تداعيات تغلغل التكفيريون في المخيمات
تاريخ النشر : 2014-02-06 01:08

تشهد الساحة اللبنانية صراعا مفتوحا من خلال لبوسها ثوب العمليات الارهابية ضد مراكز وقيادات تياري 8 و14 آذار وغيرها من القوى السياسية الناشطة على الساحة، بهدف تعميق الهوة والانقسام بين الكتل والقوى المختلفة، والحؤول دون خروج لبنان من دوامة العنف والعنف المضاد، مع إمكانية صب الزيت على الجمر المتقد تحت الرماد.

وللأسف ان المخيمات الفلسطينية ليست بعيدة عن تلك النيران، لا بل ان العديد من القوى الدولية والاقليمية والمحلية، تعزز وجودها عبر تفريخ جماعات تكفيرية داخل المخيمات، لا تقتصر عند حدود جماعة "فتح الاسلام" و"عصبة الانصار" و"الاحباش" و"انصار الشام" وجماعة "احمد الاسير" بل دفعت ب"داعش" و " القاعدة" وفرعها "النصرة"، وذلك لتخوض حروبها بالوكالة ضد خصومها. ولعل الهدف المعلن والابرز من عملية تفريخ الجماعات التكفيرية ذات الخلفية "السنية"، هو محاربة "حزب الله"، وتقليم أظافره ليس في المخيمات ، انما في المناطق المحيطة بها، فضلا عن إستخدام عناصر تلك الجماعات في تنفيذ العمليات الارهابية،  وما كشفت عنه العمليات الارهابية، التي تمت ضد مراكز ومؤسسات حزب الله في الضاحية الجنوبية، تشير إلى ان بعض العناصر كان من التابعية الفلسطينية، الذين إرتبطوا بتلك الجماعات وبحركة حماس على حد سواء، رغم نفي قادة الحركة في لبنان اي صلة بهم.

وإذا إفترض المرء، أن الهدف المعلن ، هو حزب الله والنظام السوري وامتدادته وإيران ومصالحها في لبنان، فإن الاهداف الابعد والاخطر، تكمن في العبث بمصير المخيمات الفلسطينية جميعها في لبنان من الجنوب إلى بيروت إلى البقاع إلى الشمال، لاسيما وان عناصر تلك الجماعات التكفيرية، باتت موجودة فعلا في مخيمات عين الحلوة والمية ومية والرشيدية وبرج البراجنة وشاتيلا والبقاع والبارد والبداوي، لوضعها على مقصلة التصفية والتهجير والترحيل مترافقة مع ما يطرح من افكار أميركية وإسرائيلية واوروبية ووغيرها من اهل المنطقة العربية بإسقاط حق العودة، وشطبه كليا.

ومن يعود لحرب وأهداف مخيم نهر البارد أيار 2007، التي لم تنتهي ذيولها حتى الان، يدرك، ان تلك الحرب المسعورة، إستهدفت تصفية المخيم وتهجير ابناؤه، لكن تلك الاهداف لم تنجح تماما. مما إستدعى من قوى الشر الاسرائيلية والاميركية ومن يسير في فلكهم من العرب إعادة إستحضار السيناريو بادوات جديدة / قديمة، هي الجماعات تكفيرية، التي تدعي زورا وبهتانا، انها تريد الدفاع عن المخيمات والقدس والمقدسات الاسلامية، من خلال ضرب حزب الله وسوريا النظام والنفوذ "الشيعي". غير ان المخيمات والمقدسات وفلسطين والدين الاسلامي براء من تلك الجماعات، لانها ليست أكثر من أداة تدمير وتمزيق لوحدة ابناء الشعب الفلسطيني في لبنان، ووضعهم في "بوز المدفع"، للعب دور الوكيل عن القوى المستهدفة الوجود الفلسطيني، وضرب دوره الحيادي الايجابي، الذي شقه الرئيس محمود عباس، للنأي بالمخيمات وابناء الشعب عن اي منزلقات خطرة تمس سيادة وإستقلال لبنان. هناك اهداف اخرى، مازالت مطروحة، منها إقامة قاعدة عسكرية اميركية في القليعات القريبة من طرابلس، المتاخمة للحدود السورية اللبنانية؛ وحماية أمن إسرائيل.

الخطر الداهم والجاثم على المخيمات وفي قلبها، يحتاج إلى تحرك فلسطيني سريع من قبل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، تتمثل في اولا تعزيز دور ومكانة حركة فتح في المخيمات عبر أليات مغايرة لما هو قائم الان، وبالتالي تعزيز وتكريس وجود منظمة التحرير وفصائلها والتصدي لتلك الجماعات التكفيرية، ودحرها من المخيمات كلها، والتبرأ منها ومما تمثل، وعقد اتفاقات مع الدولة اللبنانية والقوى المتضررة من تلك الجماعات لبلورة عمل مشترك لتصفية ممثليها ومراكزهم وتجفيف نفوذها نهائيا، وحماية العلاقات الاخوية مع الشعب اللبناني بقواه ومشاربه المختلفة، وتعزيز مكانة الدولة اللبنانية، ولكن دون بقاء دبابات جيشها على بوابات المخيمات تحاصرها، كأنها سجون.

[email protected]