حماس بين زمنين: نقاش في إحتمالات الحرب على غزة
تاريخ النشر : 2014-02-15 12:22

يبدو أن سبع سنوات على سيطرة حركة حماس على قطاع غزة لم تكن كافية حتى تقوم بمراجعات سياسية واضحة لمجمل سياساتها، وبرامجها ذات الرؤية الإسلامية, إختلف الفلسطينيون حول إتفاقيات أوسلو بين مؤيد و معارض , حركة حماس كان لها موقفا  واضحا ضدها  عبرت عنه  بالقيام بعمليات إستشهادية  " كما سمتها " في  الأراضي المحتلة عام 48 بهدف إفشال أوسلو و المفاضات التي كان يخوضها الرئيس الراحل ياسر عرفات مع الإسرائيليين  ,  حتى جاء عام 2006   العام الذي شهد قبولها في المشاركة بالأنتخابات التشريعية الثانية تحت سقف إتفاقيات أوسلو , هنا ركزت  الحركة نشاطها في حدود  الأراضي التي أحتلت عام 67 أي أن تغيرا حصل في موقفها من الصراع مع الإحتلال , هناك بعض وجهات النظر تقول إن هذا التطور حصل نتيجة تفاهمات بين حركة حماس و إسرائيل بعدم القيام بعمليات إغتيال لقادتها مقابل وقف العمليات في أرضي 48 , و لكن في جوهر الأمر ممكن أن نقول أن ذلك جاء نتيجة تطور سياسي هام في حركة حماس , في جوهره  الإنكفاء نحو الداخل و خاصة نحو قطاع غزة , و هنا كانت لحظة البداية لمشروعها بناء دولة غزة بهوية إسلامية و بتحالفات عربية و إسلامية تشجع هذه الهوية لإعتبارات إتضحت لاحقا وهي عزل قطاع غزة عن مشروع الدولة الفلسطينية على حدود عام 67 وتطورت هذه الرؤية حتى أصبحت جزءا من مشروع إسلامي في المنطقة تفاهمت عليه حركة الاخوان المسلمين  على حدوده و غاياته مع الإدارة الأمريكية  ,  ثورة 30 يونيو في مصر أسقطت هذا الخيار , وجعلت  حركة حماس في مأزق سياسي يوازي مأزق حركة الأخوان المسلمين , وهنا لحظة المواجهة و الأسئلة  , هل تستطيع حماس التعايش مع متطلبات و ضعها الداخلي كقوة تسيطر على قطاع غزة  في تأمين رواتب لأكثر من 45 ألف موظف بعد تخليها عن حلفائها التقليديين إيران و حزب الله و سوريا  و إلتزامها بدورها الوظيفي الذي رسم لها برعاية النظام السابق المعزول في مصر عندما قام برعاية إتفاق أمني بين حماس و إسرائيل و بمشاركة الإدارة الأمريكية و الأمم المتحدة , في ضمان التهدئة و منع إطلاق الصواريخ من قطاع غزة ,  و هل تستطيع حركة حماس التعايش و الصمود أمام حالة العداء المتصاعدة بينها و بين مصر الذي يدفع المواطن الفلسطيني في قطاع غزة ثمنها و الفلسطينيون عامة ؟  .

 نعلم جيدا بان الرؤية الإسرائيلية  بشأن قطاع غزة , إنتقلت من رؤية إستراتيجية بذهاب قطاع غزة إلى إلى الجنوب  أي إلى مصر و بالتالي عزله عن حل الدولتين ومنع تشكل دولة للفلسطينيين , إلى رؤية مرحلية تكتيكية أربكت الإسرائيليين , بعد أن أفشلت ثورة 30 يونيو في مصر الرؤية الإسرائيلية و أسقطتها في ذهاب القطاع إلى المسؤولية المصرية , وهنا إسرائيل باتت مجبرة على الإجابة على الأسئلة التالية   , هل تستطيع التعايش وإلى أي مدى مع حالة الإشتباك اليومي مع قطاع غزة  ؟  ,  التصعيد متواصل كما أشار بذلك روبرت سيري منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط  , و السؤال الثاني هل إسرائيل باتت ترى في عدم قدرة حماس على ضبط جبهة الجنوب و منع إطلاق الصواريخ و  تكدس السلاح في قطاع غزة و إنتشار القوى السلفية الجهادية , يهدد إستراتيجيتها الأمنية في الجنوب  ؟  . وبمعنى آخر   إسرائيل  أصبحت خاضعة للمعادلة التالية إما التعايش مع حالة الإشتباك اليومي مع القطاع ولكن إلى متى . أو الذهاب إلى الحرب مع القطاع كما صرح الكثير من قادتها العسكريين  , "  قرار الحرب مع غزة بات لا مهرب منه وأن الأمر بات مسألة وقت "  , وبهذا تفتح المجال أمام سيناريو ذهاب غزة بإتجاه مصر ولكن برؤية جديدة تتعلق بمن يحكم غزة , وهذه معضلة إسرائيل الكبرى , تسليم غزة للرئيس أبو مازن وهذا ما تخشاه إسرائيل  تقوية التمثيل السياسي للفلسطينيين وخيار الدولة الفلسطينية ,   أم  الذهاب إلى دور مصري إجباري في غزة بغطاء عربي . بالتأكيد في كلا الحالتين حركة حماس هي الخاسره .

تصريحات حركة حماس الاخيرة بوقوفها خلف الرئيس محمود عباس في مواجهته ورفضه للضغوط التي يمارسها وزير الخارجة الأمريكية جون كيري , و التهديدات الإسرائيلية المتواصلة  ,  تصب في الإتجاه الصحيح ودعوة صريحة للتمسك بالثوابت الفلسطينية ولكن هذه الخطوة ورغم اهميتها لاترتقي إلى مستوى التهديدات الإسرائيلية لقطاع غزة أو للضفة الغربية و للرئيس أبو مازن , وتبقي رد سياسي لامعنى له إلا  إذا إختارت حركة حماس  وبدون تأخير و بأي ثمن إلى إنهاء ملف الإنقسام السياسي وإستعادة الوحدة السياسية للفلسطينيين بين شطري السلطة الوطنية غزة و الضفة الغربية , وهذا له معنى سياسي كبير أولا لمواجهة إحتمالات الحرب على غزة ونحن موحدين , صوتنا سيكون أقوى , ولحل الإشكال الحاصل بين حماس و مصر ولكن يجب أن يسبق ذلك مراجعة صريحة من قبل حركة حماس لمجمل سياساتها بشان خيارات الشعب المصري و التسليم بما حدث في مصر من ثورة ضد حكم الإخوان المسلمين , و عدم التدخل بالشأن الداخلي في مصر , و بالتاكيد خيار إنهاء الإنقسام يوحد النظام السياسي الفلسطيني ويوحد جهد الفلسطينيين في مواجهة ما يدبر لهم في  إتفاق الإطار الذي تحاول الإدارة الأمريكية  فرضه على الفلسطينيين . وهذا إن حدث و إنحازت إليه حركة حماس يفهم منه بأن حماس إقتربت من تبنى مبدا الشراكة السياسية و إحترام التعددية و مبدا تداول السلمي للسلطة  , و بإحترام خيارات شعبنا و إرادته الشعبية ,  وبالتالي إقترابها من الوطنية الفلسطينية لتصبح جزءا منها ومن البرنامج الوطني الفلسطيني الذي توافق عليه الفلسطينيون  يمختلف تياراته السياسية .