مقاومة صامتة .. ومعادلة ضائعة .. من المستفيد ؟
تاريخ النشر : 2014-02-16 17:35

في نهاية عام 2012 شنت اسرائيل حربا مفتوحة ضد قطاع غزة ورموز مقاومتها بهدف اسقاط المقاومة ووقف الصواريخ الموجهة له من القطاع, وبعد تمكن المقاومة الفلسطينية من قصف مدينة تل الربيع المحتلة " تل أبيب" العاصمة الاقتصادية للكيان , ومدينة القدس ومدن أخرى فتحت على الاحتلال بابا من جهنم وقلبت المعادلة وأعادت الهيبة لكل العرب لأول مرة في التاريخ الحديث.

أرغمت المقاومة الاحتلال الاسرائيلي أن يقبل بشروط التهدئة المشرفة والنوعية حسب كل المحللين سياسيين أو عسكريين أو غيرهم

سأعيد بذاكرتكم إلى لحظة اعلان التهدئة وننقاش بنودها وتفاصيلها ونقربها إلى صورة المشهد اليوم.

تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة

 وجاء في تفاصيل الاتفاق الذي حمل عنوان "تفاهمات خاصة بوقف إطلاق النار في قطاع غزة

* وقف كل من المقاومة والاحتلال الهجمات المسلحة المتبادلة.

 * تعهد الاحتلال بعدم دخول أراضي قطاع غزة أو تنفيذ عمليات الاغتيال.

 * إلغاء المنطقة العازلة التي أنشأها الاحتلال على طول حدود القطاع وحرمت أهل غزة من أراضيهم.

 * موافقة الاحتلال على البدء بالرفع التدريجي للحصار عن قطاع غزة.

 * السماح للصيادين بالوصول إلى مسافة 9 أميال بحرية.

والأن نناقش سويا كل شرط على حذا نبدأ بالشرط الأول " وقف كل من المقاومة والاحتلال الهجمات المسلحة المتبادلة".

هنا يستاءل البعض هل تحقق هذا الشرط على أرض الواقع , الحقيقة المرة تقول "لا"

ولكن كيف؟

 لم توقف اسرائيل أن نشاط أو هجمات على غزة , فمنذ انتهاء العدوان عام 2012 وحتى اللحظة ما زال الكيان المحتل يقصف ويدمر ويقتل ويشن غارات وعمليات توغل وكل أنواع النشاط العسكري المتعارف عليه , وبالتالي يمكن القول أن اسرائيل لم تحترم هذا الشرط وانتهكته بكل الصور.

البند الثاني " تعهد الاحتلال بعدم دخول أراضي قطاع غزة أو تنفيذ عمليات الاغتيال".!!

تعهد الاحتلال مرغما على قبول هذا الشرط وللأسف صدقته المقاومة وحتى المواطن البسيط بغزة , والمضحك حتى السلطات المصرية الراعية للاتفاق , لكن المشهد الواقعي يقول أن اسرائيل لم تلتزم والدليل المناطق الحدودية شرق القطاع من جنوبه إلى شماله تعتبر اليوم منطقة أشباح نتيجة عمليات التوغل اليومية وتجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية واطلاق النار بشكل عشوائي على منازل الفلسطينيين وغيرها من العمليات العدائية التي تؤكد قيام الاحتلال بمسح هذا البند من جذره .

الشرط الثالث " إلغاء المنطقة العازلة التي أنشأها الاحتلال على طول حدود القطاع وحرمت أهل غزة من أراضيهم".

أيضا اللافت أن جيش الاحتلال اخترق هذا الشرط كما اخترق غيره وذلك بإطلاق نيران رشاشاته المختلفة على المزارع والمساكن في تلك المنطقة بشكل يومي، عدا عن قيامه بعمليات توغل محدودة, وأعداد الشهداء التي ترتفع كل يوم من المواطنين العزل الذين يحاولون أن يصلوا لأراضيهم لزراعتها وحصد ثمارها, ذلك مسلسل الرعب الذي لا ينتهي, واعتداءات متواصلة وخرق للتهدئة المبرمة , صورة مشهد طالما تمنى المزارع البسيط أن تنتهي عما قريب

 البند الرابع " موافقة الاحتلال على البدء بالرفع التدريجي للحصار عن قطاع غزة".

شرط لو تحقق بجدية لأصبحت غزة حينها تعيش برخاء وسعادة ويمكن أن يتحقق حلم الغزي البسيط بأن تصبح غزة " سنغافورة " , ولكن هيهات أن يتحقق ذلك , طالما وجد المحتل للأرض والتاريخ والهوية والثقافة , الحصار عاد من جديد وأقوى مما كان عليه ابان حرب 2012 , الموظف بغزة أصبح يعانق نصف راتب كأنه يعانق ابنه, المريض مات على أسرة الحصار وهو بحاجة لدواء أو عملية جراحية , والطالب انتهى جزء من عمره قبل أن يتخرج , وامتلأت شوارع غزة بالعاطلين عن العمل , ومشاهد اخرى كثيرة , كانت نتيجة واقعية لهذا الحصار , الهدف من هذا الحديث المطول أن الاحتلال أنكر أصلا هذا البند من شروط التهدئة.

الشرط الخامس " السماح للصيادين بالوصول إلى مسافة 9 أميال بحرية".

الحقيقة أن الصياد وصل إلى 9 أميال ولكن ليست بالبحر انما على الرمال , لم يستطع الصياد الفلسطيني من الوصول لهذا العمق , ومازالت عمليات اطلاق النيران بعرض البحر كل يوم خير شاهد ودليل, واعتقال الصيادين المتكرر واقتيادهم إلى ميناء أسدود البحري , والتنكيل بهذه الفئة المهمشة بكل معنى الكلمة , حقائق لو راجعتها المقاومة ستندم ندما شديدا أن وثقت بهذا المحتل.

هذه بعض شروط التهدئة المبرمة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي الذي لم يعمل حساب لها وأنكرها بأفعاله وذلك بسبب أن المقاومة فتحت له الطرق وسهلت له الكثير , والدليل كنا قديما ونحن أطفال نقول " يا شهيد يا مجروح .. دمك هدر ما بروح " الحقيقة أن الشهيد ارتقى ودمه هدر ولا نعرف السبب , المقاومة مع كل الاحترام والتقدير لها فهي الشوكة في حلق المحتل ونعترف بجميلها ونضعها تاجا على رؤوسنا , تلك المقاومة لم ترد حتى اللحظة على الاستهدافات المتكررة وعمليات الاغتيال وقنص المواطنين واستهداف مواقعها وغاراتها العنيفة , وانتهاك العدو لشروط تلك التهدئة المهدورة بكل معنى ومضمون , نحن نعترف أن المقاومة تدرس المتغيرات الاقليمية وعلاقتها بغزة , ونعرف أن الاحتلال يريد ذريعة لشن عدوان جديد , ونعرف أن الرسول الكريم وهو قائد المجاهدين امرنا بعدم تمني لقاء العدو , لكن الحقيقة المرة أننا كشعب فلسطيني أصبحنا بدون أهمية لدى مقاومتنا , أقل ما يمكن فعله أن تغير المقاومة أسلوبها في التحفظ على الرد الذي مل منه المواطن البسيط , وأن تقلب المعادلة الحقيقية وهي العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم, العدو أصبح يتباهى أنه أعاد قوة الردع والهيبة لجنده وشعبه , وهو يدرك أن المقاومة وضعها صعب للغاية بعد انقلاب مصر العسكري في الثالث من يوليو 2013 , ولذلك على المقاومة أن تعلن موقفها بكل جد وصدق ولكن ليس بالأقوال انما بالأفعال , وإلى ذلك الحين تبقى المقاومة تاج عز وفخار لكل فلسطيني وعربي ,نحن على يقين أنها ستنتصر وأنها لن تضيع الحقوق والثوابت وصدقا اننا نحبك يا مقاومة , ولكن متى ستغيرون هذا الواقع المرير؟؟