الكتاب الممنوع «وين ماشى بينا سيدى؟» ( الحلقة الثالثة)
تاريخ النشر : 2013-10-14 12:50

تواصل «الوطن»، اليوم، نشر كتاب «وين ماشى بينا سيدى؟»، للباحث السياسى التونسى، الدكتور «سامى الجلولى»، والذى يكشف فيه عن تاريخ المؤامرات فى الإمارة الخليجية الصغيرة منذ نشأتها حتى يومنا هذا.

وفى هذه الحلقة تستعرض «الوطن» الجزء الخاص بجنون العظمة لدى أمراء ووزراء قطر، بدءاً من تصرفاتهم العربية والدولية، إلى استغلال قناة الجزيرة «المتحدث الرسمى للخارجية القطرية» فى إثارة الفتن والانقلابات، بل وحتى سفك الدماء.. وإلى النص..

الدوحة أبرمت اتفاقاً يقضى بدعم «القاعدة» مادياً مقابل عدم ارتكاب التنظيم عمليات على أرضها

رغم التحالف الذى أبرمته قطر مع تنظيم القاعدة فى عدم حصول عمليات إرهابية على أرضها مقابل دعم التنظيم مادياً وتسهيل إقامة وعبور أفراده، ورغم وجود قاعدتين أمريكيتين بالمشيخة يسهرون ليل نهار على تأمين أمنهم وأمن الإمارة، فإن قانون الإرهاب رقم 3 لسنة 2004 الذى أقرته قطر كان سطواً مجحفاً بالقيود الصارمة ومحملاً بالعديد من التجاوزات التعسفية والخطيرة.

لقد ورد مفهوم الإرهاب مطلقاً ووقع سحبه على جرائم قد لا تتجاوز الجنحة كـ«التظاهر دون ترخيص» أو «إلحاق الضرر بالبيئة» التى وردت مطلقة ولم يتناولها المشرع بالتحديد، أما عقوبة ذلك فوردت قصوى كورود طلاقة المفهوم؛ حيث تنص المادة الثانية على تشديد جميع الوارد بشأنها فى القانون الجنائى؛ بحيث مثلاً يعاقَب بالإعدام إذا كانت العقوبة هى الحبس المؤبد: «وفى جميع الأحوال تكون العقوبة الإعدام إذا ترتب على فعل الجانى موت شخص أو إذا استعملت أسلحة فى ارتكاب الجريمة».

وجاء فى المادة الثالثة: «يعاقَب بالإعدام أو الحبس المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار جماعة أو تنظيماً على خلاف القانون، أياً كان مسماه لارتكاب جريمة إرهابية».

وفى المادة السادسة: «يعاقَب بالإعدام أو الحبس المؤبد كل من أدار كياناً أو جمعية أو مؤسسة خاصة أُنشئت طبقاً للقانون، واستغل إدارته لها فى الدعوة إلى ارتكاب جريمة إرهابية».

من الغرابة أن تنتصب دولة قطر منادية باحترام حقوق الإنسان بدول الجوار فى حين تغفل عن ذلك داخل حدودها، دولة يحتكر فيها الأمير وزوجته أهم السلطات رغم وجود دستور فى البلاد وقع تبنيه عن طريق الاستفتاء سنة 2003، ودخل حيز التنفيذ سنة 2005، وإن نص الدستور على تأسيس سلطة برلمانية من 54 عضواً -ينتخب ثلثاهم عن طريق الاقتراع العام فى حين يعين أمير البلاد الثلث الآخر- إلا أن هذا المجلس لم يرَ النور حتى الآن.

وعلى الرغم من أن الحكومة أقرت قانوناً يسمح بتشكيل الجمعيات والاتحادات، فإنها من حيث الممارسة الفعلية تفرض قيوداً شديدة وتمنع تأسيس الأحزاب السياسية.

من حيث رقابة المال العام، فإن القانون القطرى، قانون الدولة المتبجحة بالشفافية والديمقراطية، لا يمنح المواطن القطرى حق الاطلاع على المعلومات الحكومية، خصوصاً المالية، فلا تنشر الموازنات العامة أو المصاريف والمداخيل؛ فهذا شأن خاص لا علاقة للمواطن القطرى به.

فى بلد يمثل الأجانب فيه حوالى 57٪ فإن من الصعب عدم حصول تجاوزات قانونية أو حقوقية؛ حيث إن النسبة الكبيرة من الذين يعملون بقطر هم من باكستان والهند ونيبال وبنجلاديش والفلبين ومصر والسودان وسوريا، يعملون فى المهن الشاقة كقطاع البناء أو كخدم بالمنازل ويتعرضون لشتى أنواع الاضطهاد والتمييز والاستعباد.

طبقاً لنظام الكفالة المعمول به، الذى هو نظير لنظام الاسترقاق، فإنهم يظلون تحت سلطة مشغليهم الذين يستغلون بعضهم جسدياً وجنسياً ويهددونهم بالاحتجاز ويمنحونهم أجوراً زهيدة ويحتجزون وثائق سفرهم، بل ويحرمونهم من أجورهم ويمنعونهم من ترك الشغل أو تغيير العمل أو مغادرة البلد دون إذن، كما يعيش هؤلاء العمال فى ظروف سكن بائسة ولا يتمتعون بأى تغطية اجتماعية أو صحية، وكثيراً ما أضرب هؤلاء العمال عن العمل نتيجة عدم حصولهم على رواتبهم لمدة تفاوتت بين شهرين وستة أشهر كتلك التى حدثت فى مارس 2006 من طرف عمال نيبال.

قطريون «مجردون من جنسيتهم»

وفق القانون رقم 2005/85 المتعلق بالجنسية، فإن أمير قطر له سلطات واسعة فيما يتعلق بمنح أو تجريد أو استرداد الجنسية، أما الأشخاص المجنسون فهم مواطنون من الدرجة الثانية ولا يتمتعون بحق التصويت أو الترشح للانتخابات، ولقد سلطت عقوبة التجريد على قبيلة «الغفران»، أحد فروع القبيلة العربية الكبرى «المرى»، التى كان أفرادها رحلا ينتقلون بين شرق وشمال شرق الجزيرة العربية فى التراب الحالى لدولتى قطر والسعودية؛ فقد تم حرمان 927 رئيس عائلة تضم 5266 شخصا من جنسيتهم بموجب قرار من وزير الداخلية عبدالله بن خالد آل ثانى، يوم 1 أكتوبر 2004، وهو رقم مهم بالنظر إلى العدد الإجمالى لسكان البلد.. حدث هذا بعد أن تم اتهام بعض أفراد قبيلة الغفران بمساندة ودعم والد الأمير الحالى عند خلعه ثم إبان المحاولة الانقلابية الفاشلة سنة 1996.

ورغم تدخل منظمات المجتمع المدنى، كمنظمة العفو الدولية، لصالح قبيلة بنى مرة منددة بالخروقات التى أتتها قطر فى حق فصيل من شعبها وعدم تجاهل حقوق قبيلة بنى مرة الذين نُزعت جنسياتهم فى يوم احتفالات دولة قطر باليوم الوطنى لحقوق الإنسان فإن السلطات القطرية لا تجيب عن مختلف هذه المطالب.

وفق بعض المرحَّلين قسرا خارج الحدود، استعملت السلطات القطرية، بإيعاز مباشر من أمير قطر حمد بن خليفة، أساليب الضغط وبينها استبدال الوثائق التى تنص على أن هؤلاء قطريون؛ حيث سلموهم بدلاً عنها وثائق تشير إلى أن الجنسية الحالية للمرحَّلين سعودية، لقد كان تعدياً أحادى الجانب، وذلك من طرف الحكومة القطرية وحدها دون وجود أى أوراق رسمية سعودية، وأنه بعد أن تم تغيير جميع الأوراق ألقت السلطات القطرية ما يقارب مجموعة خمسة آلاف مواطن قطرى يحملون أوراقاً قطرية تفيد بأنهم سعوديون، والحال أنهم لا يحملون أى مستند مسلم من طرف السلطات السعودية يثبت أن هؤلاء الوافدين الجدد سعوديون.

كان تجاوب السلطات السعودية إيجابياً؛ فقبلتهم لأسباب إنسانية، فى حين كان رد السلطات القطرية بأن هؤلاء هم فى الأصل سعوديون طردوا لمشاركتهم فى العملية الانقلابية الفاشلة ضد حمد بن خليفة.

الاعتقال التعسفى

رغم وجود شكلى لبعض القوانين الداعمة لحقوق الإنسان فإنها تعتبر غير كافية وكثيراً ما يقع خرقها، من ذلك بعض القوانين الاستثنائية كقانون «حماية المجتمع» الذى لا يتمتع فيه الموقوفون بأى حماية؛ حيث يتم اعتقالهم واستنطاقهم من طرف مصالح الاستعلامات ثم يتم احتجازهم فى مبانى أمن الدولة لمدة قد تطول وقد تقصر، ولا يمكن لهؤلاء المعتقلين القيام بأى طعن أمام أى سلطة، سواء كانت قضائية أو غير قضائية أو توكيل محامٍ.

وقد عرفت هذه الانتهاكات العديد من الحالات لأشخاص وقع اعتقالهم واحتجازهم تعسفياً لمدة أشهر دون عرضهم على القضاء أو توجيه تهمة محددة أو إخضاعهم لأى إجراءات قضائية، من ذلك مثلاً: اعتقال محمد جاسم سيف الإسلام وإبراهيم عيسى، اللذين وقع اعتقالهما بتاريخ 7 و9 يناير 2006 ليطلق سراحهما دون محاكمة يوم 16 سبتمبر 2006.

قصة اختطاف الشيخة «حمدة آل ثانى» واحتجازها قسرياً بسبب زواجها من شاب مصرى فقير

كما تم اعتقال عبدالله محمد سالم السويدان وفهد الجديع راشد المنصورى وخالد سعيد فضل الراشد البوعينين ونايف سالم محمد عجيم الأحبابى، فيما بين شهرى نوفمبر 2005 ويناير 2006 دون أن يخضعوا لأى إجراءات قضائية، كما حُرموا من الاتصال بأى محامٍ أو الطعن فى قانونية احتجازهم أو حتى الاطلاع على الأسباب القانونية لاعتقالهم كل تلك المدة، كما لم يتمكن أقرباؤهم من زيارتهم إلا بعد أشهر من الاحتجاز السرى.

كما تم اعتقال الأردنى حامد علاء الدين، الذى كان يقطن ويعمل بقطر؛ حيث تم احتجازه فى ظروف سرية مدة تسعة عشر شهراً دون أن يخضع لأى إجراءات قضائية أو يمثل أمام قاضٍ، وبعد سراحه سلطت عليه العديد من الإجراءات التضييقية كمنع السفر.

لا تزال هذه الممارسات التعسفية حتى اليوم؛ حيث لا تتورع مصالح أمن الدولة القطرية بمداهمة المنازل وممارسة الخطف كالذى حصل مع سالم الكوارى، شهر فبراير 2011؛ حيث وُضع فى زنزانة شديدة البرودة، دون فراش، وظل طيلة هذه الفترة مكبل اليدين، كما أُجبر على البقاء واقفاً لعدة أيام، ثم اضطر فى نهاية المطاف إلى توقيع وثيقة ووضع بصماته عليها ضد إرادته وتحت التهديد بمواصلة تعرضه لهذه المعاملة القاسية، ولم يعلموا عائلته إلا بعد مرور ستة أسابيع.

طرد الليبية «إيمان العبيدى» من قطر

ادعت أن مغتصبيها سكبوا الكحول فى عينيها وتناوبوا على اغتصابها، كما استخدموا البنادق لفعل الفاحشة بها من الخلف، قضية إيمان العبيدى تعتبر من أبرز قضايا الاغتصاب الجنسى بعدما اتهمت الليبية مجموعة من أفراد الجيش الليبى باغتصابها بشكل جماعى بعد توقيفها فى نقطة تفتيش، وحتى الآن، لم يفهم سر وكيفية دخولها فندق «ريكسوس» بطرابلس المكتظ بالمراسلين الأجانب، وحاول رجال الأمن الموجودون بالفندق إسكاتها.

وبقطع النظر عن صحة أو بطلان روايتها، فإن ذلك لم يمنع من أن تحظى باهتمام إعلامى واسع، إلا أن ما تعرضت له «العبيدى» بالدوحة بعد هروبها من ليبيا نحو تونس ثم قطر جعل من حكايتها الأصلية تتخذ أبعاداً أخرى.

لقد ذكرت فى اتصال هاتفى أجرته مع القناة الإخبارية الأمريكية «cnn»، من بنغازى، أنها تعرضت للضرب فى قطر وتم تقييدها بالأصفاد، ثم أُجبرت على الصعود إلى الطائرة، وقالت إنه تمت مصادرة كل شىء منها ومن والديها، بما فى ذلك الهواتف الخلوية والكمبيوتر المحمول وبعض الأموال، واتهمت «العبيدى» المجلس الوطنى الانتقالى باستغلالها إعلامياً ثم رميها.

غير أن وجودها فى قطر كان على ما يبدو أمراً يبعث على التساؤل؛ فـ«العبيدى» كانت تنتظر الحصول على وضعية لاجئة، وأعدت مفوضية اللاجئين الدولية ملفها لنقلها من قطر من أجل أن تبدأ حياة جديدة، غير أن السلطات القطرية أخذتها مع والديها من الفندق فى الدوحة وأجبروهم على الصعود إلى طائرة عسكرية مقيدة بالأصفاد وغادرت قطر دون بيان للأسباب الحقيقية وراء هذا الإبعاد، وبهذا الشكل اللاإنسانى رغم تدخل فينسنت كوشتل، المسئول فى مكتب المنظمة الدولية بواشنطن، بطلبات عديدة للسلطات القطرية لعدم إبعادها كان آخرها ليلة طردها، وكيف أنه حاول طوال الليل منع نقلها من قطر وأنها تتمتع بوضعية لاجئ وهى على مسئولية المنظمة وأن هذا الإبعاد غير قانونى بحكم قواعد القانون الدولى وأن وجودها بقطر ما هو إلا محطة وقتية.

قبل ترحيلها بوقت قصير من الدوحة نحو بنغازى قالت «العبيدى» لـ«cnn» إن حراساً مسلحين موجودين خارج غرفتها يمنعون ممثل مفوضية اللاجئين من مساعدتها، وقالت المنظمة إن مثل هذا الإبعاد يعد أمراً غير قانونى بحكم القانون الدولى.

خلال الفترة التى أقامت فيها «العبيدى» بقطر لم تعرض على طبيب نفسانى، وذلك للتخفيف من آثار ما قد تكون قد تعرضت له ولتهيئتها نفسانياً لتقبل الأمر وبناء حياة جديدة، بل على العكس من ذلك؛ فالسلطات القطرية وضعتها فى فندق وأحكمت عليها حراسة مشددة.

وإن ذهبت السلطات القطرية إلى القول إنها تلقت أمراً من المحكمة بترحيلها بحكم انتهاء صلاحية تأشيرتها، وبالتالى محاولة إضفاء ذريعة قانونية على الترحيل، ذهب البعض الآخر إلى أن سبب ترحيل قطر لـ«العبيدى» هو التفاصيل المقززة التى ترويها عن عمليات الاعتداء عليها، التى جعلتها محل انتقاد؛ لأنها باتت تسىء للأخلاق والأعراف، وطالبت أصوات عديدة بمنعها عن التصريح، لفقدها التوازن النفسى ووقوفها فى مفترق الطرق بين الثقافتين الشرقية والغربية، فى حين ذهب اتجاه آخر إلى أن السبب الرئيسى هو أن «العبيدى» أصبحت محل متابعة من طرف وسائل الإعلام الدولية فى قطر وقامت بتلفيق تهم وأساءت لبعض رموز «الثورة الليبية» الذين لا يعرف من هم بالتحديد.

الواقع أن «العبيدى» كانت قد دخلت مربعاً خطراً للغاية؛ فهى اقتربت جداً من الدائرة المغلقة التى تحاك فيها كل الدسائس والمؤامرات ضد ليبيا والوطن العربى، إضافة إلى أن ذهابها للدوحة وتسليط الإعلام الدولى الضوء على قصتها همّشا مخطط ما يسمى «المجلس الوطنى الانتقالى» الذى بدوره يبحث عن دعاية إعلامية.

الأسيرة «حمدة بنت فهد آل ثانى»

حين اعتقلت الأميرة السعودية منية، ابنة الملك سعود، فى فلوريدا بتهمة ضرب خادمتها أو ما حصل للأميرة البحرينية مريم التى هربت مع جندى أمريكى إلى «لاس فيجاس» فإن «الجزيرة»، البوق الرسمى لمشيخة قطر، أوردت هذه الأخبار فى خبر عاجل، أما خطف أميرة قطرية من مصر وحجزها فى قصر والدها فى قطر فهذا ما لا يمكن لـ«الجزيرة» أن تخوض فيه أو أن تشير إليه.

الحكاية أن شاباً مصرياً ذا مكانة اجتماعية متواضعة جداً، قياساً بالأسرة الحاكمة فى قطر، تزوج هذه الفتاة زواجاً عرفياً وانتقل بها إلى السعودية ثم إلى مصر، ولقد اتهم هذا الشاب المخابرات القطرية بالتواطؤ مع نظيرتها المصرية من تحذير ثم اختطاف زوجته والعودة بها إلى قطر.

ما إن وصلت الفتاة إلى الدوحة حتى أودعت عاماً كاملاً خلف قضبان سجن «الأمن العام» مع اللصوص والمجرمين، وحتى حين أطلق سراحها بدأت فصول مأساة جديدة؛ إذ جرى سجنها داخل قصر أبيها محاصرةً بعشرات القيود والمحاذير، ممنوعة من لقاء أحد أو من السفر، ومغيبة تماماً عمّا يدور حولها من أحداث هنا وهناك، وجرى تنفيذ كل هذا بإشراف مباشر من قبل أشقائها أنفسهم.

لم تقف الشيخة المحتجزة قسرياً مكتوفة اليدين، بل إنها ما انفكت تستجدى الحاكم والحاكمة بأمرها وتذكرهما بما أنزلته الشرائع السماوية، وما سنته القوانين الوضعية من ضمان حقها فى الحياة وحقها فى الزواج ممن تريد وحقها فى ممارسة حقوقها دون وصاية، مدعومة فى ذلك من طرف منظمة العفو الدولية التى تدخلت مراراً لصالح إطلاق سراحها وفك عزلتها، وذكرت فى رسائلها للبلاط بأن ما تتعرض له هذه الفتاة مخالف لأبسط القواعد الإنسانية، فى رسالة مناشدة واستجداء أرسلتها هذه الفتاة إلى أمير قطر وزوجته «موزة» جاء فيها: «حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى، أمير البلاد، والسيدة قرينته الشيخة موزة، أتوجه إليكما أنا حمدة فهد جاسم آل ثانى؛ حيث إننى تزوجت مصرياً مسلماً اسمه سيد، وتمت إعادتى إلى قطر دون رغبتى وأنا الآن محتجزة فى قصر أبى مجبرة وممنوعة من لقاء أى أحد، وما زلت أريد العودة إلى زوجى، وكل ما أرجوه التدخل لإعادتى إلى زوجى الذى أحبه واخترته بمحض إرادتى، مع العلم أننى على وشك بلوغ الثلاثين من عمرى ولست قاصراً».

وفى حين تصم «الجزيرة» آذاننا بالندوات التى تعنى بالحريات والشأن الديمقراطى التى تفتحها موزة بنت ناصر، فإنها لم تول أمر الأميرة المحتجزة أدنى اهتمام وأنها أجرت تعتيماً إعلامياً على قضيتها ولم يقع تمكينها من ممارسة حقها فى الحرية والصدوع برأيها بما فيه حقها فى الزواج والأمن على شخصها، وحقها فى ألا تخضع للاحتجاز التعسفى.

بقيت «حمدة» محتجزة قسرياً لمدة ثلاث سنوات إلى أن رفعت عنها القيود فى 2005 بعد مناشدات عدة من طرف منظمات المجتمع المدنى، وعلى رأسها منظمة العفو الدولية وتضييق الخناق على السلطات القطرية التى لم تتحرك إلا بعد أن زادت الضغوط وأخذت منحى تصاعدياً أضر كثيراً بسمعة النظام القطرى، ورغم كثرة النداءات فلم تتلقَّ منظمة العفو الدولية رداً رسمياً إلا فى 17 مايو 2005، أى بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من طرف وزير خارجية قطر، ذاكراً أن السلطات قد فتحت تحقيقاً فى الموضوع وكأن أخبار مواطنيهم لا تصلهم رغم صغر حجم المشيخة عدداً وعدة.

تجارة البشر.. نظام «الكفيل»

تقنن قطر وتمارس نظاماً عنصرياً استعبادياً، وهو نظام الكفيل، وهى متهمة بالاسترقاق من طرف العديد من المنظمات الحقوقية؛ حيث طالبت «هيومان رايتس ووتش» بصون حقوق العمال، الذين يفوق عددهم 1٫3 مليون شخص، مما يتعرضون له من ممارسات تخالف الأنظمة الدولية، مثل ممارسة العنف الرمزى والمادى عليهم ومعاملتهم معاملة العبيد، إضافة إلى حجز جوازات سفرهم ومرتباتهم، التى غالباً ما تتآكل تحت وطأة انعدام وجود حد أدنى للأجور، ويطبق نظام الكفيل على كل أجنبى يدخل قطر للعمل، ويدعم هذا الوضع الجائر والحقير منظومة قانونية تشرع للاستعباد فى زمن الرقميات.

المئات تم تجريدهم من الجنسية وترحيلهم إلى السعودية ولم تتحدث «الجزيرة» عن الأمر

فى ضيافة «زنزانات حمد»

«فواز العطية» كان يشغل متحدث سابق باسم وزارة الخارجية القطرية، أغضب السلطات العليا فى قطر من أجل حقائق تاريخية، الرجل بحكم أنه متحدث فهو مغرم بالتراث وبالتاريخ، ينقب فى سجلاته، حتى إنه أنشأ قناة فضائية تراثية تسمى «الواحة»، النظام القطرى يحقد على المنقبين فى التاريخ لأنه يخاف باطنه؛ فـ«فيه نظر وتحقيق».

شقاء «العطية» بدأ سنة 2008 عند إصداره كتابا عن مخطوطات لجده تتحدث عن أصولهم وعلاقاتهم بعائلات وقبائل قطرية، قام «العطية» بتوزيع الكتاب داخل قطر وفى بلدان الخليج، ما ورد فى الكتاب أغضب حاكم قطر حمد بن خليفة؛ فقد ورد أنه بعد وفاة الشيخ عبدالله بن على العطية تولى الشيخ جبر بن محمد آل ثانى رعاية أبناء أخته، وعوضا عن حماية أموالهم فإنه قام بالاستيلاء عليها، طلب أمير قطر من قبيلة «العطية» إثناء «فواز» عن توزيع الكتاب وتكذيب ما ورد فيه من إهانة لعائلة آل ثانى؛ فالكتاب صورهم على أساس أنهم لصوص.

غادر «فواز» قطر متوجهاً لبريطانيا رافضاً الاعتذار عمّا كتبه، ولم يستقر ببريطانيا؛ فقد توجه إلى السعودية تاركاً زوجته وأبناءه بقطر.

فى هذه الأثناء، نزعت إدارة الملكية «منطقة الزعيم» لصالح «مؤسسة موزة»، وأمهلت السكان سنة واحدة لترك بيوتهم مقابل مبلغ مالى أمام رفض العشرات من السكان ذلك، قامت وزارة الكهرباء والمياه بقطعها عن الرافضين لإخلاء المساكن لصالح «مؤسسة موزة»، تركت هذه العائلات تتذوق العذاب فى درجة حرارة تتجاوز 45 درجة.

واعتقلت المخابرات القطرية ابن عم «فواز»، ويدعى نايف العطية، الذى تعرض، وفق منظمات دولية، لأبشع أنواع التعذيب وتهمته القيام بتوزيع كتاب فواز العطية، وبعد مدة وقع تسليم فواز العطية للمخابرات القطرية واقتادوه فى طائرة خاصة إلى الدوحة، ومنها إلى إحدى زنازين النظام وتلقى جميع أصناف العذاب.

 

الوطن المصرية