"الأسرى ومؤتمر المقاطعة"
تاريخ النشر : 2016-11-27 20:57

دائماً تابع الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الصهيوني باهتمام كبير كافة التطورات على الساحة الفلسطينية، وذلك من منطلق إيمانهم العميق بأنهم أصحاب قضية عادلة ناضلوا لأجلها وبدون توقف، وبذات القدر من الاهتمام تابع أسرى حركة فتح في السجون الإسرائيلية بقلق كبير ما آلت إليه أوضاع حركتهم التي ناضلوا في صفوفها لسنوات طويلة، ولا يزالون منضبطون في صفوفها ملتزمون بكل ما يصدر عنها ويعملون من خلال مؤسساتهم التنظيمية داخل السجون لأجل الحفاظ على قوة الحركة وديمومتها من خلال عمليات التعبئة والتأطير لصفوف الحركة لتخرّج دائماً أفواجاً من الفتحاويين الملتزمين والمنضبطين والمؤمنين بأهداف الحركة ومبادئها، وكان منهم أسرى محررين ارتقوا لمواقع قيادية في داخل الحركة وقد رأينا في المؤتمر السادس أسرى محررين تمكنوا من الوصول إلى عضوية اللجنة المركزية والمجلس الثوري للحركة. لقد أدرك مؤخراً أسرى حركة فتح حجم التمزق والتفكك والانقسام الذي تعانيه الحركة، وعملوا باستمرار كأبناء مخلصين لحركتهم أوفياء لدماء الشهداء، وتوجهوا مراراً لقيادة الحركة مطالبينهم بضرورة العمل على استغلال أي دعوة أو مبادرة مهما كان مصدرها تدعو لوحدة الحركة، من منطلق إيمانهم أن ضعف الحركة وتفككها سيدمر مشروعنا الوطني بأكمله، من هنا تركزت دائماً دعوات الأسرى في الفترة الأخيرة حول ضرورة إجراء مصالحة فتحاوية داخلية تمكن الحركة من إستعادة وحدتها ودورها الريادي في التصدي لكافة التحديات التي تهدد مستقبل شعبنا من انقسام واستيطان وتهويد للأرض وانغلاق للأفق السياسي بسبب رفض إسرائيل الدائم للسلام. إلا أنه مع كل أسف... لم تلق دعوات الأسرى آذاناً صاغيةً من قيادة الحركة، واستمر الرئيس عباس بسياسة الفصل والإقصاء لخصومه في الحركة، وعمل على التحضير لمؤتمرٍ سابع قائم على مبدأ الإقصاء لتيار مناضل داخل الحركة، وحصر تمثيل فتح في مؤتمرها بنسبة بسيطة، وغلب على المؤتمر الشكل التمثيلي الذي أراده الرئيس عباس وذلك حتى يضمن غياب الفتحاويين ليحضر مكانهم جماعات تمثل مكتب الرئيس ومؤسسته الأمنية وموظفين كبار مقربين منه ورجال المال والفن وعائلات المسؤولين ممن هم حول الرئيس وآخرين مرتبطين بعلاقات مع إسرائيل لضمان حصة إسرائيل في المؤتمر ومخرجاته. إن أكثر ما فاجأ الأسرى إلى جانب رفض القيادة التعاطي مع دعواتهم لإجراء مصالحة فتحاوية قبل عقد المؤتمر هو تغييبهم عن المؤتمر، حيث يوجد داخل سجون الاحتلال أكثر من ثلاثة آلاف أسير وأسيرة من حركة فتح، رفض الرئيس عباس تمثيلهم في المؤتمر، ومن هؤلاء الأسرى من أمضوا أكثر من ثلاثين عاماً في السجون، لا يزالون في المعركة مستمرين في الصمود والنضال، وعلى تماس يومي مع الاحتلال وإجراءاته القمعية، ومع ذلك لا يرى الرئيس عباس أنهم أصحاب حق في الوجود داخل مؤتمر حركتهم، كيف ذلك؟؟ أليس هؤلاء هم من حملوا السلاح وقاتلوا الاحتلال على الأرض ولا يزالون يحافظون على هوية الحركة ومبادئها وأهدافها؟ لقد أظهر الأسرى دائماً حرصهم على الوطن وعلى فتح بالأفعال وليس بالأقوال، وكل أسير وأسيرة داخل سجون الاحتلال يعلم علم اليقين أن هذه القيادة بسلوكها ذاهبة بفتح والقضية نحو المجهول، ولا يتوقعون من هذا المؤتمر الإقصائي والذي حُرم الفتحاويين الحقيقيين من أن يشاركوا به أن ينتج عنه قيادة قادرة على الحفاظ على فتح وهويتها النضالية، ولا على تمثيل الفتحاويون وقيادة مشروعهم التحرري وأن ما سينتج عن هذا المؤتمر لن يعبر عنهم ولا عن آمالهم وطموحاتهم وتطلعاتهم نحو مستقبل أفضل لقضيتنا الوطنية التي يُفترض أن تقود فتح النضال لأجلها. ليس الأسرى وحدهم من خابت آمالهم، فخيبات الأمل من هذا المؤتمر كثيرة، فليس هم وحدهم الغائبون، فقد غابت كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري للحركة التي رفض عباس تمثيلها أيضاً، وأسر الشهداء الذين حصر تمثيلهم بأربعة أعضاء، بالإضافة إلى نخبة مناضلة وشخصيات قيادية كبيرة غيبها الرئيس عن المؤتمر لغايات في نفسه. بالنهاية يمكن القول أن فتح التي تعرضت عبر مشوارها النضالي الطويل قد تخطت العديد من المؤامرات التي استهدفتها محاولةً النيل من مشروعنا الوطني وكلها تحطمت بفعل تمسك الفتحاويين بمبادئهم وأهداف حركتهم، لذلك فإن مؤتمر المقاطعة يعتبر مؤامرة أخرى على الحركة ستمر هي أيضاً وستبقى فتح لتكمل مشروعها النضالي حتى الاستقلال.