منمنمات : كينغ وكثير من الأفكار ..
تاريخ النشر : 2014-02-13 13:16

كثيراً ما تستوقفني تصرفات الناس، وكيفية ردود أفعالهم، واستقبالهم للانتقادات أو طريقة حديثهم وتجاوبهم أو رفضهم لمحاور الحديث في مواضيع مختلفة.

هناك جدلية في استيعاب الناس لبعضهم البعض، وأسوأ ما في الأمر هو أحادية الرؤية في تفسير ما يحدث حولنا أو ما يمكن لنا أن نقرره.

التعايش مع الاختلافات، قناعة يجب أن ترسخ في العقول وفي السلوك، لأنها جزء لا يتجزأ من عوامل النجاح، والاختلافات تعني قراءة المواقف المختلفة من منظورها العميق والبعد عن القالب السطحي .

كثير ممن نحسبهم مفكرين أو حتى قادة يفشلون في تقبل النقد، وبل أنهم يعتبرون النقد هو عملية ثناء مبرمج لأفكارهم وأعمالهم، فهؤلاء يفتقدون لمرونة التفكير وينظرون لمن ينتقدهم بسلبية وندية، والأسوأ حين يمتلكون القرار، فسوف يبادرون مباشرة لاتخاذ قرارات للتخويف والردع، هؤلاء لا يملكون الموضوعية والقدرة على استيعاب المحيطين .

المسافة بين الضوضاء والصمت لا تعني التقارب، ولربما يستحضرني هنا ما قاله مارتن لوثر كنغ "سيسجل التاريخ أن أعظم مأساة تشهدها هذه الفترة التي يسودها التحول الاجتماعي لا تتمثل في الضوضاء التي يحدثها الأشرار، بل في الصمت المروع الذي يلتزم به الصالحون."

لي صديق عزيز جدا على قلبي، يتعب على نفسه في مجال المعرفة ووصل الى مستوى مرتفع ومرموق في التنمية البشرية وأصبح مدربا ومفكرا رائعاً ، وهو حاصل على درجة البكالوريوس ويتحضر لدرجات علمية أعلى، وذات مرة سألته ماذا يفعل صباح يوم إجازته، فكان رده وباختصار: " أخرج من البيت وأحمل أدوات التنظيف وأبدأ في تنظيف المساحة المقابلة والمحيطة لباب بيتي " مساحة عامة"، وحين شاهد بعض الإعجاب المغلف بالتساؤل مني أو حتى بعض الدهشة، أجابني وبهدوء "لو أن كل شخص يكنس أمام بيته، ويتوقف الآخرون عن رمي الزبائل، لأصبح العالم أكثر نظافة".. (الزبائل) هي الفضلات في معناها الدبلوماسي، وفي حياتنا العامة وتصرفاتنا وسلوكياتنا هي الأقوال والأفعال وكل ما ينبثق عنها من ردود ونقد وانطباعات وحزن وفرح وتجاوب ورفض وصراع ومحبة وتصالح وتنافر.

أحيانا مشاعرنا السلبية البسيطة والموروثة في داخلنا من حسدنا وغيرتنا من الآخرين تجعلنا نمارس أسوأ ردود الأفعال، وربما نحرق بيتنا فخما من أجل التخلص من فأر صغير سرعان ما يهرب خارجه ان شعر بحركة حوله .. لتكون حركاتنا هي قاموس تفهمنا وسلوكنا الايجابي تجاه كل الأشياء.

لم يعد الحصول على الثقافة المعرفية بحاجة الى ارتياد المكتبات والسفر وقراءة الكثير من الكتب وحضور المحاضرات وورش العمل ومجالس العلماء، بل يمكننا وبأطراف أصبعين أن نحصل على كثير من هذه المعرفة النظرية، إننا في عالم قيل سابقا أنه "قرية صغيرة" واسمحوا لي أن أقول أننا في " كبسولة صغيرة" .. المعرفة الثقافية هي أوسع من نقرؤها مرورا بل نحن بحاجة ماسة إلى عقول وشخصيات قادرة على تفكيك وتحليل وتكوين انطباعات عما هو موجود في الموسوعات المنتشرة في عالم الانترنت .

أن تنجح فهذا أمر مقدور عليه، وعالمنا اليوم لا يحتاج فقط للنجاح، بل للإبداع والانجاز، ولربما بعد سنوات ستختلف معايير تصنيف حملة الدرجات العليا، ولربما تصبح درجة البكالوريوس بند متدني في قياس مستويات التعليم .

لنتفق أن الأفكار الخلاقة والبيئة عاملان رئيسيان لنجاح أي عمل، وانه في العمل المؤسساتي والقيادي إذا لم تنجح فأبواب الخروج أكثر من نوافذ الدخول.

يعتبر كثيرون أن رسالة لوثر كينغ قد تحققت وأن التفرقة العنصرية قد انتهت في اليوم الذي أصبح فيه باراك اوباما رئيس للولايات المتحدة الأمريكية في 20 يناير من سنة 2009. حيث تفخر الكثير من دول العالم بوصول رجل من أصول أفريقية إلى كرسي الحكم في الولايات المتحدة ولا سيما أن بعض الدول الأوربية لم تصل لهذا القدر من الحرية بعد رغم كونها من أول الحاضنات للأفارقة . لقد تم اغتيال كينغ في 1 نيسان 1969 ولم تكن كذبة نيسان، بل كانت حقيقة، فهل يمكن ان ينجح في أوباما في انهاء عنصرية اسرائيل وانسحابها وقيام دولتنا الفلسطينية، ام ان نيسان سوف يتفجر كذبا وكثير مما لا يمكن إحتماله .

[email protected]