كان الصراع الغربي الشرقي مفتاح التواصل بينهما وكانت علامات التفرقة والهدف الرئيسي هو تفرقة الضعفاء والمتسولين العرب على موائد الشرق قبل الغرب وكانت تلك الدول العصى الغليظة على الشعوب بدعم قطبي الصراع او ما سمي آن ذاك بالحرب الباردة وكانت الصراعات على اوجها ولكن ليست على اراضيهم بل على اراضي تلك الدول التابعة لهذا المعسكر او ذاك وانصاعت زلم الطرفين وتناحرت فيما بينها وتاهت خلالها معالم الطريق العربية وتزعزعت الأواصر فيما بينهما وانقسمت الى معسكرين متناحرين سياسيا في الكثير من الأوقات وعسكريا في بعض الأحيان وهذا ليس موضوعنا ولكن لابد لهذه المقدمة لضرورتها...
موضوعنا هنا منذ البدايات كيفية واسباب ظهور القاعدة وكيف وصلت الى ما هي عليه والنتيجة المؤكدة وما ستؤول اليه الأوضاع طالما هناك محرك لهم وايضا داعم سواء كان امريكيا او اوروبيا واخص هنا بريطانيا او عربيا لهدف واضح المعالم هو حماية دولة اسرائيل بالمعنى الحقيقي للكلمة وتأجج الصراع الدائر في وطننا العربي والعالم واصبحت حكومات ودول على محك السقوط كما الكثير من الدول عربية كانت أوافريقية أوآسيوية ولمعرفة الأهداف وجب علينا العودة الى البدايات وكيفية التأسيس للقاعدة وتطور فكرها التنظيمي وطريقة انتشارها وفتح كافة السبل امامها من خلال الفراغ الأمني والانقلابات والمتغيرات العربية وانتشار ترسانة الأسلحة بدون حساب وعليه تبدأ الحكاية ولست ادري الى اين ستنتهي الرواية
البدايات ..
في العام 1988 لاح في الأفق عنوانا جهاديا جديدا خلافا لما كان متداول في تلك الآونة من حركات جهادية متنوعه كان ظهور مسمى القاعدة كعنوان جديد للتنظيمات المسلحة وكانت الفكرة الاساسية للسيد عبد الله عزام وكانت ايضا طروحاته ان طلب من اسامة بن لادن وضع قواعد معلوماتية وعمل سجلّات وكشوفات وكان ذلك نظرا لازدياد اعداد الوافدين ومن تلك الاسباب الحفاظ على حقوق الجرحى والقتلى لأن نقص المعلومات عن المتطوعين والعناصر والكوادر سوف يؤدي الى الى ضياع حقوق الاخرين لذا كان المسمى لكل تلك الكشوفات سجلأ القاعده والتي تتضمن كافى المنخرطين في صفوف ذاك التنظيم...
اثر انسحاب الاتحاد السوفيتي واغتيال عبد الله عزام في ظروف غامضة اصاب ذاك التنظيم بعض الأنفلاش والضياع نوعا ما وعاد الكثير من ابناء هذا التنظيم الى بلادهم من ضمنهم اسامة بن لادن الذي عاد بدوره الى السعودية وحاول تناسي الوضع وانشغل من جديد في اعماله المدنية كونه رجل اعمال سعودي ولكن وفي عام 1990 وخلال الغزو الامريكي للعراق تغيرت لدى بن لادن طموحاته التجارية وعاد من جديد للتفكير والعمل من خلال تواجده بالسعودية ومن خلال قراءته للواقع العربي عامة والسعودي خاصة وحالة الغليان التي كان يعيشها الشارع السعودي والمنقسم على نفسه منهم من هو مؤيد للتواجد الامريكي ومنهم من هو رافض الرفض المطلق لهذا التواجد ...
عودة فكرة القاعدة من جديد في ذهن بن لادن
نزلت الاستعانة بالامريكان والغرب نزول الفاجعة على اسامة بن لادن واعاد تواصله من جديد بالعناصر الفاعلة لدين وكان شديد الحذر من مغبّة التواصل مع الغرب وعلى رأسهم الامريكان وعمل على تخوين كل من يتعامل معهم الأمر الذي جعل الحكومة السعودية عدم الاستجابة ووضعته تحت رقابة مشددة نتيجة مطالبته بمقاطعة المنتجات الاجنبية وخاصة الامريكية واعلن محاربة التواجد الامريكي في السعودية ودول الخليج عامة واصبح يدعوا الى ذلك سرّا وعلنا الامر الذي دفعه للرحيل وعائلته خوفا من الاعتقال...
الانطلاقة الحقيقية الأولى لانتشار فكر القاعدة ...
كانت الأنطلاقة الأولى من السودان التي كانت محطته الأولى ومن خلال استقباله بالمرشد الروحي للنظام الحاكم آن ذاك والذي كانت له اليد الأولى في اعانته على الدعوة الى فكره الجديد القديم وكانت الدعوات حاضرة ومجهزة من خلال استدعائه للعناصر المقربة وعلى رأسهم ايمن الظواهري وبعض المقاتلين العرب الأفغان كما كنت تطلق عليهم التسمية في تلك الفترة وكانت تلك الانطلاقة الحقيقية لتنظيم القاعدة او كما سميت بتنظيم قاعدة الجهاد وترسخت الفكرة وتوحدت اللقاءات وكان طارق القضلي المفتاح الاول والذي طلب منه العمل على اقامة معسكرات تدريبية لهم في اليمن كونه كان ذات سلطة وجاه هناك من خلال المباحثات المراطونية بين الطرفين والتي قادها العقيد محمد مكاويالساعد الأيمن للظواهري ان ذاك والمسؤول الأمني للقاعدة...
وابتدأت حشود القاعدة بالتدفق على اليمن من كافة الأتجاهات من افغانستان ومصر والسودان وتونس وبعض الدول الافريقية ونظرا لطبيعة تنظيم القاعدة في استغلال المواقع الأكثر تفتتا واكثر انفلاشا كانت الصومال المحطة الثانية للانتشار بعد اليمن تحت مسمى مقاومة القوات الأمريكية هناك والعمل على ضرب كافة الأنظمة التي عملت على جلب القوات الأمريكية الى اراضيها وكانت فكرة ضرب القواعد الأمريكية في اليمن وكانت باكورة تلك العمليات ضد فندق جولدن مور بعدن عام 1992 والثانية الهجوم على طائرات النقل الرابضة بالقواعد الأمريكية بعدن ...
بعد تلك العمليات تم اختيار الظواهري قائدا ميدانيا للقاعدة في شرق افريقيا وانتشرت فروع القاعدة وكانت اهم عملياتها الهجوم الكبيرعلى سفاتي امريكا في نيروبي ودار السلام الامر الذي جعل اختيار الظواهري كينيا مركزا للتلاقي والتشاور مع كافة القيادات والأطر التنظيمية للقاعدة .. في اوائل التسعينات وخاصة عامي 1994 و1995 شهدت انتعاشة واضحة المعالم نظرا للجهود المضنية التي قام بها الظواهري واسامه بن لادن من خلال توحيد كافة التنظيمات الاسلامية المسلحة على مستوى العالم لكسر شوكة امريكا وفواعدها المنتشرة هنا وهناك وكانت هناك خطة مطروحة من الظواهري واضحة المعالم تتكون من ثلاثة نقاط تم تعميمها فيما بعد ..
الاولى / الاهتمام بزياد نشاط الشبكات الاسلاميه في بلاد البلقان
الثانية / الدعم المطلق للتنظيمات الاسلامية المسلحة في الصومال واثيوبيا
الثالثة / تكثيف الجهود لدى الشبكات الاسلامية في لندن وامريكا تحت مسمى
او مصطلح بناء العديد من الخلايا او كما سميت فيما بعد بالخلايا النائمة
العودة من جديد الى افغانستان ...
كان كل الطرق مفتوحة على مصراعيها لتنظيم القاعدة في افغانستان وخاصة بعد سيطرة طالبان على مقاليد الحكم هناك لتدخل القاعدة في عهد جديد من الازدهار والانتشار والقوة وازداد توافد العناصر المقاتلة من كافة الدول العربية وكانت افغانستان قبلة كافة المضطهدين في بلادهم وما اكثرهم نتيجة الأضطهاد والقمع المكثف من قبل انظمة تلك الدول وكانت القاعدة ومن خلفها طالبان تفتح ذراعيها بكل حب ومودة لاستقبال تلك الوفود ونظرا لهذا التوسع المفاجء والكبير ونظرا لتعدد الجنسيات وكثرتهم كان الاقتراح على تشمل دعوة القتال الامة الاسلامية برمتها وتعددت الافكار وكان اخطرها وجوبية نقل المعركة الى اراضيهم وخاصة امريكا ومن والاها...
وبدات معالم القاعدة بالظهور والانتشار في عالمنا العربي وخاصة دول شمال افريقيا من الجزائر الى ليبيا الى تونس الى مصر وكان لها الدور الكبير في ارسال المقاتلين الى افغانستان وايضا بناء العديد من الخلايا النائمة وضم الكثير من الالوية الجهادية تحت لواء القاعدة او تحت مسماها وكانت البؤرة الكبرى في العراق مفتاح التلاقي من جديد كقاعدة ثانية لهما بعد افغانستان وايضا الجزائر وجبالها كانت المأوى الثالث لانتشار القاعدة والتمدد من خلالها الى تونس وليبيا ...
ومن خلال ما تقدم انتشرت مراكز تدريب وتأطير عناصر القاعدة التي اثبح انتشارها ملفتل للنظر واصبح عائقا او ربما مساعدا للمخططات الامريكية في المنطقة واصبحت القاعدة هي القوة الاكثر تاثيرا في العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي او ربما اصبحت القطب المواجه والموازي لامريكا من حيث التأثير الدولي والتأثير الفعلي على الارض من حيث القوة والانتشار سواء في الدول العربية او الغربية او الافريقية او الاسيوية الامر الذي جعلها فكرة يقتدى بها ولم تعد تنظيما مترابط الاطراف ...
وعكس ما كان متوقعا من انكماش وانهيار لتركيبة القاعدة وعناصرها بعد الحادي عشر من سبتمبر والهجوم الغربي وما نتج عنه من مضايقات ومطاردات لعناصرها واعتقالات كان للربيع العربي الانتعاشة من جديد للقاعدة وازداد نشاطها وتعددت فروعها وطالت شوكتها واصبحت قوة عظمى يحسب لها الف حساب ربما كانت لمصالح اهل المتغر في هذا الوطن او ربما كانت طلائع القاعدة تتوجت وتوضحت معالمها في ليبيا كأرض للدعم والانطلاق الى ذاك الأفق الشاسع او الابواب المتعددة والمشرعة وتكونت من خلالها عواصم لهذا التنظيم انطلاقا من بغداد الى ليبيا الى تونس الى سوريا لتعود مجددا الى اليمن ومن ثم مصر والعواصم تلبي مطالب قادتها ...
ليبقى التساؤل وخاصة بعد الربيع العربي هل القاعدة اصبحت فعليا الدولة العظمى الثانية بعد لاامريكا وقبل اسرائيل
لكم الاجابة ولنا الانتظار والبحث في بواطن الزمن
الكاتب عطية ابوسعده / ابوحمدي