حماس” وامتيازاتها من “اتفاق أوسلو”!
تاريخ النشر : 2013-10-03 17:27

 

كتب حسن عصفور/ تحضر ذكرى التوقيع الرسمي لاعلان المبادئ المعروف اعلاميا باسم “اتفاق أوسلو” عام 1993، ويكثر الكلام والقول عنه، بعضهم لا زال حتى الساعة لم يمنح نفسه زمنا محدودا لقراءة الاتفاق بنصه الأصلي وليس بنسخ مشوهة، والتي يريدونها لأنهم لا يعارضون حبا في الوطن بل كرها في المنظمة ورمزها الخالد، وبعضهم يقيم حربا على الاتفاق متجاهلا انه دونه ما كانوا سوى مجموعات تتحدث عن العمل أكثر من الحالة التي وصلوا اليها..حماس نموذجا ساطعا لمن يتجاهل أن اتفاق اوسلو كان له الدور الرئيسي فيما هي عليه الآن من مناصب وامتيازات وأموال ونفوذ عالمي وعربي، قبل أن تبدأ تلك الامتيازان بالتهاوي نتيجة ربط موقفها الصريح بسقوط حكم الجماعة الإخوانية في مصر، واصيبت بهستريا لم تستطع أن تكظم حقدها وغيضها، فسقطت في بئر “الجريمة السياسية”، ومعها بدأت تستعد لفقدان كل “امتيازات أوسلو”..

حركة “حماس” باعتبارها لا تزال تضع نفسها الكلامي في طليعة المعادين لهذا الاتفاق، وتصفه بكل ما يحلو لها من اوصاف وتضع به كل ما تعتقد أنها تهم يمكنها النيل من الطرف الذي قام يالتوقيع عليه، وتتجاهل هذه الحركة عمدا واستغفالا للشعب الفلسطيني واقعها قبل الاتفاق، وحالها بعد الاتفاق، كيف كانت وماذا اصبحت.. فحماس تمارس عملية تضليل وحقد سياسي بلا ادنى مسؤولية نحو الاتفاق ولم تكلف ذاتها مرة واحدة بقراءة موضوعية له، من مختلف جوانبه، ما له وما عليه بشكل يخلو من الكراهية السياسية للطرف صاحب حق التوقيع عليه..

حركة حماس كانت قبل الاتفاق فصيلا اتجه لأن يكون فصيلا موازيا لمنظمة التحرير ومنذ قرر الاخوان المسلمين ان يلتحقوا بالعمل الوطني العام في فلسطين بعد مرور 22 عاما على انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة – انطلاقة حركة فتح، وبعد عشرين عاما من احتلال بقية الأرض الفلسطينية عام 1967، تشكيل  فصيل أثارت مشاركته المفاجئة للعمل الوطني والعسكري جملة تساؤلات لا زال بعضها قائما، من حيث التوقيت والدافع، وهي مسألة تحتاج الى مراجعة سياسية دقيقة لظروف انطلاقة حماس السياسية والتنظيمية، وأنها اختارت العمل بعيدا عن منظمة التحرير وهي الفترة التي شهدت أكثر من محاولة لخلق “بديل للمنظمة أو ممثل مواز يضعف شرعيتها ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني”..

أسئلة لم تجب عليها حركة حماس حتى الساعة، ولكن لنترك أسئلة النشأة والقرار ونرى السلوك العملي لها منذ تلك اللحظة لبيان سريع في نهاية عام 1987، والبيان التأسيسي العام في شباط 1988، في بداية الانتفاضة الوطنية الكبرى للشعب الفلسطينية ديسمبر 1987 أعلنت حماس عن حضورها لتبدأ فورا بتشكيل أطر موازية لكل ما بدأ العمل به من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، قيادة وطنية موحدة، قامت حماس بتشكيل قيادة موازية، جدول فعاليات وطني تعلن حماس جدولا موازيا، رسالة مبكرة لمن كان ينتظر “البديل أو الموازي”، وبدأت في اختلاق صراعات واشكاليات مع القوى الفلسطينية مرة باسم الدين ومرة بغيره، فالمهم أن تبدو أنها طرفا ليس جزءا من الحركة الوطنية القائمة..

وبعد اعلان اتفاق اوسلو اعلنت معارضتها الاتفاق في سياق معارضة مدروسة لبعض الأطراف العربية والاقليمية، وفجأة انتقلت الى البدء بالعمليات الانتحارية، فخلال مفاوضات طابا نهاية عام 1993 نفذت أول عملية انتحارية لها، وهو ما يعني رسالة مختلفة عن معارضتها، وبعد دخول الاتفاق حيز التنفيذ وقيام السلطة الوطنية على أرض الواقع وعودة الزعيم الخالد توارت حماس ولجأت للتصعيد العسكري، ما كان سببا في كسر واضعاف موقف الطرف الفلسطيني وأظهرت الراحل ابو عمار بأنه ليس الطرف الممسك بقوة الوضع القائم.. رسالة كانت مرسلة لطرف آخر ينتظر..

وانتعشت حركة حماس سياسيا وعسكريا بعد أن فشلت قمة كمب ديفيد عام 2000، وبمساعدة مباشرة من الزعيم الخالد، بعد أن ادرك ان قوى الشر العدواني بدأت مرحلة تصفية المنجز الوطني في قيام السلطة الوطنية واستهدافه شخصيا بعد فشلهم باجباره على التنازل عن القدس ومقدساتها، فكانت حربهم لتدمير مؤسسسات السلطة واعادة احتلال الضفة والقطاع، وحصار ابو عمار الى أن نجحوا بتصفيته، وهي المرحلة التي استغلتها حماس بطريقة خاصة، بعد أن شعرت أن فتح يمكن أن تزيحها من خلال انخراط فتح في عمل عسكري مقاوم، نفذت سلسة عمليات انتحارية داخل اسرائيل اكسبها شعبية في العالم العربي الذي يتوق لي عمل عسكري ضد اسرائيل، أحد تلك العمليات كانت ذريعة لحصار الخالدابو عمار، وكانت ترتبط بمحور عربي – اقليمي يهدف النيل من ياسر عرفات والمنظمة، موقف ايراني سوري صريح، وبلا شك ساعدت دولة الاحتلال بتدمير مؤسسات السطة وحصارها مقابل عدم المس باي حمساوي في حين فتحت خزائن ايران الماليه لها بلا حساب..

انتعشت حماس خلال فترة السلطة الوطنية بما فاق احلام مؤسسيها، وبعد فرض أمريكا على الرئيس عباس انتخابات دون استعداد فتحاوي بترميم نتائج العدوان، نجحت حماس في خطف نتائج الانتخابات بسبب ضعف قيادة فتح في قيادة مرشحي الحركة على صعيد الانتخابات الفردية، واستغلت حماس أخطاء السلطة خير استغلال، فكان التصويت الانتقامي فائدة لها.. ومنذ نجاحها في خطف السلطة في قطاع غزة توقفت كليا عن العمل العسكري ولم تقم باي عملية انتحارية أو غيرها، عدا مواجهة عدوان اسرائيل على غزة خلال حربي 2008 و2001، مواجهة اجبارية وليست اختيارية، توقفت عن العمل المقاوم في الضفة ومن قطاع غزة تحت اكذوبة “الظروف الأمنية” وهي التي كانت تقوم بها قبلا دون حساب..

أدركت حماس أن السلطة امتيازات لا بد من الحفاظ عليها، امتياز سياسي بدأ في هرولة دولية عليها وباتت قياداتها مطلوبة ومرغوبة من كل ناطق باللغات الأجنبية، وبعض القوى العربية والاقليمية، ساعدها جدا ارتباك موقف قيادة السلطة وغياب رؤية سياسية واضحة.. ربحت حماس وورثت كل امتيازات اتفاق اوسلو، مناصب ومسميات واستقبالات وأموال وجوازت بكل ألوانها الأحمر والأخضر.. انفتحت شهيتها دون أن يكون لها رادع.. وتجاهلت كليا العمليات العسكرية المقاومة وتحولت لحارس بوابة الأمن الاسرائيلي..

حماس التي لا تترك مناسبة لتلعن اتفاق اوسلو، وقعت اتفاق مع دولة الاحتلال يخجل منه أي طفل فلسطيني، قدمت عارا سياسيا وعلى قياداتها أن تخجل منه الى الأبد، وتعتذر للشعب الفلسطيني عن تلك الكارثة الوطنية.. حماس عليها ان تقارن فعلها “المقاوم” قبل خطفها السلطة وبعدها.. لترى كم أفادها الاتفاق وكم سرقت منه مكاسبا..

لو صدقت حماس لتعلن من قطاع غزة الغاء كل مكونات اوسلو وتبدأ بالغاء المنطقة الأمنية العازلة ووقف كل اشكال التنسيق مع دول الاحتلال الأمني والمدني، وتسحب توقيعها على اتفاق العار الوطني.. وتعتذر للشعب عن تلك الخطيئة الكبرى، وتعلن أنها ستبدأ للإنتقام من دولة الاحتلال على جرائمه ضد الأرض والمقدسات..تلك البداية لو ارادت فعلا أن تؤكد أنها معارضة للاتفاق وليست مستغلة له وسرقة كل امتيازاته ومكاسبه..

ملاحظة: لو كانت الاهانة من قناة الحقد على الشعب الفلسطيني لقائد حي أو للرئيس عباس لما استمر مكتبها في العمل يوما واحدا.. لكن اهانة الزعيم الخالد تحتاج لـ”عقلانية” الرد.. آه يا زمن!

تنويه خاص: تخيلوا ان هناك من يعتقد أنه بالامكان انجاز اتفاق سلام مع حكومة نتنياهو بعد 9 أشهر.. عاقل يحكي ومجنون يسمع..والعكس صحيح أيضا!