يوم التضامن..يوم التقسيم..ويوم "فتح" كيف يكون!
تاريخ النشر : 2016-11-29 09:07

كتب حسن عصفور/ بعد ثلاثين عاما على قرار تقسيم فلسطين الجائر والظالم رقم 181 يوم 29 نوفمبر 1947، أعلنت الأمم المتحدة عام 1977 بأن يكون هذا اليوم، يوما عالميا للتضامن مع الشعب الفلسطيني، من أجل استرداد حقوقه التي إغتصبتها دولة الكيان..

قرار أممي، اعاد الاعتبار السياسي للقيمة الوطنية الفلسطينية، بأن الحق الخاص بالشعب الفلسطيني لم يسقط بـ"التقادم"، ولم ينته بـ"ببلطجة سياسية" تم ممارستها من قبل دولة شكلت "النموذج" الأهم في الخروج عن القانون والشرعية الدولية، بفضل جدار سياسي من الولايات المتحدة ودول غربية لا تزال غير قادرة على توفيق مبادئها المعلنة عن الحرية والمساواة والأخلاق العامة، ودعم تلك الدولة التي تفترق كليا مع تلك العناصر..

بالطبع ما كان للأمم المتحدة، ان تقيم وزنا لتصويب مضمون ذلك اليوم لولا قوة الحضور الثوري والسياسي للشعب الفلسطيني، عبر ثورته الشاملة المنطلقة وتكريس منظمة التحرير ممثلا شرعيا وحيدا، باتت عضوا في الأمم المتحدة منذ العام 1974، وتحت قيادة رمز فلسطين الخالد ياسر عرفات..

تمكن الخالد "أبو عمار" من اعلاء راية الشعب وصوته لأول مرة بخطابه الأشهر من على منصة الجمعية العامة لأمم المتحدة، يوما دخل تاريخ الأمم مستمعا للخالد وهو يعلن، أنه جاء حاملا بندقية الثائر بيد، وغصن الزيتون بيده الأخرى..كلمات الحق السياسي التي باتت "معادلة ثورية" للشعب الفلسطيني..

اختلاف المسمى من "يوم التقسيم" الى "يوم التضامن"، لم يكن تغييرا باللغة بقدر ما تغييرا في مفهوم جوهر اللغة السياسية التي جاءت انسجاما مع قوة فعل الثورة الفلسطينية ورمزها الخالد، وحضور بات جارفا لمنظمة التحرير ممثلا للشعب صاحب القضية، التغيير كان رسالة أن ما سرق لن يذهب، وأن وجود دولة فلسطين في قرار التقسيم، لم ينته بعد، مرتبطا بقرار 194 الخاص بحق العودة للاجئين، والذي يحوي "شرطا إلزاميا"، تجاهله الكثيرون دون سبب معلوم، أن الاعتراف بدولة الكيان يمر عبر بوابة تنفيذها ذاك القرار..

انتصرت الثورة الفلسطينية المعاصرة بقيادة الزعيم المؤسس ياسر عرفات، بأن تحيل يوم التقسيم الى يوم تضامن مع فلسطين، رسالة حملت كل أشكال القوة والتأثير على مسار الأحداث التاريخية، ولتعيد فلسطين، لتجسيد كياني سياسي فوق بعض فلسطين عام 1994 سلطة وطنية كانت هي "حجر الكيانية المعاصرة" لدولة فلسطين، التي أعلنها الخالد في الجزائر يوم 15 نوفمبر"تشرين ثان" 1988، بداية "حلم استعادة بعضا من حق مغتصب" وبعضا من حق أقرته "الشرعية الدولية"..

لكن المؤامرة المركبة نجحت في إغتيال الخالد، حيث رأت دولة الكيان أن الخلاص من "الكيان المولود" هو الضرورة الأبرز للحركة التهويدية، وبداية الخلاص تبدأ بالخلاص من زعيهما المؤسس، وتحضير "بديل"هم مستغلة سقوط البعض المنتفخ ذاتيا بفعل أمريكي إسرائيلي لرسم "خريطة طريق الخلاص" من المؤسس على "طريق الخلاص من الكيانية الوليدة"..

وتحقق لهم بعضا من "معادلة التآمر المركب"، لكن إستكمالها يتطلب تدميرا كليا لعناصر الكيانية، فكانت الانتخابات عام 2006 "حصان طروادة" الذي ركبه الرئيس محمود عباس بتمرير الانقسام كأداة تنفيذية لتلك المؤامرة من خلال "أداة شرعية"، لتبدأ رحلة هدم "المعبد الكياني"..

اليوم، المؤامرة وصلت الى نقطة حرجة جدا، فـ "الشرعية الرسمية الفلسطينية" مهتزة جدا، ولا يمكن الاقرار أنها موحدة، بل وهناك تشكيك بتمثيلها الوطني، نتيجة لفعلة عباس الانتخابية التي جاءت بأمر اميركي مباشر، مع وجود جسم تمثيلي هو جزء من الشرعية بأغلبية حمساوية، ومع خطف القانون الأساسي الذي كان "حاميا" للشرعية الانتقالية في "بقايا الوطن"..

اهتزاز "الرسمية الفلسطينية" وما سيكون في لحظة فراغ سيادي بعد رحيل عباس سيفتح الباب للفصل الثاني من المؤامرة على "الكيانية الوليدة"، خاصة ودولة الاحتلال تعلنها ليلا نهارا أنها "لن تسمح بوجود فراغ سياسي يؤدي الى فوضى أمنية"، ولذا هي تستعد جيدا لليوم التالي بعد عباس بمشروع ملامحه تتفاعل بسرعة برقية بمسمى جديد "النموذج القبرصي"..

اليوم حركة فتح، تعقد مؤتمرها السابع، مؤتمر مفترق طرق وطنية - سياسية، ومع كل المؤشرات السلبية والخطيرة التي استبقت الانعقاد، الا أن المهمة الأساسية التي تقف أمام المؤتمرين، هو رؤية اليوم التالي ما بعد عباس وليس اليوم التالي لانتهاء المؤتمر..وهل سيكون مؤتمرا يكرس قيمة التغيير من "يوم للتقسيم" الى "يوم لفلسطين" .زام يذهب بعيدا الى منطقة الخطر الحقيقي!

هل تنجح فتح عبر مؤتمرها أن ترسم ملامح خريطتها لكسر "التقسيم" الذي كانت جزءا منه خلال أكثر من عشر سنوات بعد أن منح رئيسها "الضوء الأخضر" له بخضوعه للتهديد الأمريكي، أم يصر رئيسها على استكمال "خريطة التقسيم" التي حملها بحصان طروداة الأمريكي عام 2006..

التاريخ يقف منتظرا، بعيدا عىن أي لغة إنشائية أن فتح غير قابلة للقسمة..وكأن قسمة "بقايا الوطن" ليس قسمة هي أشد فتكا بفلسطين من قسمة فصيل..عقلية آن أوان الاقلاع عنها..والحرص على ردم التقسيم الوطني كأعلى قيمة وأهمية من أي إدعاء آخر..

فتح من سيقرر: هل يكون 29 نوفمبر يوما للوحدة الكفاحية السياسية الوطنية، أم يوما نحو كارثة تقسيمية جديدة تصبح الطريق نحو إكمال مؤامرة 2006..

ملاحظة: خارجية الكيان الاحتلالي شكرت الدول التي شاركت في "فزعة إطفاء اسرائيل تحترق"، عدا دولة فلسطين..السبب معلوم ليش، هل هناك رد من دولة فلسطين على هيك، أم أن ذلك ممنوع كي لا يشوش ضابط احتلالي سير أعمال المؤتمر السابع!

تنويه خاص: مشاركة حماس في مؤتمر فتح، هو اعتراف بأن حماس ليس فصيلا انقلابيا..بس هل حقا قيادة فتح مقتنعة بالحكي أم تحسبا لما يقال عن تعاون حمساوي دحلاني.."الجكر أبو المعجزات"!