل) على مذبح تهويد فلسطين، ومئات الألوف من اللاجئين الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق قبل أن يفيق الشعب الفلسطيني من صدمة ما جرى، وعليه فإن السلوك التدميري للاستعمار هو سلوك فطري لا علاقة له بالمقاومة الفلسطينية، وإنما علاقته بنوازع الاستعمار ومحاولة استدامته، ولذا فإن النظر إلى الخسائر المادية التي تتحملها الشعوب المقاومة لا يجب أن يتم بمعزل عن الخسائر نفسها التي تحملتها هذه الشعوب بمجرد خضوعها للاستعمار وقبل أن تفيق من صدمته ناهيك عن أنها تقاومه. وطبول الحرب والعدوان على قطاع غزة، سيأتي لا محالة؛ في ظل ما بات يعرف بثورات الربيع العربي، ومع تزايد الهجمات الاستيطانية، لتهويد القدس، والصعوبات، والتعقيدات الحاصلة على الساحة الفلسطينية، والعربية والعقبات التي تعترض تحقيق الوحدة والمصالحة الوطنية الفلسطينية؛ وفي ظل استمرار الانقسام السياسي الداخلي، وتزايد اعتداءات الاحتلال، وقطعان المستوطنين بحق أبناء شعبنا الصامد؛ وفي ظل توقف المفاوضات وتعترها، وبوجود عالم متغير وحليف أمريكي ظالم وغير نزيه من حولنا، يُشعرنا أن هناك إحساس بعدوان قادم لا محالة, وخصوصاً وأننا وبعد انتهاء أي حرب نقول انتصرنا على العدو، وكذلك العدو يقول انتصر علينا، والحرب حققت أهدافها، وفي نهاية كل حرب من الخاسر ومن الرابح، وما المحصلة النهائية! هدنة، أم تهدئة؛ أم ماذا!!!. ولكن قدر الله عز وجل وقضي في كتابهِ الكريم الخالد؛ أن معركتنا مع هذا العدو المحتل المُجرم مستمرة ما بقي الليل والنهار، حتي يأذن الله عز وجل بنزول المسيح سيدنا عيسي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ليقتل الأعور الدجال زعيم جيش الصهاينة وأعوانه، ولينطق الشجر والحجر لقتل المُجرمين من اليهود؛ وكل ما يحصل من معاهدات ومفاوضات وهدنة بيننا وبين المحتل، ما هي إلا أنية ووقتية حتي يأتي أمر الله عز وجل، الذي تأذن في القرآن الكريم: " ليبعثن عليهم من يسومهم سوء العذاب إلى يوم القيامة"؛ فالمعركة سياسية عبر المفاوضات العقيمة! أم عسكرية مستمرة؛ وكل ما يحصل من اتفاقيات مرحلية لن تدوم إلا بضع سنيين، سرعان ما يقوم بهدمهما ونقدها هذا الاحتلال الصهيوني الاستيطاني المجرم؛ الذى لا يريد سلامًا للإنسانية كلها غيرهم؛ وما تحول الصراع اليوم إلى طبيعة دينية من قبل المستوطنين والذين يَسّتُقون كل أفكارهم من ( التوراة والتلمود) المكذوب والمكتوب بأيديهم؛ ومحاولتهم هدم الأقصى الشريف المبارك، وبناء الهيكل المزعوم، كل ذلك سيحول الصراع إلى حرب دينية عقائدية بدون أدني شك؛ فالصراع مرير وطويل- ونحن أصحاب الحق والأرض قوم الجبارين أبناء فلسطين الأبرار لن نرفع الراية البيضاء ما دام فينا عرقٌ ينبض.

بقلم الدكتــور جمال عبد الناصر محمد أبو نحل مدير المركز القومي للبحوث